بعد صدور العدد صفر من مجلة “مرايا” خلال شهر آذار في العام الجاري صدر العدد الأول منها والخاص بشهر نيسان، وهي مجلة شهرية سياسية ثقافية عامة تصدر عن “المؤسسة العراقية للدراسات الاستراتجية” وقد تصدرتها كلمة العدد التي كتبها رئيس مجلس الأدارة ورئيس التحرير “سلام عودة المالكي” وكانت بعنوان ” نهاية فوكياما” ناقش فيها نظرية”فرانسيس فوكياما” التي وردت في كتابه ” نهاية التاريخ” التي عدها في حينه بعض الباحثين الأمريكان بمثابة (مانفستو)اللبرالية الجديدة-الأمريكية تحديدا- بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتشرذم ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي، ودخول بعض دوله في حروب قومية وحدودية ، وتحول النظام الرأسمالي الأمريكي(المتوحش)إلى قطب عالمي وحيد لا ينازعه في العالم منازع آخر- خاصة بعد حرب الخليج الثانية- على مستوى السياسة والاقتصاد والعسكرة و حتى على المستوى الأيدلوجي. وأكد رئيس التحرير ان “فوكياما لم يعتمد قوة المحاججة الرصينة بل كان كتابه استعارات مما سبقه من مناهج ونظرات فلسفية ، دون اعتماد النظر النقدي لها ، بعد ان عبر الزمن بها وبأطروحاتها وتم الاقتصار على مناهجها فقط ، حيث تم لوي عنق تلك المناهج على ما أطلق عليه بـ( قوة الوقائع الأمريكية في لحظة التسعينيات) وها ان الواقع الراهن يكشف الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد الأمريكي والعالم الرأسمالي وبدأت أمريكا تتدحرج اقتصاديا بشكل مريع تاركة خلفها وفي الولايات الأمريكية ذاتها ملايين العاطلين والمشردين والذين يزدادون يوميا . و تساءل المالكي مالذي سيقوله فوكياما ذاته حول ماحصل في أمريكا، ذاتها ؟ مؤكدا ان لاثمة نهاية للتاريخ بل ان النهاية هي لمن ينطلق من منطق وحيد الجانب، مؤسسا عليه وقائع معزولة عن حركة تطور المجتمع البشري والذي هو مَن يصنع التاريخ لا العكس. وخصت المجلة زلزال 9 نيسان 2003 وسقوط النظام البعثي الدموي بملف خاص ساهم في كل من الكتاب محمد عطوان ببحثه عن” إسدال ستار الصدامية اختبار عملي للهوية العراقية” والإعلامي عبد الكريم العامري بمقال بعنوان ” يوم ابتهاج الفردوس”وساهم الكاتب جاسم العايف ببحث عنوانه “ستة أعوام على سقوط النظام البعثي واحتلال العراق”كما كتب السياسي سلام عودة المالكي مقالا بعنوان”6 سنوات على حرب تحرير العراق وست تسميات لها”و ساهم الكاتب احمد صحن ببحث بعنوان ” التاسع من نيسان ، سقوط تجربة لا دولة”. وفي حقل أراء وأفكار كتب كاظم فنجان الحامامي عن “اسرار الأول من آيار”وكتب الباحث علاء العيسى حول” المثقف والمهمة المعرفية”واستضافة “زاوية وجهة نظر” الصحفي والإعلامي ” كاظم الزهيري” في ” تساؤلات لابد منها”، اما في التحقيقات فقد كتب الصحفي عادل شهاب عن “المشاتل بصفتها ثروة وجمال”، والصحفي عبد الودود الديوان كتب عن ظاهرة” صيدليات الأرصفة”. وفي مرايا ثقافية تناول المحرر الثقافي مسألة”وعود الثقافة لعاصمة العراق الثقافية” و ثمة “نافذة صغيرة..لحلم كبير” قصيدة للشاعر علي نوير وساهم الناقد التشكيلي “هاشم تايه ” في مقال بعنوان “الإنسان والواقع في معرض فني” تناول فيه المعارض السابقة لـ ” جمعية التشكيليين العراقيين في البصرة” التي كانت بعنوان “الإنسان والواقع” و اخرها معرضها في آذار الماضي واشترك فيه عدد كبير من أعضاء الجمعية ، و ساهم” القاص رمزي حسن” بقصته “ليلة تنفيذ الحكم “وفي صفحات فنون كتب “حافظ تومان” مقالا بعنوان” نصوص تحت الطلب”. و في صفحات حواء ثمة مقال عن الشهيدة آمنة الصدر (بنت الهدى ) ونشاطاتها الفنية والأدبية والدراسية ، اما في مال واقتصاد فكتب كرار المنصوري عن” المشكلة الاقتصادية في فكر السيد محمد باقر الصدر..حلول ونتائج”وثمة مواضيع في علوم وتكنولوجيا وفي الرياضة و دراسات أخرى تناولت مسألة هجرة الكفاءات العراقية وأطفال الشوارع والموقف من البعثيين وقمة الدوحة العربية اللاتينية. وفي الصفحة الأخيرة فوتو كتابة للفنان “هاشم تايه”. ويمكن القول ان صدور مجلة “مرايا” والتي يشرف على تصميمها الفنان ” محمد العامري” يعد مسألة مهمة في إشغال فراغ البحث السياسي والثقافي والفني الذي يسم المحافظات العراقية حاليا من ناحية تركز اغلب المطبوعات وصدورها كالعادة في العاصمة. ومجلة”مرايا” بطباعتها الملونة و في البصرة ذاتها و فيما إذ استطاعت ان تستقطب جميع الطاقات الفكرية والثقافية والبحثية والتي تتميز بها البصرة بالذات وباقي المدن العراقية والانفتاح عليها بحرية ومسؤولية وطنية عراقية ، فأنها ستسهم في كسر هيمنة المركزحاليا وتدفع بالهامش لان يأخذ مكانه الطبيعي كونه صانعا لمجد المركز ذاته.