حاوره: حسين علي غالب :
في الموصل أم الربيعين مؤسسات مجتمع مدني كثيرة تهتم و تختص بالثقافة و الأدب و من أهمها المركز الثقافي الكوردي الذي يشرف عليه خديدا شيخ خلف حيث يشكل هذا المركز منطلق لنشر الثقافة و الأدب الكوردي في هذه المحافظة العراقية العريقة و لما يشكله هذا المركز من أهمية أجريت هذا الحوار القصير مع الأستاذ خديدا شيخ خلف.
* أستاذ خديدا شيخ خلف اهلا و سهلا بك نسألك في البداية عن المركز الثقافي الكوردي متى تأسس و ما هي نشاطاته ..؟
— بزوغ شمس الحرية والسلام على ربوع البلاد في التاسع من نيسان من عام 2003 وخصوصا على محافظتنا الحبيبة نينوى والمناطق التابعة لها حيث تحرر الشعب العراقي خلاله من أبشع حكم دكتاتوري قد احتكر السلطة والثورة لفئة واحدة طيلة 35 عام استبشر بالخير وبفجر جديد لاحت تباشيره في الأفق وبعدها انفتحت العقول والقلوب وانطلقت الأقلام و الأنامل المبدعة لتعبر عن كل ما كان مكبوتا لعقود من الزمن و بدأت أمال مكونات و أطياف الشعب العراقي تطفو على السطح وصار الكل يفكر بتحقيق إهدافة وغاياته ومن هذه الشرائح سعت الشريحة المثقفة من أبناء الشعب الكوردي ضمن حدود محافظة الموصل لتنشئ عدد من الجمعيات والمنظمات الإنسانية و المراكز الثقافية وانتشرت المنابر والصروح الثقافية لتضئ طريق المستقبل ومن أبرزها صرح ثقافي قومي ينضوي تحت لوائه جمع من المثقفين يعد معبرا حقيقيا عن تطلعات و أمال الشريحة المثقفة التي تعتبر عماد المجتمع و أساس بنائه ،أشرق بأنواره القزحية حاملا أهداف وهموم هذه الشريحة التي ذاقت الأمرين من أيدي الحكومات والأنظمة التي توالت على حكم العراق بالحديد والنار واضعا نصب عينيه أهدافا قومية وثقافية يسعى من ورائها إلى نشر التراث والثقافة الكوردية ومحو أثار سياسات التعريب والشوفينية ،وتلاه في التاسع والعشرين من كانون الأول من عام 2004 انعقاد مؤتمره التأسيسي على قاعة ل ن باشيك في بعشيقة بحضور جمع كبير من الأدباء والمثقفين من كل صوب وحدب وانتخبت هيئة إدارية له شاركت فيها نموذجا منوعا من كل المكونات الكوردستانية ،وبدا بتقديم نشاطات مختلفة وبتواصل حسب نظامه الداخلي ومن خلال رسالته القومية و الإنسانية أبرزها تقديم الندوات و السيمينارات و الأمسيات الشعرية والمهرجانات الفنية والثقافية والمعارض التشكيلية والصورية وتكريم كوكبة من المثقفين و الأدباء والفنانين وفتح دورات تعليم اللغة الكوردية و إحياء المناسبات القومية والوطنية وفضلا عن استضافة شخصيات مبدعة في المجال الثقافي و الإعلامي أبرزهم (زهير كاظم عبود وبشار كيكي وعبد المنعم الاعسم وكفاح محمود وبدل رفو و شمدين باراني وشيخ موس وه رميلي و عبدالغني علي يحيى و خسرو كوران ).
* يلقى اللوم دوما على المثقف و وسائل الإعلام و مؤسسات المجتمع المدني الكوردية لأنها لا تقوم بالتعريف بالثقافة و الأدب الكوردي فما هو ردك..؟
— هنا يعتمد الآمر على القائمين على إدارة إعمال ونشاطات تلك الصروح الثقافية حيث تستغل بعض المراكز نثريتها لخدمة خاصة و إما نحن نقدم نشاطات مشهودة و واضحة يحضرها عدد كبير من المسئولين والشخصيات الثقافية والاجتماعية وممثلي الدوائر الحكومية والحزبية تصب في المصلحة العامة وخدمة التراث والثقافة الكوردية حيث وضع و موقع مركزنا الحساس الذي شهد على مر سنين طويلة مسرحا للسياسات الشوفيني و التعريبية والعمليات الإرهابية وخنق الحريات وسلب الحقوق والتي تركت آثارا سلبية تراكمت على أكتافنا و أصبح علاجها من مسؤوليتنا .
* هل يشكل المركز جسر للربط بين مثقفي محافظة نينوى العرب و المثقفين الكورد المتواجدين بالمحافظة و في إقليم كوردستان أيضا ..؟
— نعم هذا من صلب أهدافنا ونشاطاتنا حيث نوجه من خلال نشاطاتنا على تمتين العلاقة الأخوية والتاريخية بين الكورد والعرب ولن يستطيع احد أن يخلق الحواجز والفوارق ولن يزرع بذور الفتن والفرقة بين قوميتين متآخيين والتزام مبدأ الحوار وتبادل الرؤى وان التاريخ الحديث والقديم يشهد بمواقف و بأصالة ومتانة الارتباط بينهما على هذه الأرض والجميع يسير في قافلة واحدة متحدين الإرهاب وكل من يعترض المرحلة الديمقراطية و الفيدرالية ونؤكد على إذكاء روح التسامح ونشر الثقافة التسامحية من اجل المحافظة على هذه العلاقة التاريخية العريقة ، وفضلا عن ذلك نؤكد على تنفيذ المادة الدستورية 140 وتثبيت الهوية الكوردستانية لأبناء المناطق التي تشكل القوس الكوردستاني المحيط بمدينة الموصل.
* ما هي أخر النشاطات التي قام المركز بها في الفترة الأخيرة..؟
— بالنسبة إلى آخر نشاطات المركز تركزت في بداية العام الدراسي على توزيع الأدوات القرطاسية و اربطه على طلاب الدراسة الكوردية وتكريم الطلبة المتفوقين لهذا العام .
* من أين يحصل المركز على التمويل و الدعم ..؟
— يتمتع المركز بشخصية معنوية مستقلة ويتلقى دعما ماديا من وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كوردستان حيث يتقاضى نثرية قدرها مليون و خمسمائة ألف دينار شهريا.
* ما الذي يطمح إليه المركز من تحقيقه في المستقبل ..؟
— يطمح المركز إلى تحقيق اهدافة المنشودة و بالإضافة إلى توسيع نشاطاته ويعد جسرا للتبادل الثقافي و الأدبي بين مكونات المجتمع والعمل المشترك وباعتبار محافظة الموصل تعد من المحافظات الكبيرة من ناحية الكثافة السكانية وتحتضن اثنيات وقوميات واديان ومذاهب مختلفة وخاصة مكونات كوردستانية جمة ،ويعمل في ظروف استثنائية حساسة يطمح إلى زيادة النثرية والارتقاء بالواقع الثقافي وتقديم كل ما هو أفضل للبناء والرقي والازدهار و لإقامة مهرجانات فنية بمستوى حجم المنطقة وليضاهي مهرجان الربيع الذي كان يقام سنويا في الموصل ويعد هذا المهرجان من أقدم و أروع المهرجانات على مستوى العراق والمنطقة ويذكر أن الأشوريين والبابليين كانوا يقيمون مثله وفي نفس الزمن واحتفظت به مكونات المجتمع الموصلي بكل اطيافة مكوناته وكما نطمح إلى افتتاح مؤسسة أو معهد لتعليم اللغة الكوردية التي تعد لغة الأم واللغة الكوردية في هذه المناطق تعرضت للتهميش والانصهار والتعريب.
* نعرف أن الثقافة و الأدب متنوعة فهل تشعر بأن المركز غطى كل الجوانب الثقافية و الأدبية ..؟
— كما ذكرت أعلاه إننا بحاجة ماسة لدعم مادي اكبر لتقديم نشاطات فنية وثقافية بشكل أوسع بمستوى حجم المحافظة وتاريخها الزاخر بالمفاخر و المآثر وما تحتضنه من المكونات الكوردستانية المختلفة وما تتطلبه المرحلة من نشاطات استثنائية مكثفة من اجل الارتقاء بالواقع الثقافي للمنطقة ،كلا ليس راضيين بهذا المستوى و بهذه النثرية التي نتقاضاها شهريا وكذلك نطلب من وزارة الإعلام منح مثقفي المنطقة الذين يعدون كواكب مضيئة في رحاب الثقافة والإعلام بمنحتها ومكرمتها أسوة بمثقفي المحافظات الكوردستانية الثلاث.
* الإرهاب يطل بوجهه القبيح بين فترة و أخرى على كل العراق فهل الوضع الأمني أثر على جهودكم..؟
— نعم الوضع الأمني يؤثر سلبا على وضع المركز من ناحية تقديم النشاطات وطموح المركز الذي لا ينسجم معه وفضلا عن ما تتمتع به اغلب المناطق الكوردستانية من امن واستقرار تسير الأمور فيها على ما يرام ويتم تقديم ما بوسعنا أما بالنسبة للمناطق الأخرى التي يهيمن عليها الإرهاب داخل المدينة والتي تعد مسرحا للاغتيالات والملاحقات من قبل المجاميع الإرهابية فنعدها من المناطق المحرومة من المشاريع الثقافية والحضارية والتي تفتقر لأبسط النشاطات الثقافية و الأدبية.
* أستاذ خديدا شيخ خلف تحدثنا كثيرا عن المركز فهل من الممكن أن تزودنا بمعلومات عن شخصكم الكريم ..؟
— أنا خديدا شيخ خلف من تولد 1960 من شيوخ الطريقة الشمسانية أبصرت النور في بلدة الزيتون والسلام بعشيقة وترعرعت في ربوعها و أنهيت دراستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها ثم انتقلت إلى معهد الصحة العالي في الموصل فرع الإحصاء عام 1981-1982 وفي مقتبل عمري عام 1980 تسلمت إدارة وتدريب فرقة بعشيقة للفنون الشعبية وشاركت الفرقة بإبداع و تألق في اغلب مهرجانات القطر أبرزها مهرجان الربيع في الموصل وبابل، وزرت سوريا ومكثت فيها مدة سنة كاملة عام 2001 ومكثت في اسطنبول في تركيا ثلاثة أشهر وحصلت عام 2008 على شهادة عضوية من الصحافة الكوردستانية فرع دهوك وشكر وتقدير من عدد من منظمات المجتمع المدني وكتبت في كثير من الصحف والمجلات العربية والكوردية وعلى المواقع الالكترونية و تسلمت إدارة المركز الثقافي والفني في بعشيقة عام 2005وعملت كمذيع ثم مدير المحررين والمذيعين في إذاعة نينوى المتآخية خلال المدة 2008 -2011 وخلال الأعوام 2006- 2012عملت كمراسل في إذاعة صوت كوردستان وقدمت كعريف حفل في عدد كبير من المهرجانات والمؤتمرات و الأمسيات الثقافية والشعرية والنشاطات الأخرى وكان آخرها مهرجان الثقافة الايزيدية في بغداد ومؤتمر وزارة التربية والتعليم قسم التربية الكوردية الذي أقيم في بعشيقة .
شكرا للأستاذ خديدا شيخ خلف على هذه المعلومات المهمة و المفيدة و التي فادت القراء و نتمنى أن نلتقي بك مرة أخرى