ها هو ذا عام 2013 يرحل بهدوء تاركا صخب أيامه وكوابيس لياليه، يرحل بعدما اقتطف منا أرواحا مثل زهور الصباح، وخلف أيتاماً وأرامل ومشردين، ها هوذا يرحل بعدما داست أحذيته فوق أجسادنا المتعبة، وحزت سكاكينه رقاب وطن ما زال يتلوى، ها هوذا يرحل بعدما ترك بطوناً جائعة وأخرى متخمة، بيوتاً مظلمة وأخرى منعمة، جيوباً ممزقة وأخرى منتفخة بالحرام.
كم من الاعوام نعد كي نصل اليك أيتها السعادة، وكم من الايام ننتظر كي نقطف ثمارك ايها الفرح، لعمري أن ما ضاع من أعمارنا لا يمكن استرداده ما دام هناك ذئاب تتربص وكلاب تنبح وذيول تتأرجح.. ما دام هناك عقول متحجرة وقلوب متصلبة وأرواح ممسوخة، ما دام هناك أغبياء يتسلقون مثل الأيبوميا بالرغم من أنها أجمل شكلا منهم، وما دام هناك من يزرع الشوك والموت في الطرقات. هو زمن الاغبياء والمتسلقين.
ها هوذا عام 2013 يرحل، لا نريد ان نودعه بعدما أجبرنا على توديع احبة لنا، لا ناسف عليه مثلما اسفنا على صحبة كرام غادرونا، لا نحمله شيئاً سوى الأعباء التي خلفها، لست متشائماً مما قد يجيء إلا أن القادم قد يخرج من رحم العام الذي مضى، رحم لا يعرف إلا لغة الموت والدم والخراب، رحم خرب لا ينمو فيه إلا أجداث ماض كئيب..
لا أقول لك وداعاً، لأني لا احبك، أيها العام الخرب، خذ معك أيامك ولياليك، خذ كل الانكسارات التي صنعتها بيديك، خذ كل اللؤم الذي فيك، خذ كل طيشك وسويعاتك السوداء، خذ إزميلك وسكاكينك وسراويلك البالية، خذ وجهك المتسخ بحرائقنا، خذ يديك الملوثتين بدمنا، خذ عجيزتك التي ما سترتها يوماً..أنا لا أحبك.
لم أقل لك أنك أذنبت بل أقول أنك الذنب كله، لم أقل لك أنك اخطأت بل أقول أنك الخطأ كله، لم أقل لك انك تجاهلت فرحنا بل أقول أنك الجهل بكل ما يحتويه، لم أحزن لفراقك ففيه سعاداتنا..
أيها العام الخرب ماذا أخذت منا، وما الذي اعطيته لنا، أخذت أمننا ومنحتنا الخوف، أخذت فرحنا ومنحتنا الحزن، أخذت ابناءنا وأعطيتنا قبوراً نيئة، أخذت أحلامنا وأنزلت علينا الكوابيس، أخذت صبرنا ومنحتنا التيه في زواياك، أخذت طيبتنا ونشرت لؤمك في كل الطرقات، اخذت نهاراتنا وخيمت علينا بظلامك..
والآن، لم يبق إلا أن اقول ما قاله اهلنا بالأمس: (روحه بلا رده)!