
فـــي تلك الأيام العصيبة من الثورة الفرنسية تم رفع العلم ثلاثي الألوان في نوتردام باريــــــس ودار البلدية, لقد غزاها المتمردون, قال الملك لزوجته مجيبا على تساؤلها ألا تعرفين مـاذا يريدون؟ إنهم يريدون الخبز” ولكـــــن اتـــــضح فيما بعد, غير ذلك يبدو إنهم يريدون الحرية ” هذه اللوحة تمثل إحدى المصادر لهذه الأيــــــــام الثورية، تم رسمها سنة 1830 ,يمكننا رؤية ضحايا بين قتلى و جرحى لقد كانت مجـــــــموعة متنوعة الخلفيات الاجتماعية يمكن ملاحظتها من خلال المظهر و الملبس .
تحت قيادة فتاة شابة، رمز للحرية ,عاريـة الصدر , علم و بندقية في يديها، بجانبها بائع صحف، طفل من الضواحي هكذا وصفه فيكتور هوغو في كتابه” البؤساء” . و برجوازية تتلخص في صورة ذاتية لرسام هذه اللوحة ديلاكروا المنحدر من عائلة ثرية .
بناء اللوحة هرمي، حيث ترتفع الأجسام من المقدمة إلى العلم بما في ذلك الأحمر الذي يتوهج في منتصف هذا الجو من الألوان الدافئة. وقد عرض العمل في صالون عام 1831 اللوحة على حد سواء هي رسم للواقع و تحمل دلالات رمزية قوية هي كذلك لوحة للتاريخ وصورة للحدث. امرأة من الشعب هي رمز للحرية , المقاتلين، العمال، الحرفيين، البرجوازيين، أطفال الشوارع… تمثل جميع أطياف الشعب المسلح. في مزيج من الواقعية والمثالية إنها تفيض بالبطولة، هي لوحة ثورية مناضلة يرى المتلقي الأفق في الخلفية مرتفع نسبيا، ويقع على الثلث العلوي من العمل الفني . الشخصيات كلهم رسموا من جهة الأمام الفتاة الشابة والطفل موجودون بالقرب من نقطة التلاقي العلوية من اللوحة نقطتي التلاقي الطبيعية و لا ننسى قوة اللمسة في المقدمة لجثث القتلى .
الجزء الأكبر يتجه نزولا من اليسار إلى اليمين في إنقاص من قوة الحد الفاصل بين منطقة مظلمة وضوء مجال العمل. يتم تمييز حركتين في اللوحة: حركة وهمية من منطقة مظلمة إلى منطقة واضحة، و كذلك حركة صعودية نحو العلم والنور وتشير الخطوط التوجيهية في اللوحة إلى تشكيل هرمي. القتلى يشكلون القاعدة ,بندقية ديلاكروا وموقف بائع الصحف يشكلان الجانبين. الحرية هي في قلب هذا اللوحة .
الشابة ترفع العلم والبندقية في يدها تنظر للوراء. وتدعو الشعب لإتباعها. نحس بأنها لوحة مناضلة بامتياز ببساطة رمز الحرية يتطلب الكثير. تم شراء هذه اللوحة من قبل الدولة في عام 1831 طفل الشوارع هذا مؤكد أنه من البؤساء،يحمل مسدسين في يديه يتقدم دون خوف، والتعبير على وجهه يظهر حماسه واستعداده.
أما الأخر فيرتدي قبعة وبندقية في يده إنه ديلاكروا لقد رسم نفسه إلى جانب الحرية. أنه يرمز للبرجوازية، يمكن تحديدها من خلال ملابسه، والفنان هو من عائلة ثرية، وكان والده دبلوماسيا ومحافظ. مثل صديقه جيريكو , ديلاكروا هو تقدمي، متحمس للعدالة و متيم بالحرية المشهد يحدث على كومة من الجثث في المقدمة يعطي بعد درامي إضافي إلى اللوحة نور يأتي من خلف المشهد مباشرة وراء العلم. يساعد على تسليط الضوء على العلم والفتاة ، رمز الحرية. هذه الزوبعة من الضوء هي على الأرجح نتيجة لإطلاق النار لكنها تضيء السماء كما لو كانت الشمس ترتفع وراء مجموعة من الشخصيات وهم يمشون الألوان المستخدمة لرسم اللوحة على كروماتولوجيا الألوان تظهر الانسجام بين الألوان الدافئة و قليل من الألوان الباردة .
عبدالإله بوبشير, فنان تشكيلي و باحث – الجزائر