الإعلام الحكومي متهم بتضييق فسحة الإبداع الإعلامي بجميع فنونه المقروءة والمسموعة والمرئية ، مع أننا خرجنا من معطف هذا الإعلام حين كنا نحلق بأجنحة صغيرة غضة لا تقوى على الطيران في سماء الإعلام وأجوائه الرحبة .
خلال زيارتي جامعة البصرة أهداني الزميل والموظف في إعلام الجامعة عماد كامل ثلاثة أعداد من مجلة شواطئ التي تصدر عن إعلام الجامعة ، تصميم جميل وطباعة أنيقة ومواضيع جدّ شيقة مع أن بعضها أخذ شكل طابع أكاديمي (السهل الممتنع ) إذا صح التعبير لهذا الوصف.
وجدت في شواطئ هي أقرب للقارئ المتلقي من المسؤول وأحيانا ابعد من المؤسسة التي تصدر عنها.
أفرحني هذا التوجه الجديد في مخاطبة القارئ من نافذة المؤسسة ،مع وضع تقرير صحفيّ هنا وتحقيق هناك تتوزع بين طيات المجلة عن الجامعة ،بدون إرغام القارئ على (تناول نوع واحد من المائدة ) يعني دخلنا للقارئ من باب رغبته بالقراءة والمتعة ،ووضعنا أمامه طبقاً من المقبلات لنفتح شهيته على قراءة شيئاً من هنا وهناك عن المؤسسة دون أن يدري أو لا يدري ،وهذا ذكاء جميل يحسب لهيئة تحرير المجلة.
وجدت بين العدد الرابع من المجلة والعدد الخامس مسافة زمنية ثلاثة أشهر وهذه تبدو استراحة العطلة الصيفية ،وهذا يسجل عليهم وليس لهم ..لأنهم تركوا المتلقي الذي خارج أسوار الجامعة ، ونظام صدور المجلة شهري واعتقد أن هذه مسافة زمنية أيضاً كبيرة، كنت تمنيت أن تكون أسبوعية أو نصف شهرية ، وهذه الأمنية قد تقف أمامها عقبة التمويل والتحرير، حيث ما زلنا نعاني أزمة محررين صحفيين و (هذا شكّل نقطة خلاف في حوار جانبي بيني وبين الزميل والأديب حيدر الأسدي وهو إعلامي أيضاً في جامعة البصرة سنناقشه في مجال آخر).
العدد الرابع ضمّ عدداً من المقالات والتحقيقات الصحفية كانت صورة الغلاف لا توحي للمطبوع أنه يصدر عن مؤسسة بشكل مطلق إنما خاطب ذائقة المتلقي عموماً ،وهذه بادرة جميلة.
تضمن الغلاف موضوعين وصورة غلاف جانبية عبارة عن نصب وتماثيل وصورة للمرحوم الشيخ احمد الوائلي وموضوع عن سيرته العلمية وصورة وموضوع للأديب الراحل محمود عبد الوهاب وموضوع عنه بعنوان (الحالم يتسلل إلى مخيلة العالم) وصورة للروائية الفلسطينية أماني أبو رحمة ولقاء معها ، وحوار رئيس عنوانه الدكتور النعمة :ماضون نحو تحويل جامعاتنا إلى منتجة (كنت تمنيت أن تذكر صفة النعمة الرسمية حتى يكون واضحاً للقارئ الآخر من خارج الجامعة ،قبل أن يدخل في طيات المجلة)، وعنوان آخر تصدر الصفحة الأولى بشكل متواضع بدون تضخيم وهو مقال لرئيس الجامعة ثامر احمد حمدان (الجسم السليم والعقل السليم بالتغذية)و (هذه تسجل لهيئة التحرير)
العدد الخامس غلاف ملون بالورد وتدخلت به (تكنولوجيا الفوتوشوب) تصدر الواجهة صور شخصية وعنوان (الحمداني) : تعليق الدراسات المسائية قرار صائب.. ولا توسعه في خطة قبول طلبة دراسات عليا هذا العام (أعود إلى ملاحظتي السابقة من هو الحمداني؟ وما صفته؟ وعن أي كلية يتحدث..؟ شخصياً توقفت لحظة وساعدتني معلوماتي عن الحمداني أنه عميد كلية الفنون الجميلة ومكلف حديثاً بالمنصب.
ثم عنوان رئيس آخر (الشيخ القرشي ..العراقي الوحيد الذي خصص له جناح بمكتبة الكونغرس الأميركي)”
ثم صورة شخصية ولقاء مع الفنان احمد طعمة التميمي وصورة شخصية ولقاء مع رائد الرياضة البصرية حامد فالح الأسدي .
في العدد السادس صورة الغلاف موزعة كالعادة بين إحدى المنشآت الجامعية وصور شخصية للذين أجرت المجلة معهم لقاءات.
صورة شخصية واسم (عدنان سلطان عبدالنبي يقول : تسهيلات ودعم لا متناهي للطلبة النازحين) (والاصح لامتناهيين)كنت فضّلت أن يذكر المنصب وتعويض الاسم بصورته الشخصية !! وموضوع عن الشيخ محمد جواد مغنية مع صورته الشخصية (من نكرة ومعدم إلى رئيس المحكمة الشرعية في بيروت) (الاصح رئيس)لدي تحفّظ على مفردة (نكرة)!! وموضوع آخر تصدر غلاف المجلة العدد السادس عن الديانة الإيزيدية ؛ (هل الإيزيدون هم عبدة الشيطان أم حملة ميراث النهرين)؟!
وصورة شخصية ولقاء مع الفنانة سناء عبدالرحمن تحت عنوان (لا توجد حواضن حقيقية للفن من الدولة.. وسوق الشيوخ هي حاضنتي..)
كان هدفي من عرض العنوانات الرئيسة للأعداد الثلاثة هو الجانب الجميل للمجلة وخروجها من معطف سلطة الإعلام الحكومي وانحيازها إلى المتلقي سواء من داخل الجامعة أو خارجها.
المجلة حققت توجهاً واضحاً نحو الآخر ، وتمكنت من إيصال جانب من رسالة الجامعة العلمية ونشاطاتها في كلّ عدد بطريقة ذكية ..
المجلة وحسب وجهة نظري ممكن أن يكون لها شأن في عالم الإعلام المقروء ،وقد تشكل قفزة نوعية بين المجلات العراقية غير المتخصصة وسيكون لها قراء في البصرة والعراق عموماً ، إذا ما أحسن تسويقها وتمويلها بالإعلان ، وزج صحفيين محررين لهم رغبة بالعمل الصحفي ,ودعوة كتاب معروفين على مستوى العراق .
وهذا (مجرد كلام).