عبد الرزاق الصغير :
لكن الحياة أجمل بليون مرة مما نعيشها
نفس الضوء المنبعث ليلا من شقوق النوافذ المغلقة والمواربة والمفتوحة على مصرعيها …
الساعة كالأمس وأول أمس ، كالعام الأول ، لا شيء تغير أوقد يتغير. الهواء نفس الهواء المحمل بروائح محروقات السيارات والزفت والزرنيخ ، والمسارب العامة المفتوحة ، ومحال الطبيخ . الشمس نفس الشمس ، الغروب والشروق ، الأغصان والعشب اليابس ووحش القمامة
الشوارع الرئيسية المسفلتة المبلطة حديثا ، والأزقة الخلفية الغارقة في الطمي تبدوا كالسقيم المتألم ….
الأهازيج ، الأناشيد ، الأغاني نفسها العاطفية والوطنية والاجتماعية …
الخطوات والزفرات وحبات العرق الفضية على الجباه النحاسية نفسها ، وطعم الخبز اليابس ، والعدس البايت أو الصابح نفسه . حتى الكره والحب صار بنفس الطعم المر …………
أزيز الذباب وإزعاجه نفسه ، الفاقة .. رائحة التبغ الرخيص ، والجوع والأفواه النتنة نفسها
والفراغ المرعب نفسه ، نفس اللوحة الممسوحة على نفس الحائط الباهت في نفس محل المشروبات الرخيصة في نفس شمال الشارع المكتظ بنفس الوجوه الصارخ ذلها … … … ..
الحاجة الملحة
الابتلاءات
ضيق الحال
الخردة من أدوات مهربة كهربائية ، ومدرسية مستعملة ، وملابس وأحذية مرتقه ، وأجيج وضجيج وغبار قديم على شارب نفس الوادي في نفس يوم العطلة الأسبوعية. نفس الصدئ المكوم في شكل طاولات مخصصة لبيع البيتزا والمحجوبة وألوان وأشكال من الدرن المدعو كعك …
العراك والزعيق وصراخ الباعة … نفس الشكل والرائحة للمعي والأمعاء والكبد والرئة معلقان على قضيب أسود والضرع المضوع في أنية بلاستيكية كبيرة صفراء يبدوا كرغوة صابون متسخة صدئة ، والباقي من الجزرة المائل لونها للبني نوع ما أسود ، نفس اللغط والجدال حول العراق والنفاق …
والكتب المرصوفة على الأرض نفسها وبؤس البائع نفس حكايات الإخلاص والخيانة ، الجبن والشجاعة . نفس أنين الضحايا ، التضحية والأنانية . نفس قصص الحب المحرم والمشروع …
التفاخر والخزي .. الأبد واللحظة ، التناغم والتنافر .. نفس كتب ابن تيمية وماركس . الألباني ومورافيا، الحويني وبوجدرة
نفس الزرقة المحيطة ، والرواسي والألوان ، والخضر والفواكه الفاسدة ، والزحام والسباب . السلام والصباح الخير… الرقية ، التقية ، الشعوذة . زعيق بائع التمائم والأعشاب الطبية ..
المهانة ، الاستحواذ ، النصب والاحتيال… نفس أثار النعال على أغلفة الكتب والمشادات على السلع المنتهية الصلاحية .. نفس الحصيرة والأقلام والألواح الخشبية المطلية بالصلصال ، وقوطية الصمغ بالمناسبة تذكرني بحانوت عمي أحمد الجميل الطلعة والسحنة والصلعة ….
أعمي أحمد قالك بابا أعطيني قوطيا حليب وقالب صابون ورطل سكر وسجلهم
يا ولدي قول لباباك يجيبلي الستيلوات أي الأقلام لقتلوا عليهم يا خي بلاش أنتاع
الحكومة
حاضر ، حاضر أعمي أحمد ما تنساش تسجل لحوايج …………………………….
نفس الشرفات والظلال و الأسوار والجذور والأجنحة والنسيم والأقسام ، الأزهار والخرائب ، أذان الظهر والمغرب ، البرد ، الكآبة . تسريح العمال اللاإرادي عفوا الإرادي ، نفس الحبوب والجيوب أين تؤول المؤسسات ، نفس أقراص النوم والمنشطات الجنسية والقروض.
نفس إزهاق الروح والشعر وتحركات الرأس….
الأعياد .. وإشارات المرور ، الرايات ، وأسطح العمارات نفس تشييع الجنازات ،حيث يقطع الميت كل المسافة من أي حد في المدينة إلى الجبانة ، والحي راكب ينعل أبو الدنيا.. نفس الاختلاجات والارتباكات والاختلافات السياسية والاختلاسات . المظاهر المتنافرة ، المظاهرات ، والاحتجاجات ….
الأحد ، الإثنين ، الثلاثاء ، نفس الازدحام لاستخراج شهادات الوفيات والميلاد ، وعدم العمل وأختام السفارة الفرنسية ..
نفس الأخبار والأشرطة الوثائقية في القنوات الرسمية الفرنسية…
نفس الإضرابات والمضربات والعشرة في المئة المدسوسة تحت الملفات…
نفس الإصدارات ، والأحزاب المندمجة ، والعناوين في كل الصحف…
بمناسبة 1 نوفمبر نفس الشيخ في نفس المقهى الآيل إلى السقوط يخطب في المحلقين عليه من الشباب…
_ إه يا أولادي على الأقل تشربون قهوتكم وزنجبيلكم دون خوف من عسكري فرنسي و لا خائن يهودي. وليس لكم علاقة باليد الحمراء ولا بسراديب التعذيب …
تعلموا ..
وتمتعوا بالحرية ، ولا تأجلوا عمل اليوم للغد ، وحسنوا مستوياتكم ، واعتبروا مما عناه أولياكم…
فمن أراد العلى سهر الليالي ، ومن خاف الحفر. .. فقاطعه أحد الشباب
ما رأيك يا عمي مبروك في الربيع العربي ، فرد الشيخ بربكم من المستفيد في ليبيا . وسوريا ومصر. ألا تتذكرون الجزائر في العشرية السوداء… لولا سترو رحمة الله ، وارتفاع سعر البترول ، وحكمة الرئيس لما تخطينا الأزمة ، ولما نحن الآن هنا . من يدري على أي خازوق ستغرس رؤوسنا. عموما يا أولادي أنا متأكد أنكم تعلمون أن لا تعليم مجاني إلا في بلاد قليلة .أنظروا مثلا أمريكا ما الثمن الذي يدفعه الطالب للحصول شهادته ، أحيانا كثيرة يكون الفشل مصيره . وهنا يقاطعه شاب قائلا : يا عمي سأضرب لك مثلا حيا ففي إحدى المتوسطات حيث تدرس بنت زميلنا هذا وأشار إلى أحد الحضور . تقول أستاذتهم لهم من بداية السنة وبالحرف الواحد
من أراد العلم والتعلم والوصول فإليكم العنوان التالي ، ومن لا يريد فهو حر
آه نسيت الشهر ب 3000 دج
يقول الشاعر … … كاد المعلم أن يكون في التبجيل رسولا …
ولكن المعلم عندنا عفوا أعتذر لكم بياع بطاطا . ونترك الحكم يا عمي مبروك على تعليمنا المجاني ومؤسساتنا الجامعية والاجتماعية و و و و الواوات طويلة وكثيرة …
نفس القسم ، والاحتفالات والحرمان . نفس الشاب في نفس الرنكة بنفس الابتسامة والبدلة والحذاء الرياضي بنفس الخجل والخوف ينتظر اللمحة العسلية ، الابتسامة الضوء …
يحدث يلوم يعنف نفسه
لماذا لا أفصل في الأمر.
ولكن كيف وبماذا ..؟
لا عمل ولا مال . صفر على اليمين وصفر على الشمال وصفر في الأمام وفي الخلف على باب الله فعلا على باب الله ..
وهنا تلوح الأضواء تدحر الظلام .. إنها الابتسامة الابتسامة المنشودة
يا أخي تقدم
يكلم نفسه يا أخي تقدم … … … … … …. .. . … ……………………
—