كتب الشاعر المصري احمد فضل شبلول يتذمر من بعض المصطلحات الاجنبية وكثرتها وعدم فائدتها في احسن الاحوال واكثرها كما اشار عديمة الجدوى في حياتنا الادبية والثقافية وتناول مثالان وموضوع هذا المقال عن المثال الاول استعاره من مقالي النقدي :”المينيبية في النثر القصصي والروائي لادوارد الخراط” المنشور كما ذكر الشاعر احمد فضل في العدد 375 من جريدة الأسبوع الأدبي التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق .كتبت المقال لجريدة الاسبوع الادبي قبل الاحداث السياسية المؤسفة في سوريا ومثل هذه المواضيع التي تتعلق بالاصطلاحات او المصطلحات الجديدة تظل متداولة لفترة طويلة قد تطول وقد تقصر فذكرني به الاستاذ احمد فضل بعد ان نسيته بمقاله المنشورة بجريدة الاهرام في 13/4/2015
وجاء في مقال الشاعر احمد فضل شبلول في الاهرام حول المصطلح :”المصطلح الأول هو “المينيبية” أو “الما بينية”، ـ وهو مازال في طور التشكل والتطور بالنسبة لنا، إذ أنه حديثُ عهد بالترجمة، لذا فإن ملامحه لم تتحدد بعد، وإن كان الكاتب السوري قيس العذاري الذي قام بترجمته ـ وأعتقد أن الترجمة الأقرب إلى فهمنا هي الما بينية ـ يحاول تطبيقه على بعض أعمال إدوار الخراط القصصية والروائية” انني لست سوريا رغم شعوري بان جميع الدول العربية العراق والعكس صحيح ولم اترجم المصطلح لانه موجود منذ باختين ودراسته القيمة عن اعمال دستويوفسكي الروائية الشهيرة ، ولكنني اول كاتب عربي استخدم مصطلح “المينيبية” او الادق “الما بينية” ربما .
ومصطلح “الما بينية” هو الادق لان اللغة العربية شهيرة ومعروفة بالاشتقاق وهو سر خلودها والاشتقاق الصحيح في اللغة يجب ان يكون من جذر ثلاثي اما “المينيبية: وتعني الانابة فهو غير دقيق والمصطلح لمزيد من التوضيح يعني تكسرات السرد او تحولاته او تشتته او عدم اتساقه وتسلسله او دخوله في اشياء ليس لها علاقة بسياق الموضوع او هلوسة غير ذات معنى وليس لها علاقة بسياق السرد او ترادفات او تناقضات حكائية وسردية ورسائل مشتتة مستذكرة ليس لها علاقة بلحظة الكتابة وانسيابيتها اي كل ما يمكن ان يؤشر سلبا على عملية تواصل السرد او تسلسله المنطقي في النثر القصصي والروائي وهذه جميعها يختصرها المصطلح المذكور وتعني “المينيبية” او “الما بينية” وهذه التقنية السردية في الكتابة جميعها موجودة في اعمال ادوارد الخراط القصصية والروائية فكنت مضطرا لاستعمال المصطلح لاول مرة في مقالي النقدي عن اعماله القصصية والروائية والتي اقل ما يقال عنها انها غير تقليدية المنشور في العدد 375 من جريدة الأسبوع الأدبي التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق .
والشاعر احمد فضل شبلول محق في تذمرة من كثرة المصطلحات الاجنبية واثارته للتساؤل حول جدواها وفائدتها في حياتنا الادبية والثقافية ولكننا لا يمكن تجنبها او اهمالها ولابد من الوقوف عندها لمعرفة اتجاهات عصرنا وثقافاته .
ولا يوجد اختلاف في قوله بمقاله في جريدة الاهرام “وحقيقة فإن المترجم لم يستطع أن يقدم تعريفا محددا وقاطعا لـ”الما بينية”، بل ترك المصطلح عائما وغائما، غير واضح الدلالة والسمات، مثله في ذلك مثل معظم المصطلحات الحديثة ـ وبخاصة المترجم منها ـ وإن كان يوضح أن “الما بينية” اتجاه فلسفي في نشأته، ثم أصبح أدبيا له امتداد بنتاجات أدبية حديثة ومعاصرة” .واضيف لانه لا توجد مفردة او جملة واحدة تعبر عن معنى المصطلح حتى في لغته الاصلية اكثر مما وضحت في مقالي النقدي السابق ومقالي الحالي هذا بسبب جذوره الفلسفية .
واحب ان اوضح اكثر ليس دفاعا عن استخدامي للمصطلح لاول مرة باللغة العربية بان المصطلح فلسفي النشأة له امتدادات بنتاجات ادبية حديثة ومعاصرة كما ذكرت في مقالي النقدي في صحيفة اتحاد الكتاب العرب للتعريف به، تقابله الفلسفة السفسطائية ذات الاصل الاغريقي .
——————–
للاطلاع على مقال الشاعر المصري احمد فضل شبلول في جريدة الاهرام يوم 13/4/2015
“الما بينية” و”عبر النوعية” قراءة في جدوى الاصطلاح
احمد فضل شبلول
بين الوقت والآخر تظهر مصطلحات أدبية ونقدية في حياتنا الثقافية. بعض هذه المصطلحات يثبت على مر الزمان، وبعضها يختفي في اليوم التالي لظهوره.
ولكي يثبت المصطلح ـ أي مصطلح ـ في الأذهان، أو في العقل الأدبي والثقافي، ويستقرَّ معناه بين المتعاملين به، لا بد أن تدور أبحاث ودراسات نظرية وأخرى تطبيقية حوله، بحيث تَخدمه وتُسهم في شيوعه ـ خارج نطاق المتخصصين، والاصطلاحيين أنفسهم ـ أو تُسهم في إلغائه وإماتته، إذا كان عديمَ النفع والجدوى في حياتنا الأدبية والثقافية بوجه عام.
وقد قرأنا من قبل عن مصطلحات جديدة مثل: الحساسية الجديدة، وقصيدة البياض، والبنيوية، والحداثة، وما بعد الحداثة، والتناص، والتفكيكية .. الخ. ويبدو أن بعض هذه المصطلحات لم يستقر في الأذهان بعد، وإذا كان البعض مختلفا حول مصطلح الحداثة نفسه، فإن هناك من حاول أن يتجاوز هذا المصطلح إلى ما هو أبعد منه (وأقصد ما بعد الحداثة).
والأمر نفسه ينطبق على مصطلح الأدب الإسلامي، فما أن بدأ يستقر هذا المصطلح، إلا وظهر مصطلح آخر يحاول أن يتجاوزه، هو مصطلح “الأدب الإيماني”.
ومن المصطلحات التي تُتداول بين فئة المثقفين والأدباء مصطلحا “المينيبية” و”عبر النوعية”، فما معنى هذين المصطلحين، وهل نحن في حاجة إليهما، وهل يعبران عن واقع أدبي نعيشه بالفعل، وبإطلاقهما نكون قد اختزلنا مساحة من التعبير يتضمنها هذان المصطلحان عندما نريد أن نتحدث عن مضمونهما؟
المصطلح الأول هو “المينيبية” أو “الما بينية”، ـ وهو مازال في طور التشكل والتطور بالنسبة لنا، إذ أنه حديثُ عهد بالترجمة، لذا فإن ملامحه لم تتحدد بعد، وإن كان الكاتب السوري قيس العذارى الذي قام بترجمته ـ وأعتقد أن الترجمة الأقرب إلى فهمنا هي الما بينية ـ يحاول تطبيقه على بعض أعمال إدوار الخراط القصصية والروائية، مثلما فعل باختين من قبل وطبقه على أعمال دوستويفسكي.
وحقيقة فإن المترجم لم يستطع أن يقدم تعريفا محددا وقاطعا لـ”الما بينية”، بل ترك المصطلح عائما وغائما، غير واضح الدلالة والسمات، مثله في ذلك مثل معظم المصطلحات الحديثة ـ وبخاصة المترجم منها ـ وإن كان يوضح أن “الما بينية” اتجاه فلسفي في نشأته، ثم أصبح أدبيا له امتداد بنتاجات أدبية حديثة ومعاصرة.
ثم يضيف بأنها ـ أي “الما بينية” ـ ملأى بأسلوب الإرداف والطباق واجتماع لفظتين متناقضتين، وبالمتعارضات (وهو ما وجده في النثر القصصي والروائي عند إدوار الخراط).
كما أن “الما بينية” تتميز بأحاديث ومداخلات في غير محلها، وبمختلف أشكال خرق ما هو مألوف واعتيادي في مجرى الأحداث، وهي تستخدم أصنافا أدبية مركبة وأحداثا ورسائل وأقوالا متكلفة، وإنها تقوم على خرق الحدث، والتعارض دون ثنائية محددة، إضافة إلى أن هذا الخرق يبتعد عن طريقة المونولوج التي قد يوهم بها انحراف السرد.
ويختتم الكاتب أو المترجم جملة تعريفاته المتناثرة، وغير الواضحة، على طول مقالته “المينيبية في النثر القصصي” ـ المنشورة بالعدد 375 من جريدة الأسبوع الأدبي التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق، بقوله: “إن المينيبية تتجسد كوحدة عضوية، والنقاط المنفصلة لا تنفي هذه الوحدة، والغرض منها تمييز الانتقائية”.
إن ما عده بعض النقاد عيبا في طريقة السرد من حيث التكلف وخرق الحدث، أو المداخلات التي تأتي في غير محلها، أو انحراف السرد، وجد له تقنية نقدية حديثة أو تصنيفا أدبيا جديدا يسمى بالمينيبية. وعليه فأي هلوسة كتابية، أو أي خليط كتابي يجمع بين المتناقضات، ويقطع خيط الاتصال السردي، ويقدم المتعارضات، ويجمع بين الرسائل إلى الأصدقاء، والأقوال المتكلفة بين الشخصيات، سوف يُطلق عليه النقاد “مينيبية”، وربما تصبح “المينيبية” التقليعةَ الجديدةَ القادمة.
أما المصطلح الثاني الذي يقابلنا في غابة المصطلحات الجديدة فهو “عبر النوعية”. وبداية أقول إن هذا المصطلح تعرفت عليه عندما طلب مني أحد الأصدقاء الأدباء ـ خارج مصر ـ أن أبحث له عن كتاب بعنوان “عبر النوعية”، وحدد لي اسم دار النشر التي من الممكن أن أجدَ فيها هذا الكتاب، فسألته عن معنى عنوان الكتاب، فقال لي: “إن عبر النوعية تمثل عناصر أدبية مختلطة فيها الشعر، وفيها القصة، وفيها المقالة، وفيها قصيدة النثر .. الخ”، والكتاب عبارة عن مجموعة من الكتابات المختلفة عن أحد الأدباء (أظنه بدر الديب).
ثم وجدت المصطلح يتكرر مرة أخرى في دراسة الناقد الدكتور صلاح فضل عن كتاب “منازل الخطوة الأولى” للأديب العماني سيف الرحبي (العدد 409 من مجلة “العربي” الكويتية). يقول د.فضل: “هنا أيضا نجد أن هذا اللون من الكتابة تسمى “عبر النوعية” لمزجها بين تقنيات الشعر والسرد خاصة ـ والتي استشرت ـ بين شباب المبدعين ـ بقدر ما تثري تجربة الشعر الغنائي بإدخال بعض العناصر الدرامية فيه، فإنها تسهم في تغييب الوعي بضرورة تجذير فنون السرد بجمالياتها الخاصة، وعناصر شعريتها المختلفة في التكوين والإيقاع، والبعيدة عن بساطة الغناء وحلاوة التشبيه.
إذن فالناقد يحذر من أن الكتابةَ عبر النوعية تسهم في (تغييب الوعي) ويبدو أن اندياحَ الكتابات المختلفة، واختلاطَها عبر النوعية هو الذي جعل د. فضل يطلق وصف (تغييب الوعي) عليها.
حقيقة لم أجد فرقا واضحا ـ حتى الآن ـ بين المينيبية أو الما بينية، والكتابة عبر النوعية، فهل تعتبر المينيبية أو الما بينية، امتدادا لعبر النوعية أو العكس. ودعوني أسأل عن الفائدة الجديدة أو الخدمة الجليلة التي يضيفها المصطلحان إلى أرضية الأدب، أو النقد العربي المعاصر؟
إنني أخشى أن يظهر في الشهور القليلة القادمة مصطلح آخر، يُضاف إلى مثل هذه المصطلحات، مثل مصطلح “ما بعد عبر النوعية” أو مصطلح “ما بعد المينيبية”.
—