ستكون وقفتي عند التلاقي / التمازج الحضاري أو الصدمة الحضارية بين الشخوص والبلد الذي يقيمون فيه، نرى ان الرواية العراقية (النسوية) قد تجاوزت الاقتصار على البطل الرجل وجعلت البطولة مقاسمة بين الجنسين ..لاوجود لمحسن وحده كما الحال في رواية (عصفورمن الشرق) لتوفيق الحكيم أو بطل رواية (الحي اللاتيني) لسهيل أدريس أو مصطفى سعيد بطل رواية (موسم الهجرة الى الشمال)..أومنصور عبد السلام وكاترين وحدهما(الاشجار وأغتيال مرزوق) لعبد الرحمن منيف..هؤلاء الابطال قصدوا أوربا للدراسات العليا، لكنهم انشعلوا بسواها : محسن – حسب ادعاءه – كان منشغلا بعباد ة الفن والصلاة في المتاحف ودار الاوبرا والمكتبات ، كأنه ترك رجولته هناك في مصر وجاء باريس بروحه فقط !! بطل رواية سهيل أدريس تفرغ لجسد باريس دون روحها او عقلها، وكذلك سيفعل مصطفى سعيد الذي يمسرح غرفته للجنس ويمارسه حتى في المتنزهات..فهو يرد على اغتصاب افريقيا بمخيال بدائي تصير لندن امرأة شرسة الجمال ،فيتسلقها جبلا ثم يغرس في قمة الجبل وتده ويركز رايته وهو البدائي العاري يستعير ملابسه من معرفياته الموسوعية وما ان يدخل سريره حتى يتجرد من معرفياته ليتفرغ لإغتصاب القارة الشقراء..وهكذا يتوهم ان(النساء تتساقط عليه كالذباب ) فيوقد عيدان الند والصندل ويلبس عباءة وعقالا وتأتيه الشقراوات زحفا وهن يتمتمن : سمعا وطاعة يامولاي.. ثمة مسافة بين رواية الحكيم 1938 ورواية سهيل ادريس 1954 ومسافة اقصر بين الرواية الثانية والثالثة (موسم الهجرة..)..في رواية (قنديل أم هاشم ) ليحيى حقيقي محاولة مدرحية اعني محاولة للتمازج بين المادي / الغرب والروحي / الشرق لكن العلاقة السوية الوحيدة هي العلاقة بين منصور عبد السلام والبلجيكية كاترين وهي حقا علاقة حب بعيدا عن شوائب العداء التاريخي او الرضة الحضارية او الشعور بالدونية ، لكن ثمة هوة سحيقة بين عالمي كاترين ومنصور(الاشجار واغتيال مرزوق )لعبد الرحمن منيف /1973..
الرواية (النسوية) العراقية امتلكت علامات فارقة ايجابية فهي اولا لجأت الى خارج لأسباب سياسية أو مجاورة لهذه الاسباب ،فالكاتبات العراقية يحاولن ترميم الذاكرة/ الشخصية – العامة والجانب السييري فيها لايدخل ضمن جنس السيرة الذاتية، بل ضمن السيرة الروائية فنوع الثاني يستفيد من التجربة الذاتية ويعمد الى تحويرها /تحريرها روائيا ، خلافا لذلك كانت عصفور من الشرق/ الحي اللاتيني/ موسم الهجرة../ فهذه الروايات أشبه ماتكون من أدب الاعترافات ،في حين ثمة روايات (رجالية) عراقية تحاول الموائمة بين الذاتي والعام منها: مثلث الدائرة : رواية الشاعر سعدي يوسف وهي تتناول تجربة اليمن الجنوبي و(ليالي الانس في شارع ابي نؤاس) للروائي برهان الخطيب/ ليلة الهدهد : ابراهيم أحمد ../ خرائط الشتات / للروائي محمد عبد حسن / يوميات كلب عراقي : للروائي عبد الهادي سعدون : ولفاضل العزاوي روايتيّ (كوميديا الاشباح) و(الاسلاف)..الروائيات العراقيات حاولن تجسير العلاقة بين الوطن والمنفى / المهجر / ويتم التجسير سرديا وتبيان فضائل المكان الآخر فساركوزي يوجه دعوة خاصة لعدد من(العراقيين المسيحيين اللاجئين../ص13طشاري/ انعام كجة جي) وهنا نرى ان ساركوزي نفسه لايخلو من عنصرية فالدعوة مقتصرة على المسيحيين من العراق..ثانيا هذه العوائل لاتخلو من تميز اجتماعي.. في أحدى روايات دنى طالب ، العراقيون / العراقيات في الدنمارك يتمتعون برعاية نفسانية من قبل طبيبة مختصة.. إذا العلاقة بين الغرب وبين العوائل العراقية ليست علاقة عداء او علاقة دونية بل محاولة جادة من الطرفين في تفعيل التمازج الحضاري ..
——————————————————————————————-*عمود اسبوعي/ طريق الشعب/ 22/ حزيران/ 2015