بقيت قضية الوجود في كل تعامداتها هي اللازمة الاساسة فيما يلح على خاطر الانسان منذ صيرورته .ان الاندهاش والحيرة هما السؤلان الاكبران اللذان افصح الانسان عنهما ثم بدأ يلحعلى الاجابة عن الاسئلة التي ننوطن نفسه ’ حتى سار في كل منحى ’ ويمم وجهه شطر اماكن قصية مستعملا كل وسيلة وضاربا بفأسه كل عصي ليصل الى قناعات قد تضعه في هذه الخانة او تلك ’ وهو في هذه او تلك يبتغي الوسيلة التي تجيب عن اسئلة الوجود وتشبع ما في نفسه من هواجس . وحين تمعن الانسان في ذاته ’ ادرك انه موجود وان ما حوله يشترك معه في هذه الموجودية على الرغم من مجموعة التباينات التي لم تلغ – على درجتها – تلك المشاركة الوجودية ( من الوجود ) ’ وحين لم يكتف بهذه المقارنة والمواءمة بحث في الافق الابعد ’ فأذا به لم يخرج من الدائرة آنفا فعاد السؤال القديم الثقيل يظهر ثانية ويلح في معنى الوجود وماهيته وجذوره وتأصيله . واذا اردنا ان نعود الى البديات الفلسفية التي هي من الوجهة النظرية في حكم البديهة ’ فلا بد ان نعطي فكرة الخلق مساحتها التي تستحق. ففكرة الخلق نعنمد / في الاصل / على مبنى الوجود الذي يعده الفلاسفة وجودين : وجود قديم ’ يتبأر في فكرة ان ذلك الوجود هو الله تعالى ’ والوجود الآخر هو الوجود المحدث , اي , أي شىء خارج الذات الالهية . ولعل من المفيد ان نقف على العناصر التي نؤلف ذلك الوجود ’ اي ان نبحث بنحو موجز في جوهر الخلق لا عرضه , ونحن هنا نناقش الامر من وجهة نظر الفلاسفة الاسلاميين الذين يتفقون جميعا في الحد الادنى على الآتي :
1 ان الله تعالى هو علة فاعلية وعلة غائية لهذا الوجود , والسبب يعود الى المنبع الذي ينهل منه هؤلاء الفلاسفة على مختلف مشاربهم الا وهو القرآن الكريم الذي يورد بصريح العبلرة ان تلك العلة الفاعلة / الغائية هي / هو الاول والآخر / .
2 ان تلك العلة هي العلة الفاعلية الاولى وانه قديم وما كان مع وجوده وجود قبل ان يخلق العالم من عدم
3 ان وجوده عين ذاته , بمعنى انه المطلق وانه واجب الوجود بذاته
4 اما العالم المحدث فقد وجد بعد ان لم يكن وانه محدث بأرادته , فهو اذن مركب من ماهية ووجود حصل عليهما بفعل العلة الاولى
5 ان هذه العلة كانت ولا تزال مدبرة لهذا العالم
6 ان الله يعدم هذا الوجود ’ او يبدله الى وجود آخر متى اراد او شاء (ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) أو ( يبدىء الخلق ثم يعيده ) أو (يوم نطوي السماء كطي السجل ) , ويشذ فلسفيا عن هذه القاعدة الفيلسوف ( ابن رشد ) فهو يقدم مفهوما آخر عن الخلق اذ ان مادة العالم عنده ازلية لا هي كما عند الاخرين . تركز الفلسفة الاسلامية في هذه المكوضزعة على مجموعة من الاسس التي من اهمها ( الفاعلية ) ’
وقد افاض الفيلسوف الكندي في هذا افاضة مهمة ’ فهو يعتقد ان المحدث به حاجة الى محدث قديم , كعلة فاعلة اولى اذ لا يمكن التسلسل في العلل الى ما لا نهاية , فالفاعل الاول لا يمكن ان يكون مع وجوده وجود .اما المركز الثاني فهو دليل الوحدة وينفرد الكندي عن غيره من الفلاسفة الاسلاميين وهو دليل مبتكر كما نظن . فهو قد لاحظ بأن العلم بكل ما فيه مركب لا بسيط ثم وجد ان الوحدة تساوق الكثرة فجاء رأيه هكذا : ( ان لم تكن وحدة لم تكن كثرة ) ثم يقرر ان الوحدة من الواحد لذلك فأن فيض الوحدة عن الواحد الحق الاول هو تهوى كل محسوس وما يلحق المحسوس ’ فيوجد كل واحد منها اذا تهوى بهويته اياها , فأذا علة التهوى هي من الواحد الحق الذي لم يفد الوحدة من مفيد بل هو بذاته واحد والذي يهوى لم يزل ) . اذن الفاعل هو مصدر الوحدة , وان فيض هذه الوحدة عن الله يصبح مقوما لمل هو موجود جميعا , وان الوجود ينفك عن الموجود اذا ارتفعت الوحدة منها , لأنها موجودات بما هي متكثرة ( فالواحد الحق علو مبدأ التهوى ,اذن الاستنتاج الذي يمكن ان نصل اليه هو ان الموجودات كمتكثرة ولا تكثر الا بالوحدة اذ لا وجود الا بالوحدة , والامر الثاني هو انه لو لم يكن الله موجودا لما وجدت الوحدة , ولكننا نرى ان الوحدة عارضة في المتكثرات وانها مبدأ وجودها , اذن فالله موجود ضرورة , اما دليل القياس التمثيلي عند الكندي فيظنه كالنفس في البدن , اذ انه لا يمكن ان يدبر شىء من امر البدن من دون النفس , كذلك لا يمكن تدبير امر العالم من دون وجود مدبر هو الله ( ولا يمكن ان يعلم البدن الا بعالم لا يرى ولا يمكن ان يكون معلوما الا بما يوجد في هذا العالم من التدبير والاثار الدالة عليه ) . اذن القياس التمثيلي الذي يقدمه الكندي كدليل على وجود الله يقوم على تمثيل العالم بالبدن وتمثيل الله بالنفس , اما دليل الغائية وجذورها فواضحة في القرآن (( احسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون )) . وقد صهغ الكندي الدليل على هذا النحو : ( ةفأن في نظم هذا العالم وترتيبه وفعل بعضه في بعض وانقياد بغضه لبعض وتسخير بعضه لبعض واتقان هيأته على الامر الاصلح في كون كل كائن وفساد كل ما فسد وثبات كل ثابت وزوال كل زائل لأعظم دلالة على اتقن تدبير ومع كل تدبير مدبر ) . ولعل قضية العلة والوجود تتخذ مساحة من تفكير الكندي , فمصدر الموجودات عنده لا يتعدى مصدرين فأما من لا شىء او من شىء فهل يمكن ان تكون الموجودات علة صدورها ؟ يورد الكندي برهانا يؤكد فيه على ضرورة العلة الفاعلة لوجود الاشياء ووجوب كونها خارج ذات الاشياء فيقول : (( ليس ممكنا ان يكون الشىء علة كون ذاتا لأنه لا يخلو ان يكون أيسا وذاته ليس او يكون ليسا وذاته ايس او يكون ليسا وذاته ليس او يكون ايسا وذاته ايس )) . اما ( حدوث العالم ) فيعتمد الكندي في اثبات ذلك على مبدأ التناهي ’ فكل متناه من طرف واحد او من كل طرفيه فهو محدث وللرجل براهين رياضية على تناهي جرم العالم تجدها في رسائله الاربع وهي الفلسفة الاولى وايضاح تناهي جرم العالم’ ماهية ما لا يمكن ان يكون له نهاية ووحدانية الله وتناهي جرم العالم والدليل على هذا :لا يمكن لن يكون جرم لا نهاية له , وتكمن قيمة هذا الدليل على ابداعه واعتماده على اوليلت هندسية ورياضية وهو بذلك قد ثار ثورة مهمة على التفكير الارسطي في قدم العالم . ان الكندي يقيم حجته ودليله على حدوث العالم معتمدا على مبدأ التناهي , فكل ما تناهى من احد او من كلا طرفيه فهو محدث ثم اقام بعد ذلم دليلا رياضيا على ان العالم لا بد وان يكون متناهيا , لذلك لا بد ان يكون محدثا . ويعد الكندي الجرم والزمان والحركة متلازمة ولا يسبق واحد منها الآخر. ان الجدة في هذا الرأي هو ان الكندي يعدها متلازمة في الحدوث وبالخروج من اللاشىء بفضل المبدع . ان مفهوم الزمان عند الكندي (( مدة تعدها الحركة ’ فأن لم تكن حركة لم يكن زمان )) اما مفهوم الحركة فالكندي يعلقها بالمتحرك (( ان لم يكن متحرك الذي هو الجرم لم تكن حركة . ان ما يهم الكندي توكيده على تلازم الحركة والزمان المتحرك (( الجرم )) هو لأثبات ان لم يكن زمان لم يكن متحرك ’ وليبرهن على حدوث العالم عن ةطريق حدوث الزمان . يتضح لنا مما تقدم ان النظرية الكندية الفلسفية ذات براهين مهمة على حدوث العالم والزمان والحركة ولعلها اقوى رد على رأي ارسطو وبراهينه القائلةو بقدمها جميعا , ولم يقف ( ابو يوسف ) عند هذا الحد فاقد كانت اراؤه معاكسة تماما لرأي افلاطون القائل بأن العالم محدث في الزمان . ان الكندي يؤكد ان لا زمان الا بحركة ’ ولا حركة الا بجرم , فالجرم والزمان محدثان معا لا كما اعتقد افلاطون بأن الزمان محدث في الزمان. لقد كان الكندي بحق ثورة في الفلسفة الاسلامية ضد التفكير اليوناني فيما يخص الوجود ’ كما ان اراء الكندي تعد في نظر الكثير من اصحاب النظر الفلسفي مناهضة حتى للافلوطينية الحديثة القائلة بمبدأ الفيض / صدر العالم عن الواحد / كما ان اطروحاته ايضاكانت ضد الرواقية ونظريتها الحلولية ( حلول اللوغوس في العالم ) . ان خرط القتاد الفلسفي لدى الكندي يكمن في ان كل ما عدا الله فهو محدث والعالم كله مخلوق من العدم بواسطة الله وانه علة جميع العلل الفاعلة في الكون
1 ان الله تعالى هو علة فاعلية وعلة غائية لهذا الوجود , والسبب يعود الى المنبع الذي ينهل منه هؤلاء الفلاسفة على مختلف مشاربهم الا وهو القرآن الكريم الذي يورد بصريح العبلرة ان تلك العلة الفاعلة / الغائية هي / هو الاول والآخر / .
2 ان تلك العلة هي العلة الفاعلية الاولى وانه قديم وما كان مع وجوده وجود قبل ان يخلق العالم من عدم
3 ان وجوده عين ذاته , بمعنى انه المطلق وانه واجب الوجود بذاته
4 اما العالم المحدث فقد وجد بعد ان لم يكن وانه محدث بأرادته , فهو اذن مركب من ماهية ووجود حصل عليهما بفعل العلة الاولى
5 ان هذه العلة كانت ولا تزال مدبرة لهذا العالم
6 ان الله يعدم هذا الوجود ’ او يبدله الى وجود آخر متى اراد او شاء (ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) أو ( يبدىء الخلق ثم يعيده ) أو (يوم نطوي السماء كطي السجل ) , ويشذ فلسفيا عن هذه القاعدة الفيلسوف ( ابن رشد ) فهو يقدم مفهوما آخر عن الخلق اذ ان مادة العالم عنده ازلية لا هي كما عند الاخرين . تركز الفلسفة الاسلامية في هذه المكوضزعة على مجموعة من الاسس التي من اهمها ( الفاعلية ) ’
وقد افاض الفيلسوف الكندي في هذا افاضة مهمة ’ فهو يعتقد ان المحدث به حاجة الى محدث قديم , كعلة فاعلة اولى اذ لا يمكن التسلسل في العلل الى ما لا نهاية , فالفاعل الاول لا يمكن ان يكون مع وجوده وجود .اما المركز الثاني فهو دليل الوحدة وينفرد الكندي عن غيره من الفلاسفة الاسلاميين وهو دليل مبتكر كما نظن . فهو قد لاحظ بأن العلم بكل ما فيه مركب لا بسيط ثم وجد ان الوحدة تساوق الكثرة فجاء رأيه هكذا : ( ان لم تكن وحدة لم تكن كثرة ) ثم يقرر ان الوحدة من الواحد لذلك فأن فيض الوحدة عن الواحد الحق الاول هو تهوى كل محسوس وما يلحق المحسوس ’ فيوجد كل واحد منها اذا تهوى بهويته اياها , فأذا علة التهوى هي من الواحد الحق الذي لم يفد الوحدة من مفيد بل هو بذاته واحد والذي يهوى لم يزل ) . اذن الفاعل هو مصدر الوحدة , وان فيض هذه الوحدة عن الله يصبح مقوما لمل هو موجود جميعا , وان الوجود ينفك عن الموجود اذا ارتفعت الوحدة منها , لأنها موجودات بما هي متكثرة ( فالواحد الحق علو مبدأ التهوى ,اذن الاستنتاج الذي يمكن ان نصل اليه هو ان الموجودات كمتكثرة ولا تكثر الا بالوحدة اذ لا وجود الا بالوحدة , والامر الثاني هو انه لو لم يكن الله موجودا لما وجدت الوحدة , ولكننا نرى ان الوحدة عارضة في المتكثرات وانها مبدأ وجودها , اذن فالله موجود ضرورة , اما دليل القياس التمثيلي عند الكندي فيظنه كالنفس في البدن , اذ انه لا يمكن ان يدبر شىء من امر البدن من دون النفس , كذلك لا يمكن تدبير امر العالم من دون وجود مدبر هو الله ( ولا يمكن ان يعلم البدن الا بعالم لا يرى ولا يمكن ان يكون معلوما الا بما يوجد في هذا العالم من التدبير والاثار الدالة عليه ) . اذن القياس التمثيلي الذي يقدمه الكندي كدليل على وجود الله يقوم على تمثيل العالم بالبدن وتمثيل الله بالنفس , اما دليل الغائية وجذورها فواضحة في القرآن (( احسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون )) . وقد صهغ الكندي الدليل على هذا النحو : ( ةفأن في نظم هذا العالم وترتيبه وفعل بعضه في بعض وانقياد بغضه لبعض وتسخير بعضه لبعض واتقان هيأته على الامر الاصلح في كون كل كائن وفساد كل ما فسد وثبات كل ثابت وزوال كل زائل لأعظم دلالة على اتقن تدبير ومع كل تدبير مدبر ) . ولعل قضية العلة والوجود تتخذ مساحة من تفكير الكندي , فمصدر الموجودات عنده لا يتعدى مصدرين فأما من لا شىء او من شىء فهل يمكن ان تكون الموجودات علة صدورها ؟ يورد الكندي برهانا يؤكد فيه على ضرورة العلة الفاعلة لوجود الاشياء ووجوب كونها خارج ذات الاشياء فيقول : (( ليس ممكنا ان يكون الشىء علة كون ذاتا لأنه لا يخلو ان يكون أيسا وذاته ليس او يكون ليسا وذاته ايس او يكون ليسا وذاته ليس او يكون ايسا وذاته ايس )) . اما ( حدوث العالم ) فيعتمد الكندي في اثبات ذلك على مبدأ التناهي ’ فكل متناه من طرف واحد او من كل طرفيه فهو محدث وللرجل براهين رياضية على تناهي جرم العالم تجدها في رسائله الاربع وهي الفلسفة الاولى وايضاح تناهي جرم العالم’ ماهية ما لا يمكن ان يكون له نهاية ووحدانية الله وتناهي جرم العالم والدليل على هذا :لا يمكن لن يكون جرم لا نهاية له , وتكمن قيمة هذا الدليل على ابداعه واعتماده على اوليلت هندسية ورياضية وهو بذلك قد ثار ثورة مهمة على التفكير الارسطي في قدم العالم . ان الكندي يقيم حجته ودليله على حدوث العالم معتمدا على مبدأ التناهي , فكل ما تناهى من احد او من كلا طرفيه فهو محدث ثم اقام بعد ذلم دليلا رياضيا على ان العالم لا بد وان يكون متناهيا , لذلك لا بد ان يكون محدثا . ويعد الكندي الجرم والزمان والحركة متلازمة ولا يسبق واحد منها الآخر. ان الجدة في هذا الرأي هو ان الكندي يعدها متلازمة في الحدوث وبالخروج من اللاشىء بفضل المبدع . ان مفهوم الزمان عند الكندي (( مدة تعدها الحركة ’ فأن لم تكن حركة لم يكن زمان )) اما مفهوم الحركة فالكندي يعلقها بالمتحرك (( ان لم يكن متحرك الذي هو الجرم لم تكن حركة . ان ما يهم الكندي توكيده على تلازم الحركة والزمان المتحرك (( الجرم )) هو لأثبات ان لم يكن زمان لم يكن متحرك ’ وليبرهن على حدوث العالم عن ةطريق حدوث الزمان . يتضح لنا مما تقدم ان النظرية الكندية الفلسفية ذات براهين مهمة على حدوث العالم والزمان والحركة ولعلها اقوى رد على رأي ارسطو وبراهينه القائلةو بقدمها جميعا , ولم يقف ( ابو يوسف ) عند هذا الحد فاقد كانت اراؤه معاكسة تماما لرأي افلاطون القائل بأن العالم محدث في الزمان . ان الكندي يؤكد ان لا زمان الا بحركة ’ ولا حركة الا بجرم , فالجرم والزمان محدثان معا لا كما اعتقد افلاطون بأن الزمان محدث في الزمان. لقد كان الكندي بحق ثورة في الفلسفة الاسلامية ضد التفكير اليوناني فيما يخص الوجود ’ كما ان اراء الكندي تعد في نظر الكثير من اصحاب النظر الفلسفي مناهضة حتى للافلوطينية الحديثة القائلة بمبدأ الفيض / صدر العالم عن الواحد / كما ان اطروحاته ايضاكانت ضد الرواقية ونظريتها الحلولية ( حلول اللوغوس في العالم ) . ان خرط القتاد الفلسفي لدى الكندي يكمن في ان كل ما عدا الله فهو محدث والعالم كله مخلوق من العدم بواسطة الله وانه علة جميع العلل الفاعلة في الكون