بضرس قاطع استطيع القول أن الأسبوع الماضي يعد اسبوعا فريدا في تاريخ العراق الحديث .. فلأول مرة تتوحد توجهات الحكومة والبرلمان في استجابة عجيبة لمطالب الشعب العراقي ومرجعياته الدينية .. ففيه فقط ومن الجمعة الى الجمعة تغيرت مسارات الاحداث تغييرا جذريا .. في ظهيرة الجمعة ، تطلب المرجعية من رئيس الوزراء الضرب بيد من حديد على المفسدين وتصحيح المسيرة المنحرفة للواقع العراقي الذي عصفت به المحاصصة المقيتة وما نتج عنها من استشراء مرعب للفساد ابتلع قرابة التريليون دولار على مدى ثلاثة عشر عاما .. في مسائها تنطلق تظاهرات عارمة في ارجاء البلاد مطالبة بالإصلاح وكانت الكهرباء هي الشرارة التي اضرمت نيران الاصلاح .. يوم الاحد يعلن مجلس الوزارة عن حزمة شجاعة وجريئة من الاصلاحات اعتقد البعض وأنا منهم ان هذه الحزمة ستتلاشى في طيات الخلافات والصراعات البرلمانية لاسيما مع موجة التصريحات العنيفة لبعض (صقور) العملية السياسية الذين عدوها بداية لحقبة دكتاتورية وتعطيلا للدستور وتجاوزا على الصلاحيات !! .. ولكن ومن غير المتوقع كان مجلس النواب ايجابيا جدا اذ لم يكتف بالمصادقة على اصلاحات الحكومة انما رفدها بحزمة اخرى داعمة ومكملة لها .. ثم يأتي رئيس الجمهورية ليعلن مباركته لها وبهذا انتهى الاسبوع بجمعة شهدت مظاهرات اقوى مطالبة بإصلاح الركن الثالث من اركان السلطة في البلد وهو القضاء الذي شهدت منصته انحرافات واضحة خلال السنوات المنصرمة متأثرا بالمحاصصة السقيمة ..
وإزاء هذه الاحداث الاصلاحية المتسارعة يمكننا تسمية الاسبوع الماضي بأسبوع الاصلاح الذي يبقى ناقصا من دون مقومات اساسية ان لم تتوافر لن نكون قادرين على ان نصلح المخرب .. وهذه المقومات تدخل في اطار ما يسمى بالصلاح الذي يعد القاعدة التي يرتكز عليها الاصلاح .. والصلاح هنا يتطلب مقومات اساسية منها اصلاح الملاكمات البشرية التي ستتولى تنفيذ الاصلاح .. ففي ظل الفساد المستشري وتغلغل اعشاش الدبابير في الكثير من المفاصل فضلا عن وجود فاسدين من العيار الثقيل كما ان الدستور يتضمن موادا مطاطية بالإمكان تفسيرها وفقا لأهواء المتضررين من عملية التقليم الاصلاحية وبالتالي ربما يحاول هؤلاء السعي لإجهاض هذا المشروع الاصلاحي العظيم .. كل تلك المخاطر الجسيمة تتطلب توافر ارادة قوية وحقيقية وهذا هوالمقوم الاخر من مقومات الصلاح .. وليس بخاف عن احد ان هذه الارادة كانت تعاني من الوهن والإعياء الشديد خلال السنوات الماضية بسبب المحاصصة والفساد وتدخل دول الجوار .. اما اليوم فالأمر مختلف تماما فقد حصلت هذه الارادة على جرعات منشطة وأصبحت قوية ومتوثبة وقادرة على انتشال البلد من الهاوية السحيقة .. وهذا هو الصلاح الحقيقي الذي نريد .. ولكن لايعتقدن احد ان الاصلاح المبتغى سيتحقق بسحر ساحر انما هو بحاجة الى معالجات هادئة ربما تستغرق المزيد من الوقت فهناك الكثير من المطبات الكبيرة والخطيرة علينا عبورها بشجاعة وحذر فداعش في الجوار ودواعش السياسة في الدار .. والقادم افضل .
مقالات ذات الصلة
14/10/2024