وصلتني، رسالة علي بريدي الإلكتروني، من الفنان المبدع الشاعر محمد سعيد الصكار عبر موقع (الفنون الجميلة )…لقد، فرحت بها جدا، فصاحب هذا الاسم، متجذّر في ذاكرتي،وهو يحمل من الصدق والشفافية والالفة الشيّ الكثير، نستذكرها دوما، نحن الذين عملنا معه كزملاء سوية، لفترة طويلة في فترة سبعينات القرن الماضي في جريدة الثورة حيث كان رئيسا للقسم الفني فيها في عهدها الذهبي.. إنه باب مرحب وقلبمفتوح وفكر متجدد، وبقدر فرحي،كانت مفاجأتي..!
صكار ” طلب أن نعلّم الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد بالعنوان البريدي، خاصته..وهذا يعني ان الأديبين المميزّين، لا يتراسلان أبدا، وأنا الذي كنت،أظن إنهما يتهاتفان كل يوم ويتراسلان كل بضعة أيام.. لكن ظني…خاب! الصكار وعبد الواحد، صنوان في ألقهما الشعري رغم إبتعاد اسالىبهما الشعرية… وصديقان حميمان طيلة عقود من الزمن وأفكارهما السياسيةواحدة ورؤيتهما للأشياء تكاد تتطابق إلا في أشيائهما الذاتية والخصوصية جدا… بل إن الشاعر عبد الواحد كثيرا ما حدثني في لقاءاتنا العديدة عن (صنوّه) الصكار بشوق وفرح، ماجعلني، أحس ان الشاعرين علي وصال دائم!!! غير إن الأمر تبين عكس ذلك….. تماما.
ربما، يعيب عليّ البعض تناول هذا الموضوع، لكني اقول وبصوت عال إن الأمر يستحق التوقف والاشارة، لأن القطيعة إحدي ابرز السلبيات التي تواجه المجتمع ودلالة علي مظاهر التفكك والإنهيار، فكيف الحال والأمر يتعلق بالأدباء وخصوصا المبرّزين فيهم؟
القضية، إذن، ليست هيّنة ولاعابرة وتستحق أن يتناولها من شرّق وغرّب من الأدباء والفنانين والمثقفين العراقيين الذين ألفوا المنافي وإستطابوا الحياة فيها، طائعين او مجبرين… ولا أعتقد إن فتح هذا الموضوع يشكل حرجا لأحد، فالجميع يبحر في قارب الغربة، حتى بتنا نستشعر خطر نسيان ذواتنا وجذورنا وتصبح الثقافة العراقية بعيدة عن محليتنا السخية المعطاء وعندها (يضيع الخيط والعصفور)!
وأبتعد، قليلا عن، جلد الذات وأعطي لذاكرتي فسحة لرؤيا أحداث سنوات طويلة،مضت..تتعلق بالمبدع الكبير ” ابو ريّا ” محمد سعيد الصكار..هو رجل هاديّ الطباع، مهوس بالتجديد، شديد عند النقاش لكن بسلاسة المقتدر..وعندما ياتيك للسلام ويخرج من عندك، يذهلك.. لإنه بالسلام والوداع مثل نسمة برد في نهار قائظ..وهو يؤمن بأن التحية الصادقة تمحو صدأ القلوب… عطره الفوّاح يسبقه دوما.. عيناه ضاحكتان خلف عوينات طبية، ربما تحمل أسرار الغوص فيما وراء الرؤية..!!
شخصيا، تعرفت علي ” الصكار” في العام 1969 عند زيارتي للبصرة الفيحاء مع عدد من الزملاء الأعزاء، كنا في ضيافة الفنان توفيق البصري.. وفي مساء رائق توجهنا من منطقة المعقل حيث دار مضيفنا الى ” الصكار”.. كان دليلنا الصديق النبيل ” قصي البصري” الذي اصرّ علي الزيارة لرؤية المبدع البصري ” الصكار” .. وفعلا كانت زيارة بيت هذا الفنان لا تنسي.. إستقبال (بصراوي ) ودود بإمتياز..
في بيت الصكار توقفت عيني علي نماذج من (المنمنمات ) والاعمال الابداعية التي صاغتها أنامل الصكار، خطا وتشكيلا… أعمال تبهج القلب وتثير الاسئلة وتؤكد إصالة ابداعية، فذة.
تحدثنا كثيرا… وسررنا كثيرا… وإنتهت الزيارة.
وعندما، حط الرجل رحاله في بغداد… زرته في مكتبه في شارع الجمهورية.. كان مكتبا للتصميم والفنون الجميلة الاخري..وفي تلك الزيارة وفي اللاحقات، كنت أجد عنده , ضيفا دائميا يتصرف وكأنه هو صاحب المكتب… كان ذلك الضيف الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد!
ولم تمض سوي أشهر قليلة، حتى إختاره ” طارق عزيز” رئيس تحرير جريدة ” الثورة” لرئاسة القسم الفني…وجمعنا العمل اليومي.. كان مثال الإلتزام والإبداع والرقي.. وفي هذه الاثناء نمت، ألفة ثقافية وإعلامية بين الصكار وبين ناجي الحديثي (الدكتور فيما بعد) وهو يعد من المع من تبوؤا سكرتارية ومديرية التحرير في الجريدة وأثمرت هذه ألألفة والعلاقة عن تكليف الصكار بتصميم حرف متميز للطباعة عرف فيما بعد بـ (ابجدية الصكار) وهي أبجدية أعطت للحرف العربي إختصارا وجمالىة فريدة.. ورغم الجهد المبذول والسفر المتكرر لدول العالم لتصنيع هذا الحرف لكن المشروع لم يرالنور ولم يستعمل ذلك الحرف إلا في (ترويسة) الجريدة وبعض عناوين المقالات والتحقيقات والدراسات فقط، فضاع حلم التصنيع بحجج واهية ووإد. ولذلك الموضوع، حكاية مرّوية بالتفاصيل في كتاب مذكراتي التي ستنشر بإذن لله بأعتبارها من الاحداث المهمة في مسيرة الطباعة والصحافة في العراق…
وغادر الصكار الجريدة… وغادر العراق الى حيث أراد الجسد لكني، أجزم إن روحه ومشاعره كلها هي في العراق الذي أحب..
وأعود الى رسالة الصكار..
لقد أراد الفنان الكبير تسليم عنوانه الى صديقه ” التاريخي” الشاعر عبد الواحد.. والىه اقول (الأمانة) وصلت… كما اوصلت عنوان الشاعر الىك…وبهذه المناسبة، أدعوكما، صديقاي الى ترتيب لقاء بينكما وبسرعة، لإستذكار أيام الشباب الهاربة منكما، كما هربت منا، وما أحلاها من أيام للحديث عن ذلك الهروب وعن آمالكما التي لم يتحقق منها شيّ..آمالكما في سعادة الناس وعيشهم الكريم… إجتمعا سوية وكركرا بصخب.. فالحياة حركة دائبة تمتص أذيال السكون… إنها ضجيج محبب من الذكريات وأخذ وعطاء، تقتنص من النجوم بريقها ومن الفضاء رعوده ويروقه!
أنا، أعلم إن الصبابة، نضبت وأعلم أيضا إن ثلاثة أشياء مطلوبة في الحياة هي : صديق وفيّ والإعتراف بالجميل والوفاء بالوعد.. وهذه الاشياء متوفرة عندكما…. فإ سعيّا الى لقاء إستراحة في السراب المتبقي من العمر… ولا أعتقد إنكما بحاجةالى معونة لترتيب هذا (الوصال) الىس كذلك؟ وسأكون سعيدا إن أعلمتموني بذلك….دعواتي لكم بالعمر المديد.
صكار ” طلب أن نعلّم الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد بالعنوان البريدي، خاصته..وهذا يعني ان الأديبين المميزّين، لا يتراسلان أبدا، وأنا الذي كنت،أظن إنهما يتهاتفان كل يوم ويتراسلان كل بضعة أيام.. لكن ظني…خاب! الصكار وعبد الواحد، صنوان في ألقهما الشعري رغم إبتعاد اسالىبهما الشعرية… وصديقان حميمان طيلة عقود من الزمن وأفكارهما السياسيةواحدة ورؤيتهما للأشياء تكاد تتطابق إلا في أشيائهما الذاتية والخصوصية جدا… بل إن الشاعر عبد الواحد كثيرا ما حدثني في لقاءاتنا العديدة عن (صنوّه) الصكار بشوق وفرح، ماجعلني، أحس ان الشاعرين علي وصال دائم!!! غير إن الأمر تبين عكس ذلك….. تماما.
ربما، يعيب عليّ البعض تناول هذا الموضوع، لكني اقول وبصوت عال إن الأمر يستحق التوقف والاشارة، لأن القطيعة إحدي ابرز السلبيات التي تواجه المجتمع ودلالة علي مظاهر التفكك والإنهيار، فكيف الحال والأمر يتعلق بالأدباء وخصوصا المبرّزين فيهم؟
القضية، إذن، ليست هيّنة ولاعابرة وتستحق أن يتناولها من شرّق وغرّب من الأدباء والفنانين والمثقفين العراقيين الذين ألفوا المنافي وإستطابوا الحياة فيها، طائعين او مجبرين… ولا أعتقد إن فتح هذا الموضوع يشكل حرجا لأحد، فالجميع يبحر في قارب الغربة، حتى بتنا نستشعر خطر نسيان ذواتنا وجذورنا وتصبح الثقافة العراقية بعيدة عن محليتنا السخية المعطاء وعندها (يضيع الخيط والعصفور)!
وأبتعد، قليلا عن، جلد الذات وأعطي لذاكرتي فسحة لرؤيا أحداث سنوات طويلة،مضت..تتعلق بالمبدع الكبير ” ابو ريّا ” محمد سعيد الصكار..هو رجل هاديّ الطباع، مهوس بالتجديد، شديد عند النقاش لكن بسلاسة المقتدر..وعندما ياتيك للسلام ويخرج من عندك، يذهلك.. لإنه بالسلام والوداع مثل نسمة برد في نهار قائظ..وهو يؤمن بأن التحية الصادقة تمحو صدأ القلوب… عطره الفوّاح يسبقه دوما.. عيناه ضاحكتان خلف عوينات طبية، ربما تحمل أسرار الغوص فيما وراء الرؤية..!!
شخصيا، تعرفت علي ” الصكار” في العام 1969 عند زيارتي للبصرة الفيحاء مع عدد من الزملاء الأعزاء، كنا في ضيافة الفنان توفيق البصري.. وفي مساء رائق توجهنا من منطقة المعقل حيث دار مضيفنا الى ” الصكار”.. كان دليلنا الصديق النبيل ” قصي البصري” الذي اصرّ علي الزيارة لرؤية المبدع البصري ” الصكار” .. وفعلا كانت زيارة بيت هذا الفنان لا تنسي.. إستقبال (بصراوي ) ودود بإمتياز..
في بيت الصكار توقفت عيني علي نماذج من (المنمنمات ) والاعمال الابداعية التي صاغتها أنامل الصكار، خطا وتشكيلا… أعمال تبهج القلب وتثير الاسئلة وتؤكد إصالة ابداعية، فذة.
تحدثنا كثيرا… وسررنا كثيرا… وإنتهت الزيارة.
وعندما، حط الرجل رحاله في بغداد… زرته في مكتبه في شارع الجمهورية.. كان مكتبا للتصميم والفنون الجميلة الاخري..وفي تلك الزيارة وفي اللاحقات، كنت أجد عنده , ضيفا دائميا يتصرف وكأنه هو صاحب المكتب… كان ذلك الضيف الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد!
ولم تمض سوي أشهر قليلة، حتى إختاره ” طارق عزيز” رئيس تحرير جريدة ” الثورة” لرئاسة القسم الفني…وجمعنا العمل اليومي.. كان مثال الإلتزام والإبداع والرقي.. وفي هذه الاثناء نمت، ألفة ثقافية وإعلامية بين الصكار وبين ناجي الحديثي (الدكتور فيما بعد) وهو يعد من المع من تبوؤا سكرتارية ومديرية التحرير في الجريدة وأثمرت هذه ألألفة والعلاقة عن تكليف الصكار بتصميم حرف متميز للطباعة عرف فيما بعد بـ (ابجدية الصكار) وهي أبجدية أعطت للحرف العربي إختصارا وجمالىة فريدة.. ورغم الجهد المبذول والسفر المتكرر لدول العالم لتصنيع هذا الحرف لكن المشروع لم يرالنور ولم يستعمل ذلك الحرف إلا في (ترويسة) الجريدة وبعض عناوين المقالات والتحقيقات والدراسات فقط، فضاع حلم التصنيع بحجج واهية ووإد. ولذلك الموضوع، حكاية مرّوية بالتفاصيل في كتاب مذكراتي التي ستنشر بإذن لله بأعتبارها من الاحداث المهمة في مسيرة الطباعة والصحافة في العراق…
وغادر الصكار الجريدة… وغادر العراق الى حيث أراد الجسد لكني، أجزم إن روحه ومشاعره كلها هي في العراق الذي أحب..
وأعود الى رسالة الصكار..
لقد أراد الفنان الكبير تسليم عنوانه الى صديقه ” التاريخي” الشاعر عبد الواحد.. والىه اقول (الأمانة) وصلت… كما اوصلت عنوان الشاعر الىك…وبهذه المناسبة، أدعوكما، صديقاي الى ترتيب لقاء بينكما وبسرعة، لإستذكار أيام الشباب الهاربة منكما، كما هربت منا، وما أحلاها من أيام للحديث عن ذلك الهروب وعن آمالكما التي لم يتحقق منها شيّ..آمالكما في سعادة الناس وعيشهم الكريم… إجتمعا سوية وكركرا بصخب.. فالحياة حركة دائبة تمتص أذيال السكون… إنها ضجيج محبب من الذكريات وأخذ وعطاء، تقتنص من النجوم بريقها ومن الفضاء رعوده ويروقه!
أنا، أعلم إن الصبابة، نضبت وأعلم أيضا إن ثلاثة أشياء مطلوبة في الحياة هي : صديق وفيّ والإعتراف بالجميل والوفاء بالوعد.. وهذه الاشياء متوفرة عندكما…. فإ سعيّا الى لقاء إستراحة في السراب المتبقي من العمر… ولا أعتقد إنكما بحاجةالى معونة لترتيب هذا (الوصال) الىس كذلك؟ وسأكون سعيدا إن أعلمتموني بذلك….دعواتي لكم بالعمر المديد.