وان كانت متأخرة ، الا ان حكومة اقليم كردستان ، اعلنت عن حزمة من “الاصلاحات المالية” تشمل خفض رواتب المناصب العليا والدرجات الخاصة في الاقليم وتقليص المخصصات ، حيث تقرر صرف 50% من المخصصات الخاصة بمناصب رئيس الاقليم ونائبه ، ورئيس مجلس الوزراء ونائبه ، ومن هم بدرجاتهم الخاصة ، ومن يتسلم رواتب بدرجة وزير ووكيل وزير وكذلك من هم بنفس درجاتهم ، والمستشارين واصحاب الدرجات الخاصة في جميع مؤسسات الاقليم التنفيذية والتشريعية والقضائية .
رئاسة الاقليم اكدت ان حكومة الاقليم قررت ضمن لائحة الاصلاح المالية ايقاف المخصصات الخاصة بمناصب رئيس البرلمان ونائب رئيس البرلمان وسكرتير البرلمان والتي كانت تشكل 100% مشيرة الى ان القرار تضمن تقليل نسبة 30% من المخصصات بمناصب المدير العام ومن هم من نفس الدرجة ومن يتسلم رواتب ومخصصات منصب المدير العام .
يبدو ان ورقة الاصلاح المالية اكثر جرأة حتى من الاصلاحات التي جرت في بغداد فهي ركزت على الدرجات الوظيفية العليا والخاصة ولم تنظر الى رواتب الموظفين بمختلف درجاتهم الوظيفية . فقد تقرر ايقاف صرف جميع المخصصات التي تمنح لاصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين ورؤساء الوحدات الادارية ( المحافظين ونواب المحافظين والقائمقامين ومدراء النواحي ومن هم بدرجة خاصة ) على ملاك جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية وصرف رواتبهم الاسمية فقط .
ولغرض تنفيذ هذه الاصلاحات شكلت حكومة الاقليم لجنة خاصة لدراسة مشروع اعادة النظر والاصلاح في هيكلية الحكومة وتشكيلة مجلس الوزراء والوزارات والمؤسسات العامة. في الحقيقة اذا ما طبقت هذه الاصلاحات فان التخصيصات المالية لهذا الغرض تنخفض بشكل كبير ما يسهم في معالجة الازمة المالية التي يعيشها الاقليم.
الاصلاحات الحقيقية في الاقليم هي الاصلاحات السياسية بعد ان سيطر رئيس الاقليم مسعود برزاني على مقادير الامور والتحكم هو وحزبه بالسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية .. بل اكثر من ذلك تجاوز صلاحياته كرئيس اقليم بسلطات محدودة الى رئيس دولة .. وخرق الدستور في كثير من التصرفات والاجراءات التي تشير الى التفرد بالسلطة.
وهذا جعل المعارضة في الاقليم تميل الى الوقوف بوجه لائحة الاصلاحات ورفض المشاركة في اي اجتماع حول اي موضوع بهذا الشأن قبل اعادة رئيس البرلمان الى منصبه .. ووصفت ما حدث مؤخراً من منع رئيس البرلمان واعضاء الاتحاد الوطني من ممارسة مهامهم على انها انقلاب من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني .. وهيمنة الاسرة الواحدة على الحكم .
الاصلاح السياسي في الاقليم لا بد ان يشمل التوجهات التي يقودها مسعود برزاني والتطلع نحو الانفصال والتعاون من الدول التي لها مواقف سلبية مع العراق فضلا عن قبول بعض السياسيين المتهمين بالإرهاب وايوائهم في اربيل وعدم مساعدة السلطات المختصة في القاء القبض عليهم .. اضافة الى شكوك حول تعاون خفي من تنظيم داعش الارهابي . هذه التهمة اكدتها النائبة في البرلمان العراقي سهام موسى عندما قالت : ان حكومة اقليم كردستان ودول اقليمية اسهمت بادخال تنظيم داعش للعراق . وكذلك سقوط مدينة الموصل بيد التنظيم الاجرامي.
اذن هناك مجموعة اشكالات ما زالت حكومة الاقليم تثيرها مع الحكومة المركزية منها السيطرة على كركوك وتصدير النفط لاسرائيل ، وعدم تسليم المستحقات المالية نتيجة تصدير النفط والتهديد المستمر بالانفصال ، بل تحريض الشارع الكردي على ذلك ، والتعويل غير المبرر على الخارج ، وكذلك التصور الخاطئ وغير المقبول سياسيا ً واجتماعياً على الخلاف الشيعي السني لتحقيق مصالح ضيقة للاقليم .
اذن ما يجب ان يحدث هو اصلاح شامل وعام في اقليم كردستان ولا يمكن ان تكون ورقة الاصلاح المادي بديلا عن الاصلاح المنشود ، خاصة وان الشارع الكردي متوتر ورافض لكثير من الممارسات التي ضيقت من نطاق الحريات العامة بما فيها قمع التظاهرات وحرية التعبير عن الرأي وانتشار المحسوبية واستلام معظم اقارب مسعود برزاني لمناصب مهمة وتقاضي اموال طائلة نتيجة ذلك . ولعل اولى خطوات الاصلاح ابعاد رئيس الاقليم عن السلطات و تجريده من الصلاحيات كافة لضمان سير آمن للسلطات في ممارسة مهامها.
القاهرة
—