في بدء الحديث عن العلمانية علينا أن نكون اكثر تقبلا للرأي الاخر كذلك أن نكون حواريين اكثر من أن نكون متزمتين في آرائنا ومفاهيمنا عن الطرف الاخر أن نأخذ من واقع الحال بعيدا عن الخيال وعلينا أن نكون حمامه تمثل السلام ولا نكون غربانا تنذر بالشؤم ولذا علينا اولا تعريف العمانية ومعرفه جذورها على الرغم من انها انتقدت من قبل الكثيرين ممن يدعون انهم اكثر حرصا من غيرهم على الدين وهذا غير صحيح .
العلمنة هي غور المواطن في سبر كينونة هذا العالم المترامي الاطراف من جوانبه المتعددة ومن الدين لكي لا تبسط سيطرتها على العقائد الدينيه .كما نرى في بلدان اوربا المسيحيه من ان الدين بسلام لا يمسه المس ويخدشه اللمس .
العلمانيه هي الابتعاد عن الطائفيه وركنها دون المساس بها وهي ابعاد الدين عن السياسة كذلك هي رديف مرافق للديمقراطية والتكنولوجيا مما يجعلها افضل من الطائفيه والديكتاتورية لدى جميع الخيرين وهي تمنح لنا المساواة والحرية وتحفظ الدين والتراث كما هو حاصل في البلدان العلمانية والليبرالية وهي خير مثال على ذلك .كذلك لا يمكن تحديدها بل تختلف باختلاف الحضارات والأنظمة من جهة ومفكريها من جهة اخرى حسب التباينات الحضارية
ففي حدها الأدنى هي علمانية الدولة دون الانسان وهنا لا تعطي اي دور لأية طائفة او دين او مذهب للسيطرة عليها .
كما في الدول الليبرالية .
وأما في حدها الاعلى فهي علمنة المواطن نفسه ومحاولتها ابعاد سيطرة العقائد الدينية والطائفية عليه. (كما هي في بعض الدول الاشتراكية).
ومنها ما هو في حده الأوسط التي تفصل الدولة ويكون مفهومها تحييد الدولة ومؤسساتها الادارية والتربوية بحيث تكون في خدمة المواطن وازدهار المجتمع وبناء مجتمع متكامل ومتطور يسوده الحب والوئام بين افراده ودون التعصب للطوائف والأديان والأعراق .
أما ادعاء البعض بأن العلمانية تدعو للالحاد وتمنحنا الحرية والمساواة فهذا ادعاء لا يمكن أن تفرضه علينا بأن نكون ملحدين ما دمنا احرارا. ففي تلك المرحلة نطالب بعلمانية تؤمن لنا حقوقنا بأختيار طقوسنا وشرائعنا الدينية .
حقيقة أن المطالبة بالعلمنة في هذه المرحله الذي يصل بها الحال السياسي في العراق حد الانفجار هو ليس حبا بها ولا لأننا مؤمنون بالعلمنة دون غيرها وانما حرصا على العراق من أن يستغل من احد الطوائف او الاديان او الاحزاب لمصالحه الشخصيه والسياسية وقدرة الاستعمار في استغلال هذه الحال لمصالحه الخاصة قديره جدا ولا يعلم بها الا الله والراسخون في العلم للعودة بنا الى الطائفية والديكتاتورية السابقه اما الواقع العراقي المتفرد وخروجه من الفاجعة الاليمه وبعد أن اجتازها ولا زال يتحداها يوميا للتخلص منها ومن حكم الطائفية القذر قرابة خمسون عاما لاقى فيها انواع البطش والاذلال والتفرقة بين الطوائف في الامتيازات والوزارات والرتب العسكرية والمراكز الحساسة في الدولة التي كانت محرمه على طائفه او دين معين حتى القبول في الجامعات والمدارس المطوره وكافه امور الحياة التي لا تخفى على ابناء الشعب ولا حاجه لسردها وعليه نحن لا نطالب بعلمانية تؤدي بنا للالحاد وانما نعتمد علمانية تمنح ابناء الشعب المساواة والحرية دون تمييز على اساس طائفي او عرقي او ديني علمانية الحد الوسط تؤدي بنا الى طريق سوي وبأمكاننا ان نأخذ من العلمنة ما يفيدنا ويتلائم مع حضاراتنا وتطور مجتمعنا المتهالك الجريح ويبقى الدين والمذهب ايمانا لكل فرد عراقي مهما كان مذهبه او دينه هو الحافز الروحي والمعنوي .ناهيك أن من يغور في كينونة العلمانية من المتلقين لها خطأ يجد ان رجالات الدين السياسيين هم العلمانيون الحقيقيون يطالبون بها قبل غيرهم اما رجالات السياسة الذين لا ينتمون الى الدين يحاربون العلمانية ولا يريدون تطبيقها في فترات الحكم التي توكل لهم هكذا كان ستالين وموسوليني وصدام .
اما رجل الدين السياسي فانه يحترم كافة الاديان ويحترم كافه الاراء والمذاهب والطوائف والقوميات ويثمن الرأي والرأي الآخر ويقر مبدأ الديمقراطيه ووليدتها الحرية وينبذ العنف والقتل والذبح والتفخيخ والاجرام السياسي .وهذه هي العلمانية بعينها فلماذا يعاديها البعض دون معرفتها او الاتيان بها من الجانب السيىء جانب يشمل دول وحضارات متعددة لا تمت لنا ولا لحضارتنا بصله . حضارات غريبة عن واقعنا وقيمنا حتى لو كانت تحت وطأة حكم ديني فهي مسموح لها أن تكون هكذا .مما جعل البعض يتوجس حذرا من العلمانية لما يراه في تلك الأمم .فنحن من يأخذ اللب ويرمي القشور. —