هو روائي موريتاني أختار المزاوجة بين البصرة / 168 هجري والدوحة/ 1438 هجري، البصرة تمثل الماضي المضاء بمعرفيات كبرى يتخللها بطش السلطة بالخاصة والكافة وجَمَعَ المدينتين في روايته (الحدقي). ندخلُ الدوحة َ مِن خلال فضائية (العروبة) ويأخذنا الجاحظ إلى بصرة التعايش السلمي بين العقائد، ولننظر نحو مشهد ضروري من خلال عيني محمد القروي وهو يطل من نافذة شقته في الدوحة الآن فيرى (مجموعة من العمال الهنود يقطعون الشارع وهم يضحكون داخلين إلى مطعم مصري لبيع الفول.) هذا المشهد يجعل محمد القروي يستعذب (أختلاط الأمم وتمازجها داخل الدوحة،ثم تذكر عالم البصرة واختلاط الأمم واللغات والأفكار فيها حتى قبل عصر التواصل السريع هذا/ 131)..
هذا الكلام عن مدينتي البصرة العظمى يجعلني أعود إلى سطرٍ من كتاب الرحّالة البريطاني بارسنز (زرتُ أغلب مدن العالم، لكني لم أجد خريفا في العالم أجمل من خريف مدينة البصرة/ 1775) وإلى أبي حيان التوحيدي حين يقول (يا خير بلاد الله، للجائع والمفلس والعزب.. يا بصرة) أما الصحابي الزبير بن العوام فيقول (الدنيا بصرة)..وفي ص77 من رواية (الحدقي) للروائي الموريتاني أحمد فال ولد الدين، نكون في مناظرة بين مذهبين هما الدين الإسلامي الحنيف يمثله المعتزلي أبو هذيل العلاف وصالح الخوزي أشهر مناظر عن عقائد المجوس… بعد نهاية مناظرة محتدمة كل واحد فيها يدافع عن معتقداته،(تصافح المتناظران وتقارب طلابهما، وخرجوا جميعا من المسجد متجهين صوب منزل الخوزي لتناول الطعام)..الروائي هنا ومن خلال استفاداته من المرجعيات التاريخية، يؤكد أن التحاور بين مثقفي ذلك العصر كان أكثر شفافية وأين؟! في بصرة المعتزلة والأشاعرة وأخوان الصفا وخلان الوفا.. وغير ذلك من الملل والنحل
—————————
هذه عتبة دراستي عن رواية (الحدقي) للروائي الموريتاني أحمد فال ولد الدين/ دار مسكلياني/ تونس / 2018