إنّها الخُطوةُ الأولى فِي الطَّريقِ ، أرتَحِلُ مِنَ السَّطرِ الأوَّل فِي تلك الصَّفحة ولا أعلم فِي اي
صفحة تَكُون النِّهاية لكن فِي كُلِّ مَرةٍ أسافر بِنَفس الطَّريقة ، تَبدأ رِحلَتي مِن رَجَاحة عَقلِي إلى
الوَهمِ والخيالِ بسرعةٍ کَأن أزمنة الكون تختلط عندها حتى يَتَّحِدُ الحِلْم بالحُلْم فيكونُ الخيالُ
واقعـًا والواقعُ يُصبح حقيقةً تامةً فِي نِهاية الطَّريق تتلألأ بِضوءٍ خَافِتٍ مِنَ البَعِيد ، وأنا عَجُوزٌ
كفيف أحمِلُ قلمي كأنّه عصا وانا واقفة بالسطرِ الأول وأتسائل هل رُدَّ اليّ بَصَري ؟
ما كَان ذلك الوَمِيض ؟ فَتنبَعِثُ الهَواجِس بالروحِ وأنا اسمَعُ زَفيّ رِيح الإلهام يَتَناغَم مَع أوتار
روحي فتأخذ رياحُ الإلهامِ الكَلِمات مِن المُهجةِ و تنثُرُها كأنها تُعَبِّد السُّطور…
تارةً تكونُ الكَلماتِ وردًا في جِنان وتارةً أراها فِي بُحور الشِّعر مُرجَان وتارةً أراها نجوم..
وتارةً أراني أُحلِّقُ في السَّماءِ وكلماتي غيوم ..
فأرى قلمي لم يَعد عصا بل واقفًا صفونًا بين اناملي كصافنات الجياد …و لَم أعُد عجوزا
بل خُودًا تَركَب جَوادها وتنطَلِق نَحوَ السَّمَاء في رحلةِ على تلك الصَّفحةِ البيضاء مُسرِعةً
والحِبْرُ المُتنَاثِر مِن قَلمِي کأنه شَضايا الشُّهُب…
أرومُ نهاية الصَّفحة كمثلِ الذِّي يَرُومُ الثُّريا..
فلا البَثُ كَثِيرًا حتى أصِلُ النهاية فإذا بالجواد قلمًا والسَّماءُ مُجرَّد صَفحَة وأحجارُ المُرجَان
والوُرود لَم تَكُن إلا كَلِمَات و ضَوءُ الحقيقةِ التامة البعيدة قَد تلاشى
وعادت الخُود مِنَ الثُّريا فإذا بها كاتبةً قَد بُعِثَت إلى عالمِ الصُّحُف حَيثُ تخلد أرواح الأقلام
والكلمات والقُرَّاء و الكُتَّاب في جَنةِ الفِكرِ والإبداع..