لقد ارتبطت الموسيقى بالانسان منذ اكتشافه لمتطلبات الحياة كالغذاء والدواء للتواصل مع ديمومة الحياة دون الوقوع بشباك ومطبات قد تعيق ذلك التواصل وتقطع
تلك الديمومة في اول عهدها وبقي ذلك الارتباط وثيقا تربطه صلة روحية وفكرية على مدى واسع وتاريخي طويل ممتد لآلاف السنين لان الانسان بطبيعته يحب الجمال ويعشق السحر ( سحر الابداع) ويهيم بالمفاتن ويذوب بالفن فكانت الموسيقى هي ملاذه الآمن وعالمه الصاخب وملجؤه الوحيد الذي يلتجئ اليه في ساعات همومه ومستودع آلامه لينفس عن كل ذلك من خلال سماعه الى الموسيقى
لقد سارت الموسيقى خلال مراحل واطوار متباينة حتى ادت خدمات جليلة للانسان بحسب حاجاته الضرورية من زمن الى زمن استخدمها في شتى الاغراض الفنية التي تساير الروح البشرية في تقلباتها
واهوائها ناهيك عن المتعة النفسية والروحية التي تجلب للانسان الفرح والسرور من خلال الانسجام الذي يدغدغ مشاعره وهو يستمع الى تلك الالحان التي تصدر من خلال تلك الآلة الموسيقية التي دخلت في تفاصيل كثيرة من حياة الانسان واضافت اليه رونقا عذبا وشفافا وروعة للحياة وجعلته اكثر تواصلا وعطاء مع ديمومة الحياة والتي هي كل ماتبقى للانسان في دنياه
وفي الآونة الاخيرة قد دخلت الموسيقى في علاج بعض الامراض النفسية والعقلية من قبل ذوي الاختصاص واصحاب الشأن وذلك بعد دراسات مكثفة اجراها هؤلاء الاخصائيون على المرضى الذين يعانون من بعض الامراض النفسية وقد لاقت نجاحا منقطع النظير اذ استجاب هؤلاء المرضى للعلاج والذي هو سماع بعض المعزوفات الخاصة من الموسيقى وبالاخص الكلاسكية منها الامر الذي الكثير من هؤلاء يستعيدون وعيهم وترجع اليهم ذاكرتهم لأن الموسيقى بحد ذاتها تبعث السرور والانشراح لدى المتلقي وتزيح عن كاهله بعض الترسبات الفكرية والذهنية ومايلاقيه الانسان من صدمات قد تؤثر عليه نفسيا وفكريا يقع على اثرها في حالة هذيان اشبه بالجنون فما احرانا ان نستمع الى الموسيقى لتداوي بعض شجوننا وننفس عن كروبنا فان الموسيقى هي الدواء النفسي كما الدواء هو العلاج المادي فالموسيقى غذاء الروح .
—–
* باحث موسيقي