![](https://i0.wp.com/basrayatha.com/wp-content/uploads/2022/09/kasem-albader.jpg?fit=450%2C300&ssl=1)
الشاعر العراقي الراحل قاسم البدر وهو قاسم إبراهيم بدر البدر ولد في قضاء القرنة بمحافظة البصرة عام 1923 وتوفي في 2002-1-11 بعد أصابته بالذبحة الصدرية.
بعد أن أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة القرنة، التحق بدار المعلمين الريفية الرسمية وتخرج فيها عام 1944 ومارس التعليم منذ تخرجه حتى 1982 سواء في قضاء القرنة، أو مركز محافظة البصرة وكان أحد مؤسسي اتحاد الأدباء – فرع البصرة، وعضو أول مجلس إدارة له، نشر وأنشد الكثير من قصائده، كما كتب الأوبريتات والأناشيد المدرسية وكتب عنه العديد من النقاد في مجلة سفراء النخل (البصرة)، والموسوعة الثقافية لجامعة البصرة، ومجلات البصرة، ورجال البحر، والمرفأ، وغيرها.
يقول عنه الشاعر الراحل حسين عبداللطيف، في توطئة له بمقدمة ديوانه الموسوم (ترانيم في ظلال النخيل):
تربى في مهاد كلاسيكي محتذيـا”شعراء العرب القدامى في النظم على طريقة الشعر العمودي ذي الشطرين وصبّ أغلب شعره
في هذا القالب .. ويقول أيضا: وقد أَنِسَ في نفسِــهِ قول الشــعر مبكرا”ومال إلى شعر إبراهيم طوقان وبدوي الجبل وعمر أبو ريشة من حيثُ البساطة والجزالة ، كما يذهب ليقول : شعره يحفل بالرنين وإلأيقاع ويحتفل بالقافية في أعتبار نفسه منشدا، ومترنما، وشاديا..
ويقول الأديب الأستاذ الدكتور أياد عبدالمجيد إبراهيم: ظلّ الشاعر مواكبــا للأحداث، يرى في ذاته مغردا، شاديا، تُثاب الحياة به .. يكمن الشعر في روحه، ونداء يجري في دمه، بل أنّ أنفاسه تعبق وتُضوع شعرا.
أنهُ ينتمي إلى كل الأجيال وقصيدته كما يراها أحد النقاد، تنتمي إلى شعر القصيدة الحرة في مطلع الخمسينات، الحقبة التي أصبح فيها الشعر العربي على صلة بالحداثة ..
كتب في الشعر الموزون المقفى، والمتأمل في الحركة الشعرية بالبصرة يجد أنّ الأدب يذكر في الستينات حتى التسعينات في المحافظة، لابد من أن يكون لقاسم البدر فيه حضور وجهد مع ذلك الرعيل الأول الذي قدّم الكثير ..
من قصائدة نختار قصيدة كـأس الأحـبــة المنشورة في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين. صدر له بعد وفاته (ترانيم في ظلال النخيل)
كأسُ الأحبة في فمي شهْدُ
ونداؤهم لمشاعري وجْدُ
ولقاؤهم أفياء وارفة
وضماد جرح حين يشتد
فيض الهوى روّى مغارسَها
وسما له في ظلها مهْد
ريانة تهتز عن طرب
وترقّ لا هجر ولا صد
فكأنها وفم يقبِّلها
حسناء ضجّ بصدرها النهْد
فتدقّ أجراس منغمة
ويميس منها العِطف والقَدّ
☆☆☆☆
يا كأس أحلامي مجنحة
ومع الهوى لشبابها عوْد
وملامحي ما زلت أسألها
فتجود وهي الغيث والرعد
ناديتها فأتت محجلة
شقراء يخفق فوقها البند
عربية أرخت أعنتها
ومضت وليس لشأوها حد
عادت كما كانت محلقة
وعلى المدى من فيضِها مدّ
تتواثب الأيام مقبلة
للقائها، ويصفق المجد
☆☆☆☆
يا كأس مدي الصفو وابتردي
وترفقي فلقاؤنا وعد
وتدفقي نبعا تهدهده
كفٌّ، فيحلو الشدْو والورد
لا تحفِلي بالأمس واتخذي
مغناك حيث تعانق الود
كنا وكانت جفوة عرضت
واليوم نحن الجيد والعقد
وهتافنا والركب منطلق
متوحد هيهات يرتد
وأكفّنا عقدت خناصرها
فشدت سعاد وزغردت هند
وهوت على عجلٍ مهشمةً
لُعبٌ ومات الشر والحقد
☆☆☆☆
يا شعر أنت مَضاءُ ثائرة
والراية الخضراء والجند
والحق حين يعز ناصره
والمبتغَى والسيف والغِمد
جلّت يداك فأنت ممتحن
وسمت خطاك وبورك القصد
فلديك من أهل التُّقى ورع
ولديك من أهل النُّهى رشد
وإذا مشيت فلست محتطبا
وإذا وقفت فإنك الطود
وإذا غضبت فأنت سابرها
غورا وأنت بجوفها وقْد
فتَوَقَّ مزلقة إذا ما أقبلت
ومشى على إيمائها السعد
وتأمل الآفاق حين يلفّها
صمت ويخنق ضوءها كيد
فمداك إن عز الظهير مرابع
خضراء يبسم فوقها الورد
وهواك إيمان ونبرة شاعر
رقت فرَقَّ بمعصمي قيد
☆☆☆☆
أحلامي البيضاء جئت أزفها
فجرا إذا ما الدهر يسودُّ
قدَّسته أملا يمد شعاعه
فرحا ويشرق حيثما يبدو
وضممته والقلب مُلتاث الخطى
بعد الصدود أضره الجهد
في مقلتيه بريق ساحرة
وعلى يديه تزاحم الرفد
ناغيت لم أكتم تباريح الهوى
يوما إذا ما شفَّني السهد
سمراء مدّ العمر أجنحة
حتى احتواها القرب والبعد
كانت أناشيدي إذا رددتها
والبلبل الغريد إذ يشدو
جُنّت وقد طاشت مقاصدها
وهوى بها في هوَّة وغْد
حتى كأني لم أبارك حبها
يوما ولم يتورد الخد
لكنها لا بد أن تَرِد الحمى
صفوا وأن يتجدد العهد
☆☆☆☆
يا كأس ما ريعت خواطرنا
ونأى بها في ذلة وغد
يا كأس ما زالت مرابعنا
تزهو وصرح الجور ينهدّ
يا كأس أعراس مواكبنا
وعزائم كالهول تشتد
ومن قصائده في رثاء الشاعر بدر شاكر السياب قصيدة ذكرى السياب يقول فيها:
صمت اليراع تعففا” وإباءا
ومضيت تحمل للخلود لواءا
ونهجت نهج الخالدين ولم تزل
بفم الزمان قصيدة عصماءا
ولئن تخيّرك القضاء’فإنمــــا
جعل الأله مكانك العليـــاءا
فغدوت ذكرى لا تملّ وصرخة
عربية ورسالة غـــرّاءا
تطأ المدى المخبوء تملأه صدى
فترى الحياة رحيبة سمحاءا
وتعود والدنيا تزغرد كلما
خطرت رؤاك فتية عذراءا
يا أيها البدر الذي أنا بأسمه
أشدو وأترك خلفه الأسماءا
أصبو إليك وأنت تشرق والدجى
شــد الرحال ولملم الأشلاءا
وكتب للعراق أجمل القصائد المعبرة عن حبه لوطنه، ومن قصيدة له بعنوان قسم العراق يقول:
هي الحقيقة لا لوم ولا عتب
قد قلتها بجلاء مثلمــــــا يجب
وأنت تقســم أن تبقى إردتنا
هي التي حين جد الجد تنتخب
أطلقتها عنفوانا” أنت تملكه
وصولة وجهــــــادا” كله دأب
تذود حين يكون الذود مفخرة
عمّا تخب وما تجني وما تهب
وقد جعلت الأماني الغر مشرقة
أمام من عشقوها أينما ذهبوا
فيا عراق حسمت الأمر مقتحما”
وقلتها وهي في أعماقنا لهب
فلا تمدّ يدا” إلاّ وأنت بهـــــــــا
تعلى البناء فتعلوا فوقها القبب
—
اختيرت بعض المقالات بتصرف عن ناظم عبدالوهاب المناصير.