حينما لا تتحقق رؤية العمل الادبيّ باجناسه المختلفة؛ تبقى الذاكرة تختزن مكان وزمان تلك الإلتقاطات، وقد تكون متناثرة دون تجميع لها،وتتناساها الذاكرة، أو قد تصبح بحُلة نثر جميلة، وهذا ما قام به الإعلامي جمال عابد فتّاح بإصدار مؤلفه”البصرة شخصيات واماكن” والصادر عن دار الأدب البصريّ/٢٠٢١ بطباعة أنيقة بواقع /٢٥٨ عنوان البصرة – تاريخ-
ويذكر الإعلامي جمال عابد في الإهداءانّه دخل عالم الصحافة والإعلام مشيراً” إلى الرجل الذي ساعدني ووقف معي وفتح لي الطريق لدخول عالم الصحافة والإعلام” ويكرر إهداءه” إلى الرجل الذي علّمني الف باء الصحافة” ص٥ويشير بذلك إلى د. علي حسين لعيبي رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير مجلة الآداب والفنون الإسبوعيّة، والصادر ة عن دار آراء-بغداد-
واجد انَّ الإعلامي جمال عابد قد إستفاد من مقولة ماركيز” إنَّ الصحافة بإمكانها ان تصير ادباً”وقد حقق الإعلامي جمال حلمه من خلال منجزه في التعريف والتوثيق لتاريخ البصرة أماكن وشخصيات بإسلوب موجز، ومعزز بالصور الملوّنة. والكتاب بأربعة فصول :يبدأ الفصل الاوّل عنوان اعلام البصرة ص١٧ وتبدأ بالترتيب الهجائي عن عشرين شخصيّة في الأدب، والطب، وذكر مؤلفاتهم الادبيّة؛ امّا الفصل الثاني فيتناول فيه شخصيّات اثرت في دراسته عن خمس عشرة شخصية في الإدارة والإقتصاد، والطب والعلوم.
ويخصص الفصل الثالث للأطباء عبر ست شخصيات في طب الأسنان ، والعيون، والكسور.. يقول عن د. شوارش طبيب وجراحة العيون ص١٢٢
“اهل البصرة يعرفونه جيّداً؛ وكانوا يطلقون عليه إسم(الدكتور وشواش) وذلك لصعوبة نطق إسمه في ذلك الوقت، وهو قد تعوّد على ذلك الإسم.” وانا اتذكر إنّي زرته في عيادته لغرض فحص عيني بمراجعة ثانية فابى ان يتسلّم أجرة الفحص، وقال ليس كلّ شيء المال، وهذا من طيبته وحُسن تعامله في مهنته.
وفي الفصل الرابع يخصص الإعلامي جمال عابد مؤلفه عن محلات، وأسواق،ومعالم البصرة بواقع ستين مكاناً، واثراً ما زال بعضه باقياً رغم قِدمه. عنوانات كثيرة بإسلوب جميل، وعن مدى تعلّق الكاتب بتلك الأماكن والتي تشكّل إرث البصرة التاريخي فقد تنوعت عنده، ومن ذلك “تمثال أسد بابل /ص١٣٠، والإعدادية المركزية للبنين، وحلويات ومعجنات الانصاريّ، سوق الجنط،والمكتبة الاهليّة في البصرة، والمكتبة العلمية.ويستذكر عن والده الخياط عابد فتاح ص/١٦٢، وكيف عمل في الخياطة عندما جاء إلى البصرة في الخمسينيات؛ ولا ننسى من اماكننا الجميلة جبل سنام /ص٢٥١ وحلاوة نهر خوز، وحمام الحسيني، وستوديو كارو، وسوق الندافين وإنتهاءً “بجامع ذي المنارتين”ص/٢٥٧.
والكتاب اثره في المجتمع، وأفراده كبير، وهو يشير إلى اغلب مَنْ كتب عنهم أصحاب المهن بالطيب، والتواضع، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وكذلك مبادلة اهل البصرة بالودَّ والإحترام معهم. عسى أن يطلّع الجيل على التقاطات الإعلامي جمال عابد؛ وهو يذكّرهم بالشخصيّات لعقود مضت وكفاحهم في المهنة، والإخلاص ليجدوا فرق السنوات الماضية عن الحاضر وما دخل لمجتمعنا من عادات ، وشخصيّات تتاجر بالمخدرات، والقتل.
يُذكر إنَّ الإعلامي جمال عابد مدير مكتب مجلة الآداب والفنون في البصرة وقد أصدر كتاب “دردشة بصريّة/٢٠١٨ طبعة ثانية /٢٠١٩،وشارك في” ديوان شعر /٢٠١٦-٢٠١٨قد يعود مرّة اُخرى وعزف على أوتار الحروف ” وله لقاءات صحفيّة مع الأدباء في البصرة، وادباء في سوريا ولبنان ومصر، ومثّل مجلة الآداب والفنون في الإتحاد الدوليّ للادباء والشعراء العرب، وصالون تحيا مصر والذي أُقيمَ في مصر/ آذار /٢٠٢٠
مبارك لجهد الإعلامي ّ جمال عابد في مؤلفه البصرة شخصيّاته واماكن، والذي لا تستغني عنه المكتبة لما فيه من وصف وإيجاز ولغة سهلة، وهو يكتب بقلمه، ويلتقط صوراً معبّرة عما يكتبه.