هل فعلاكانت مبادرةملك المملكة العربية السعودية عبدالله بن عبد العزيز للساسةالعراقيين لاجتماع يُعقدبعد الحج مفاجأة بالنسبة للعراقيين كما كتب عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الاوسط السعودية قبل يومين ؟.
أم ان مضمون التحرك السعودي لم يكن كذالك مطلقا ؟.
الجواب نعم بالفعل كانت مبادرة الملك السعودي مفاجأة لكن ليس للعراقيين على الحقيقة وانما كانت اكثر مفاجأة للاقليم العراقي العربي وغير العربي لاسيما منه الامين العام للجامعة العربية عمروموسى الذي تحدثت المبادرةالسعودية باسمهاوتحت اشرافها بدون حتى ان تستطلع رأي الامين العام لهذه الجامعة العربية او تأخذ راي اعضائها الواحد والعشرين العرب !.
أما بالنسبة للعراقيين ففضلا من انه لم يتفاجأ العراقيون من هذا التناول السعودي للشأن العراقي ، ولا من المبادرة السخية التي طرحها الملك عبدالله بن عبد العزيز فهي كذالك ومع الاسف مبادرة جوبهت بانفعالية عراقية عاطفية غير مسبوقة مع انه متوقع العاطفة في سياسة القادة العراقيين الجدد لكنها هذه المرّة كانت ردّة فعل عراقية عنيفة جدا على المبادرة السعودية ، بل وتجاوز الرد الرسمي العراقي الى ابعدمن ذالك في الهجوم المباشرعلى النواية الغيرطيبة لهذه المبادرة وانهاجاءت لتعرقل مسيرة السلام العراقية الداخلية وتشكيل الحكومة المرتقبة ، وانها تلعب بالوقت الضائع ، وإن من الافضل للسعودية اسقاط ديون العراق وعدم ارسال الانتحاريين الى هذا البلداو على الاقل الامتناع عن اصدارفتاوي التكفير ضد الشعب العراقي او تمويل العصابات الارهابية ماليا لضرب استقرار العراق …..الخ !!!.
كل هذا كان محُّضرا من قبل الجانب العراقي لأيّ تحرك سعودي مفاجأ ، وحتى ان القيادة السعودية السياسية فيما بعد وبدلا من ان تفاجأ هي العراقيين وجدت نفسها متفاجأة ومنذهلة هي من ردود افعال العراقيين العنيفة ضد مبادرة ملكها بل وردود افعالهم التي خرجت من كل اتكيت سياسي ،كان يغطيه جليد خفيف قبل ان تخرج المبادرة عليه لتذيبه وتظهر وجها عراقيا سياسيا اخر لم تكن ترغب الرياض بالكشف عنه صيانة لشعرة معاوية بينها وبين العراقيين !!.
وعلى اي حال طرحت المبادرة السعودية وكان الفعل العراقي ردود أفعال غير مدروسة مئة بالمئةومن اين يأتي الدرس في رسم السياسة العراقية ، ولهذا الوقت لايوجد لدى الدولة العراقية اي مرجعية موحدة لرسم سياسات العراق الجديد في كل شيئ فضلا عن رسم سياسات الدولة العراقية الخارجية وما هو موجود على الواقع مجرد ردود فعل هنا وهناك ومن هذا الحزب وذاك التكتل او هذا التحالف وذالك التيار لاغير ، وبشكل متضارب وغير منسجم ، ومُستقطب وحسب اجندات لها ارتباطات ورؤى وحسابات تقريبا كلها ضيقة وحزبية ولاتستطيع استيعاب استرتيجية الدولة بشكل عام وتظهر كردود فعل دائما للفعل الخارجي او الداخلي وليس كصناعة للفعل من خلال رسم سياسات مسبقة ومدروسة وصاحبة خطوات بداية ونهاية او انطلاقة وهدف !!.
نعم سأل الكثيرممن تناول هذه المبادرةمن جانب آخرعن الغايات والاهداف والمبررات التي دفعت الجانب السعودي لسلق مبادرة على نار حامية جدا وطرحها امام الساحة العراقية بهذه السرعة الضوئية الغير معهودة في سياسات المملكة العربية السعودية البطيئة الحركة ، والتي شُبهّت كثيرا بحركة السلحفاة ، لكنّ وفجأة رأى الكثير كيف ان المبادرة السعودية تحولت في سيرها الى الوثب السريع في الشأن العراقي ، وكأنها ارنب مذعور قد طُورد من قبل ثعلب ماكر وخبيث !!.
فياترى لماذا طرحت السعودية مبادرة للجانب العراقي بهذه الصيغة السريعة تماما ؟.
البعض من المحللين اجاب : بانها محاولة لوضع العصي السعودية في دواليب تشكيل الحكومة العراقية المرتقبة والتي اوشكت على الانجاز تماما ، وذهب هذا الفريق الى ان السعودية : ارادت من خلال مبادرتها على الحقيقة اعاقة تشكيل الحكومة العراقية وليس المساهمة في بناءها ، لذالك عبر الاكثر من العراقيين عن هذا التوجه بالقول ((انها جاءت متأخرة جدا وتلعب في الوقت الضائع الذي اوشك فيه العراقيون الوصول الى بر الامان في تشكيل الحكومة )) !!.
أما باقي الرؤى والتحليلات فذهبت الى ان هناك انشقاقات خطيرةبرزت في القائمةالعراقية بقيادة علاّوي بعد ان توافق العراقيون على نوعية الحكومة المقبلة والمعروف انها صنيعة سعودية ، وتفكيكها يعني تفكيك الدور والتدخل السعودي في الشان العراقي ولهذا سارعت السعودية بطرح مبادرة من شأنها ان تعطل عملية الذهاب بتشكيل الحكومة ،وتعطي الفرصة او ترمي حبل النجاة للقائمة العراقية من الغرق ، وتهبها التماسك الى مابعد الوقت الذي ضرب لتشكيل الحكومة في العراق !!.
أما الرؤية الثالثة من تحليل المبادرة السعودية فذهبت بثقلها لتعلن :أن نوايا المبادرة السعودية لاتخرج عن اطار التشويش على عودة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لولاية ثانية في تشكيل الحكومة وان المبادرة كلها كان هدفها الاول والاخير هو نحر المالكي وكيفية الوصول اليه وقطع وريده كي لاتبعث الحياة به بولاية ثانية في حكومة العراق الجديدة !!.
طبعا كل هذه الرؤى والتحليلات التي ذكرناها كانت هي الوجهة السائدة في الخطاب العراقي المتشكك بالنوايا السعودية باستثناء رؤية قادة القائمة العراقية التي رحبت بالمبادرة واعلنت قبولها الفوري بها بل ودعت جميع الكتل والتحالفات والاحزاب العراقية للالتحاق بالمبادرة وتلبية طلب الذهاب الى الرياض لمناقشة الشأن العراقي هناك وبدون تردد !!.
ألآن هل ان المبادرة كانت تحمل نوايا حسنة او سيئة ؟، وماهي مبررات توقيتها الفجائية ؟ ، وهل هو توقيت لصالح الاستقرار والامن وتشكيل الحكومة داخل العراق ام العكس ؟…..الخ كل هذا لم يكن يداخلني شخصيا بالقلق او الاهتمام للمبادرة السعودية وتوجههاللشأن العراقي الداخلي لأنه شيئ اصبح واضحا ولالبس فيه ولكنّ ماكان يشغل فكري حول المبادرةبصورة شخصية هو أسألة من قبيل :
ماهو انعكاس المبادرة السعودية نفسها على الشأن السعودي السياسي اقليميا ودوليا ؟.
وهل استطاع العراقيون ان يقرأوا المبادرة السعودية بصورة استراتيجية ، بحيث يمكنهم أمتصاص المبادرة من جهة وتوجيهها عراقيا وفي اطار صراعهم المحق من الجانب الاخر ؟.
أم انه كالعادة لم يأخذوا الفرصة الكافية لفهم المعادلات السياسية في المنطقة وتوظيفها لتطلعاتهم المستقبليةولهذا جاءت ردود افعالهم انفعالية وعاطفية اكثر منها استراتيجية ومخطط لها مُسبقا ؟.
ممايبدوحتى الان لم يكن في المواقف العراقيةالسياسية المتناشزة شيئ جديدبل هي هي السياسات ذات المصالح الحزبية الضيقة والمتضاربة والمضعفة للوضع العراقي الجديد بصورة عامة ، وبدلا من قلب الطاولة على المبادرة السعودية ، اصبح العراقيون هم الرافضين مطلقالاي مساندةعربية وربما خرجت السعودية بمبادرتهاالمسلوقة على عجل هذه على اساس انهاصاحبت النوايا الحسنة للعراق والعراقيين بصورة عامة ،والمبادرة للمّ شملهم بينما العراقيون هم من يريد الانسلاخ من عالمه العربي وجامعته العربية التليدة !!.
أما لوفرضنا ان ردّة الفعل العراقية كانت ردود افعال مدروسة ، ومتوازنة وغير انفعالية ،وبشكل مختلف عن ماطرح في الرفض والهجوم على المبادرة السعودية ، وليكنّ تصورنا الشكر والثناء العراقي العالي المنسوب ، لمبادرة خادم الحرمين الشريفين مع استمرار العراقيين بتشكيل حكومتهم قبل انقضاء موعد المبادرة ، فهل سيكون العراقيون قد قدموا شيئا نافعا لوضعهم السياسي الجديد ، واداروا دفة المعركة لصالحهم ؟.
أم انهم سوف لن يجنوا اي شيئ ايجابي من جرّاء السياسات المرسومة عقليا بهذا الاطار ؟.
في الواقع للذي ليس مهتما بالشأن العربي السياسي والاقليمي العراقي بالخصوص فإن هذه المبادرةالسعودية تعتبر طعنة كبيرة للسعودية في شانها العربي والاقليمي الاسلامي المحيط في العراق لو استطاع او فهم او تمكن العراقيون من ادارة هذه المبادرة بصورة سياسية معقلنة فهي :
اولا : كانت لتكون فرصة عظيمة، للعراقيين لاستغلالها في ادارة معركة النفوذ الاقليمي ، التي تجري داخل العراق لصالح الاقليم العربي والاسلامي ، ان يحولها العراقيون لصراع خارجي اقليمي يدور في خارج العراق، وعلى العراق ولكن ليس في داخله من اجل الاقليم وخارجه !!.
بمعنى :انه كان بأمكان العراقيين استغلال مثل هذه المبادرات الغيرمدروسة بعمق ولاسيماالمبادرة السعودية هذه والتي يعتقدون انها جاءت لتتدخل بشأنهم الداخلي وتعطل مسيرتهم السياسية ……الخ ، كان بامكانهم وبقليل من التأمل في العلاقات الخارجية لدول الجوار العراقي ان يدركوا ان هذه المبادرة قبل ان تكون مرفوضة عراقيا داخيليا هي ايضا مرفوضة اقليميا عراقيا ايضا ما يعني ان بامكان العراقيين جعل المبادرة السعودية في الشأن العراقي رصيد لهم ،لنقل معركة السعودية والاقليم من داخل العراق لخارجه ، لتتحرك تركيا الرافضة تماما لنفوذ سعودي في داخل العراق وتتحرك طهران التي هي اشد بغضا للدور السعودي داخل العراق …… وهكذا الاردن وسوريا ، فكل هؤلاء الاقليميين للعراق هم ايضا ،لايقبلون مطلقا بلعب دور سعودي يصل الى انشاء طائف جديدللعراق على غرارلبنان لكن بالمقابل كل هذاالاقليم مستريح ومسترخي لعلمه ان العراقيين وبذكائهم السياسي المتدني المنسوب هم من سيقوم بتحجيم دورالسعودية داخل العراق وخدمتهم للاقليم من حيث لايشعرون بهذه النقطة وإلا لو علم الاقليم ان العراقيين اصحاب حنكة ودهاء ، وانهم بالامكان ان يلعبوا بورقة تقريب السعودية لضربهم بتركيا اوتقريب الاردن بالعلاقات السياسية لضربهم بسوريا ….وهكذا لاستنفر الاقليم العراقي ولرأينا كيف ان حرب النفوذ على العراق انتقلت من الداخل العراقي الى خارجه بينما العراقيون ينظرون الى كيفية استقرارداخلهم العراقي من هذه المطحنة والحرب الاقليميةالغير معلنة على النفوذ داخل العراق !!.
فالحق ان المبادرة السعودية هي مرفوضة تركيا قبل ان تطرح وايرانيا واردنيا وكذا سوريا كما ان هناك تسريبات كثيرة اشارت الى عدم سماح هذه الدول للعب السعودية لاي دور فيه هيمنة او توسع سعودي داخل العراق ، ولعلّ السعودية نفسها تدرك هذا المعنى وما من منقذللسعودية من مأزقها غيرالسياسات العراقية الخرقاءالتي لاتدري ولاتدري انها لاتدري ولهذا فدوما السعودية لاعبة داخل العراق ليس بقوتها وحنكتها ومالها …بقدر استغلالها لضعف التجربة السياسيةداخل العراق الجديد وتخبطها وعدم امتلاكها للرؤية السياسية الخارجية التي تدرك تناقضات الخارج العراقي اكثر من داخله ، وتلعب على اساسه وليس على اساس ضعفها الداخلي !.
ثانيا : هذه المبادرة السعودية مبادرة انفرادية كما اعلن فيما بعد ، وانها مبادرة حتى لم تأخذ رأي الامانة العامة للجامعة العربية التي تحدثت تحت غطائها وهذا ما اغضب عمرو موسى ودفعه للتصريح بعدم معرفته بمبادرة السعودية فاذا اضفنا لذالك ماتمر به الجامعة وامانتها العامة من اشكاليات وصراع بين السعودية ومصر على منصب الامانة العامة واخذنا من جا نب اخر تحدث السعودية باسم الجامعة لدعوة العراقيين لاجتماع في الرياض وعلمنا ان اعضاء الجامعة العربية مازال الكثير منهم غير معترف اصلا بالتغيير في العراق مثل ليبيا واليمن والجزائر والمغرب …….الخ ، ادركنا الفرصة الذهبية التي القيت بين ايدي العراقيين لصناعة اختراق حقيقي في الموقف العربي المناهض للتجربة العراقيةلو استطاع استثمارهذه المبادرة السعودية واحتوائها على الاقل وتوظيفها بعد تشكيل الحكومة في العراق لصالح العراق خارجيا واقليميا !!.
لكن مع الاسف العراقيون بالفعل اضاعوا فرصة ذهبية للعب دور عراقي خارجي وليس داخلي كان بالامكان تغيير معادلات كثيرة لو كان العراقيون اكثر رسما للسياسة الخارجية ، بوعي وحنكة وكان بامكان العراقيون ، ان يحولوا المبادرة من كونها مبادرة ( لاستضافة العراقيين قبل تشكيل الحكومة الى مبادرة لاستضافة العراقيين بعد تشكيل هذه الحكومة)التي تشكل حسب الموازنات السياسية الداخلية العراقية التي يرغب العراقيون باقامتها ، وبهذا يضمن العراقيون عصفورين بحجر واحد !!.
لكن ماحصل هو هوجة سياسية حزبية عراقية ،لها اول وليس لها اخر ضد المبادرة السعودية ، التي يبدو انها قفلت الباب حتى بالتفكير اصلا باستضافةعراقيين اذا شكلت حكومةفي العراق اصلا في هذا الوقت اما ان جاء موعد المبادرةالسعودية والعراقيون لم يزالوا بلا حكومةفسوف ننظر ونضحك كثيراعلى العقل السياسي العراقي الجديدالذي بغبائه حوّل العراق الى محرقة للعراقيين وفشل ذريع لتجربة لو كانت بغير يد العراقيين لوظفوا كل العالم لمصالحهم الوطنية !!!.
ارجوا ان تؤخذ رؤيتنا هذه في الفُرص المقبلة ، التي تُطرح امام العراقيين اقليميا ودوليا ،باعتبار اني من المعتقدين ان المبادرة السعودية قد انتهت بفعل عوامل عدة ذكرناها ، وان يكون لدولتنا مرجعية في رسم سياساتها الخارجية والداخلية ، تكون مرجعا مستقلا ،ومركزا للابحاث يرجع لها السياسيون في انتقاء مواقفهم ، وكيفية تعاملهم مع الاحداث السياسية الاقليمية المحيطة في العراق ، وان ينتهي السياسي العراقي من ردود الافعال العاطفية والارتجالية في رؤيته السياسية في فهم المبادرات التي تطرح بالشأن العراقي الداخلي من الخارج والارتقاء من عقلية النظرة الضيقةالداخلية الى عقلية الدولة والتخطيط الاستراتيجي المدرك متناقضات الخارج العراقي اكثر من متناقضات الداخل فيه !!.
أم ان مضمون التحرك السعودي لم يكن كذالك مطلقا ؟.
الجواب نعم بالفعل كانت مبادرة الملك السعودي مفاجأة لكن ليس للعراقيين على الحقيقة وانما كانت اكثر مفاجأة للاقليم العراقي العربي وغير العربي لاسيما منه الامين العام للجامعة العربية عمروموسى الذي تحدثت المبادرةالسعودية باسمهاوتحت اشرافها بدون حتى ان تستطلع رأي الامين العام لهذه الجامعة العربية او تأخذ راي اعضائها الواحد والعشرين العرب !.
أما بالنسبة للعراقيين ففضلا من انه لم يتفاجأ العراقيون من هذا التناول السعودي للشأن العراقي ، ولا من المبادرة السخية التي طرحها الملك عبدالله بن عبد العزيز فهي كذالك ومع الاسف مبادرة جوبهت بانفعالية عراقية عاطفية غير مسبوقة مع انه متوقع العاطفة في سياسة القادة العراقيين الجدد لكنها هذه المرّة كانت ردّة فعل عراقية عنيفة جدا على المبادرة السعودية ، بل وتجاوز الرد الرسمي العراقي الى ابعدمن ذالك في الهجوم المباشرعلى النواية الغيرطيبة لهذه المبادرة وانهاجاءت لتعرقل مسيرة السلام العراقية الداخلية وتشكيل الحكومة المرتقبة ، وانها تلعب بالوقت الضائع ، وإن من الافضل للسعودية اسقاط ديون العراق وعدم ارسال الانتحاريين الى هذا البلداو على الاقل الامتناع عن اصدارفتاوي التكفير ضد الشعب العراقي او تمويل العصابات الارهابية ماليا لضرب استقرار العراق …..الخ !!!.
كل هذا كان محُّضرا من قبل الجانب العراقي لأيّ تحرك سعودي مفاجأ ، وحتى ان القيادة السعودية السياسية فيما بعد وبدلا من ان تفاجأ هي العراقيين وجدت نفسها متفاجأة ومنذهلة هي من ردود افعال العراقيين العنيفة ضد مبادرة ملكها بل وردود افعالهم التي خرجت من كل اتكيت سياسي ،كان يغطيه جليد خفيف قبل ان تخرج المبادرة عليه لتذيبه وتظهر وجها عراقيا سياسيا اخر لم تكن ترغب الرياض بالكشف عنه صيانة لشعرة معاوية بينها وبين العراقيين !!.
وعلى اي حال طرحت المبادرة السعودية وكان الفعل العراقي ردود أفعال غير مدروسة مئة بالمئةومن اين يأتي الدرس في رسم السياسة العراقية ، ولهذا الوقت لايوجد لدى الدولة العراقية اي مرجعية موحدة لرسم سياسات العراق الجديد في كل شيئ فضلا عن رسم سياسات الدولة العراقية الخارجية وما هو موجود على الواقع مجرد ردود فعل هنا وهناك ومن هذا الحزب وذاك التكتل او هذا التحالف وذالك التيار لاغير ، وبشكل متضارب وغير منسجم ، ومُستقطب وحسب اجندات لها ارتباطات ورؤى وحسابات تقريبا كلها ضيقة وحزبية ولاتستطيع استيعاب استرتيجية الدولة بشكل عام وتظهر كردود فعل دائما للفعل الخارجي او الداخلي وليس كصناعة للفعل من خلال رسم سياسات مسبقة ومدروسة وصاحبة خطوات بداية ونهاية او انطلاقة وهدف !!.
نعم سأل الكثيرممن تناول هذه المبادرةمن جانب آخرعن الغايات والاهداف والمبررات التي دفعت الجانب السعودي لسلق مبادرة على نار حامية جدا وطرحها امام الساحة العراقية بهذه السرعة الضوئية الغير معهودة في سياسات المملكة العربية السعودية البطيئة الحركة ، والتي شُبهّت كثيرا بحركة السلحفاة ، لكنّ وفجأة رأى الكثير كيف ان المبادرة السعودية تحولت في سيرها الى الوثب السريع في الشأن العراقي ، وكأنها ارنب مذعور قد طُورد من قبل ثعلب ماكر وخبيث !!.
فياترى لماذا طرحت السعودية مبادرة للجانب العراقي بهذه الصيغة السريعة تماما ؟.
البعض من المحللين اجاب : بانها محاولة لوضع العصي السعودية في دواليب تشكيل الحكومة العراقية المرتقبة والتي اوشكت على الانجاز تماما ، وذهب هذا الفريق الى ان السعودية : ارادت من خلال مبادرتها على الحقيقة اعاقة تشكيل الحكومة العراقية وليس المساهمة في بناءها ، لذالك عبر الاكثر من العراقيين عن هذا التوجه بالقول ((انها جاءت متأخرة جدا وتلعب في الوقت الضائع الذي اوشك فيه العراقيون الوصول الى بر الامان في تشكيل الحكومة )) !!.
أما باقي الرؤى والتحليلات فذهبت الى ان هناك انشقاقات خطيرةبرزت في القائمةالعراقية بقيادة علاّوي بعد ان توافق العراقيون على نوعية الحكومة المقبلة والمعروف انها صنيعة سعودية ، وتفكيكها يعني تفكيك الدور والتدخل السعودي في الشان العراقي ولهذا سارعت السعودية بطرح مبادرة من شأنها ان تعطل عملية الذهاب بتشكيل الحكومة ،وتعطي الفرصة او ترمي حبل النجاة للقائمة العراقية من الغرق ، وتهبها التماسك الى مابعد الوقت الذي ضرب لتشكيل الحكومة في العراق !!.
أما الرؤية الثالثة من تحليل المبادرة السعودية فذهبت بثقلها لتعلن :أن نوايا المبادرة السعودية لاتخرج عن اطار التشويش على عودة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لولاية ثانية في تشكيل الحكومة وان المبادرة كلها كان هدفها الاول والاخير هو نحر المالكي وكيفية الوصول اليه وقطع وريده كي لاتبعث الحياة به بولاية ثانية في حكومة العراق الجديدة !!.
طبعا كل هذه الرؤى والتحليلات التي ذكرناها كانت هي الوجهة السائدة في الخطاب العراقي المتشكك بالنوايا السعودية باستثناء رؤية قادة القائمة العراقية التي رحبت بالمبادرة واعلنت قبولها الفوري بها بل ودعت جميع الكتل والتحالفات والاحزاب العراقية للالتحاق بالمبادرة وتلبية طلب الذهاب الى الرياض لمناقشة الشأن العراقي هناك وبدون تردد !!.
ألآن هل ان المبادرة كانت تحمل نوايا حسنة او سيئة ؟، وماهي مبررات توقيتها الفجائية ؟ ، وهل هو توقيت لصالح الاستقرار والامن وتشكيل الحكومة داخل العراق ام العكس ؟…..الخ كل هذا لم يكن يداخلني شخصيا بالقلق او الاهتمام للمبادرة السعودية وتوجههاللشأن العراقي الداخلي لأنه شيئ اصبح واضحا ولالبس فيه ولكنّ ماكان يشغل فكري حول المبادرةبصورة شخصية هو أسألة من قبيل :
ماهو انعكاس المبادرة السعودية نفسها على الشأن السعودي السياسي اقليميا ودوليا ؟.
وهل استطاع العراقيون ان يقرأوا المبادرة السعودية بصورة استراتيجية ، بحيث يمكنهم أمتصاص المبادرة من جهة وتوجيهها عراقيا وفي اطار صراعهم المحق من الجانب الاخر ؟.
أم انه كالعادة لم يأخذوا الفرصة الكافية لفهم المعادلات السياسية في المنطقة وتوظيفها لتطلعاتهم المستقبليةولهذا جاءت ردود افعالهم انفعالية وعاطفية اكثر منها استراتيجية ومخطط لها مُسبقا ؟.
ممايبدوحتى الان لم يكن في المواقف العراقيةالسياسية المتناشزة شيئ جديدبل هي هي السياسات ذات المصالح الحزبية الضيقة والمتضاربة والمضعفة للوضع العراقي الجديد بصورة عامة ، وبدلا من قلب الطاولة على المبادرة السعودية ، اصبح العراقيون هم الرافضين مطلقالاي مساندةعربية وربما خرجت السعودية بمبادرتهاالمسلوقة على عجل هذه على اساس انهاصاحبت النوايا الحسنة للعراق والعراقيين بصورة عامة ،والمبادرة للمّ شملهم بينما العراقيون هم من يريد الانسلاخ من عالمه العربي وجامعته العربية التليدة !!.
أما لوفرضنا ان ردّة الفعل العراقية كانت ردود افعال مدروسة ، ومتوازنة وغير انفعالية ،وبشكل مختلف عن ماطرح في الرفض والهجوم على المبادرة السعودية ، وليكنّ تصورنا الشكر والثناء العراقي العالي المنسوب ، لمبادرة خادم الحرمين الشريفين مع استمرار العراقيين بتشكيل حكومتهم قبل انقضاء موعد المبادرة ، فهل سيكون العراقيون قد قدموا شيئا نافعا لوضعهم السياسي الجديد ، واداروا دفة المعركة لصالحهم ؟.
أم انهم سوف لن يجنوا اي شيئ ايجابي من جرّاء السياسات المرسومة عقليا بهذا الاطار ؟.
في الواقع للذي ليس مهتما بالشأن العربي السياسي والاقليمي العراقي بالخصوص فإن هذه المبادرةالسعودية تعتبر طعنة كبيرة للسعودية في شانها العربي والاقليمي الاسلامي المحيط في العراق لو استطاع او فهم او تمكن العراقيون من ادارة هذه المبادرة بصورة سياسية معقلنة فهي :
اولا : كانت لتكون فرصة عظيمة، للعراقيين لاستغلالها في ادارة معركة النفوذ الاقليمي ، التي تجري داخل العراق لصالح الاقليم العربي والاسلامي ، ان يحولها العراقيون لصراع خارجي اقليمي يدور في خارج العراق، وعلى العراق ولكن ليس في داخله من اجل الاقليم وخارجه !!.
بمعنى :انه كان بأمكان العراقيين استغلال مثل هذه المبادرات الغيرمدروسة بعمق ولاسيماالمبادرة السعودية هذه والتي يعتقدون انها جاءت لتتدخل بشأنهم الداخلي وتعطل مسيرتهم السياسية ……الخ ، كان بامكانهم وبقليل من التأمل في العلاقات الخارجية لدول الجوار العراقي ان يدركوا ان هذه المبادرة قبل ان تكون مرفوضة عراقيا داخيليا هي ايضا مرفوضة اقليميا عراقيا ايضا ما يعني ان بامكان العراقيين جعل المبادرة السعودية في الشأن العراقي رصيد لهم ،لنقل معركة السعودية والاقليم من داخل العراق لخارجه ، لتتحرك تركيا الرافضة تماما لنفوذ سعودي في داخل العراق وتتحرك طهران التي هي اشد بغضا للدور السعودي داخل العراق …… وهكذا الاردن وسوريا ، فكل هؤلاء الاقليميين للعراق هم ايضا ،لايقبلون مطلقا بلعب دور سعودي يصل الى انشاء طائف جديدللعراق على غرارلبنان لكن بالمقابل كل هذاالاقليم مستريح ومسترخي لعلمه ان العراقيين وبذكائهم السياسي المتدني المنسوب هم من سيقوم بتحجيم دورالسعودية داخل العراق وخدمتهم للاقليم من حيث لايشعرون بهذه النقطة وإلا لو علم الاقليم ان العراقيين اصحاب حنكة ودهاء ، وانهم بالامكان ان يلعبوا بورقة تقريب السعودية لضربهم بتركيا اوتقريب الاردن بالعلاقات السياسية لضربهم بسوريا ….وهكذا لاستنفر الاقليم العراقي ولرأينا كيف ان حرب النفوذ على العراق انتقلت من الداخل العراقي الى خارجه بينما العراقيون ينظرون الى كيفية استقرارداخلهم العراقي من هذه المطحنة والحرب الاقليميةالغير معلنة على النفوذ داخل العراق !!.
فالحق ان المبادرة السعودية هي مرفوضة تركيا قبل ان تطرح وايرانيا واردنيا وكذا سوريا كما ان هناك تسريبات كثيرة اشارت الى عدم سماح هذه الدول للعب السعودية لاي دور فيه هيمنة او توسع سعودي داخل العراق ، ولعلّ السعودية نفسها تدرك هذا المعنى وما من منقذللسعودية من مأزقها غيرالسياسات العراقية الخرقاءالتي لاتدري ولاتدري انها لاتدري ولهذا فدوما السعودية لاعبة داخل العراق ليس بقوتها وحنكتها ومالها …بقدر استغلالها لضعف التجربة السياسيةداخل العراق الجديد وتخبطها وعدم امتلاكها للرؤية السياسية الخارجية التي تدرك تناقضات الخارج العراقي اكثر من داخله ، وتلعب على اساسه وليس على اساس ضعفها الداخلي !.
ثانيا : هذه المبادرة السعودية مبادرة انفرادية كما اعلن فيما بعد ، وانها مبادرة حتى لم تأخذ رأي الامانة العامة للجامعة العربية التي تحدثت تحت غطائها وهذا ما اغضب عمرو موسى ودفعه للتصريح بعدم معرفته بمبادرة السعودية فاذا اضفنا لذالك ماتمر به الجامعة وامانتها العامة من اشكاليات وصراع بين السعودية ومصر على منصب الامانة العامة واخذنا من جا نب اخر تحدث السعودية باسم الجامعة لدعوة العراقيين لاجتماع في الرياض وعلمنا ان اعضاء الجامعة العربية مازال الكثير منهم غير معترف اصلا بالتغيير في العراق مثل ليبيا واليمن والجزائر والمغرب …….الخ ، ادركنا الفرصة الذهبية التي القيت بين ايدي العراقيين لصناعة اختراق حقيقي في الموقف العربي المناهض للتجربة العراقيةلو استطاع استثمارهذه المبادرة السعودية واحتوائها على الاقل وتوظيفها بعد تشكيل الحكومة في العراق لصالح العراق خارجيا واقليميا !!.
لكن مع الاسف العراقيون بالفعل اضاعوا فرصة ذهبية للعب دور عراقي خارجي وليس داخلي كان بالامكان تغيير معادلات كثيرة لو كان العراقيون اكثر رسما للسياسة الخارجية ، بوعي وحنكة وكان بامكان العراقيون ، ان يحولوا المبادرة من كونها مبادرة ( لاستضافة العراقيين قبل تشكيل الحكومة الى مبادرة لاستضافة العراقيين بعد تشكيل هذه الحكومة)التي تشكل حسب الموازنات السياسية الداخلية العراقية التي يرغب العراقيون باقامتها ، وبهذا يضمن العراقيون عصفورين بحجر واحد !!.
لكن ماحصل هو هوجة سياسية حزبية عراقية ،لها اول وليس لها اخر ضد المبادرة السعودية ، التي يبدو انها قفلت الباب حتى بالتفكير اصلا باستضافةعراقيين اذا شكلت حكومةفي العراق اصلا في هذا الوقت اما ان جاء موعد المبادرةالسعودية والعراقيون لم يزالوا بلا حكومةفسوف ننظر ونضحك كثيراعلى العقل السياسي العراقي الجديدالذي بغبائه حوّل العراق الى محرقة للعراقيين وفشل ذريع لتجربة لو كانت بغير يد العراقيين لوظفوا كل العالم لمصالحهم الوطنية !!!.
ارجوا ان تؤخذ رؤيتنا هذه في الفُرص المقبلة ، التي تُطرح امام العراقيين اقليميا ودوليا ،باعتبار اني من المعتقدين ان المبادرة السعودية قد انتهت بفعل عوامل عدة ذكرناها ، وان يكون لدولتنا مرجعية في رسم سياساتها الخارجية والداخلية ، تكون مرجعا مستقلا ،ومركزا للابحاث يرجع لها السياسيون في انتقاء مواقفهم ، وكيفية تعاملهم مع الاحداث السياسية الاقليمية المحيطة في العراق ، وان ينتهي السياسي العراقي من ردود الافعال العاطفية والارتجالية في رؤيته السياسية في فهم المبادرات التي تطرح بالشأن العراقي الداخلي من الخارج والارتقاء من عقلية النظرة الضيقةالداخلية الى عقلية الدولة والتخطيط الاستراتيجي المدرك متناقضات الخارج العراقي اكثر من متناقضات الداخل فيه !!.
_________________________
alshakerr@yahoo.com