كانت تمشي في شوارع المدينة المظلمة الباردة بملامحها الشاحبة الجنائزية.
تهرول مضطربة.. تهيم في الشوارع مبعثرة الخطوات في غياهب الدروب التي استباحها الضباب والتي يقطر من جدرانها العذاب .
تضمّه إلى صدرها بشدة وتضغط عليه في خوف ورعب بيّن.
لم تحس بخيط العبرات الذي كان ينسل من عينيها مصحوبا بشحنات من الندم. تمنت لو يعود بها الزمن أشهرا تسعة. تمنت فقط لو تستطيع أن تكفر عن ذنب جسيم. لكن الحياة تمضي والكل يجري ولا أحد يدري. الدموع سرعان ما امتصها الجو المخنوق بالوجع والانكسار، والمحمل بأطنان من الإنهاك وجلد الذات.
وصلت الى أحد تلك الدور الكابوسية. الدور التي تحضن أطفالا مجهولين، لا اسم لهم. يسطر القدر حياتهم التي سيطغى عليها الفراغ منذ اليوم الذي تطأ فيه أناملهم الملائكية ذلك المكان الباهت.
استقرت قدماها على عتباته الجهنمية. نظرت إليه نظرة تشي بكل شيء ولاشيء. غصة تحفر في صدرها أخدودا من الحزن.
وبلا رغبة. وضعته قرب البوابة ملتحفا ببطانية تقيه برد الليلة. لم يسعفها الوقت لتتساءل من سيقيه برد الأيام القادمة ؟.
طبعت قبلة على جبينه روّتها دموع حرّى. وبآخر ما تبقى لها من جرأة وقوة دقت باب الملجّإ قبل أن تختفي في غياهب فراغ مرعب .
أرسلت إليه كل الحب الذي في صدرها، لكن الريح بعثرته في دهاليز الضياع المدمر.
انا لم اجد كلمات تعبر عن مدى روعة هذه القصة ♥️