اقامت وزارة الثقافة في العراق مهرجان المربد سنة 1971وتزامن معه افتتاح نصب السياب لنداء كاظم على ضفاف شط العرب . عموما كانت القصيدة العمودية حاضرة وقد يهبط بعضها الى مستوى النظم , وكانت للاطروحات الاديولوجية سطوة في فرض مناخ شعري طغى في المهرجان .
نحن بحاجة الان الى تقييم حقيقي لمهرجانات المربد قبل سقوط النظام .
لقد شرع رواد الشعر العراقي بقصائد من الشعر الحر شكلية ,الا ان قصيدة السياب (في السوق القديم ) فرضت مرحلة جديدة تكللت ب(انشودة المطر )التي فتحت الباب للفرسان الجدد وجذبت الشعراء اللاحقين الى افق الحداثة .وقد اصبنا بهوس التجديد فلم يمض اكثر من عقدين حتى ترسخت قصيدة النثر واستقرت . رغم ندرة الشعر التأثيري منها .
ومن مراجعة الكتابين (الموجة الصاخبة ) لسامي مهدي و (الموجة الحية )للعزاوي واعداد مجلة شعر اللبنانية بامكان الباحث ان يرى طبيعة الصراع بين البيان والايحاء ,بين القيم الكلاسيكية والحداثوية .
لكننا الان في العراق بدانا نسمع الكثير من القصائد العمودية التي لا يرتقي بعضها عن مستوى النظم .وهناك دعوات تتعالى لفرض كرسي العمودي ثانية , ولسنا ضد هذا الذوق شرط ان يكون ذوقا شعريا لا نظما .
لم يكن النظام السابق يسمح باقامة مهرجانات للشعر الشعبي لكنه بعد اندلاع الحرب اقام مهرجانات وقدم العطايا لشعراء الدارجة واندلع العمودي ثانية ليتصدر المشهد .
ذات يوم كنت اقتني سلعة من عطار وفاجأني انه يكتب قصائد فصحى طويلة وحين قرأ لي استغربت وسألته هل قرأت الادب فاجاب (انه يكتب بطريقة ابداعية معاصرة دون اطلاع ) ولم يكن يعلم انه يسطر الهذيان ..
في احدى منشورات اتحاد الادباء في البصرة تم مؤخرا اختيار قصيدة من اليوتيوب تنتمي الى الشعر العمودي شكلا والى القصائد الحسينية والعلوية مضمونا , وما اثار دهشتي هو كثرة المطبلين لهذا النوع من الشعر وفيهم شعراء وكتاب وفنانون يدعون الحداثة .نحن تقبلنا عينية الجواهري في تمجيد كربلاء ونستذوق قصائد الشيخ الوائلي ومصطفى جمال الدين ودعبل الخزاعي والحميري لان فيها شعرا غادرنا آفاقه لكنا لا ننكره .فهل أثرت فينا الحداثة حقا ,ام انها مجاراة لما يراه البعض موضة عليه ان يسايرها ليظهر محدثا . ذلك هو السؤال .
(لثورة الفكر تاريخ يحدثنا
بان الف مسيح دونها صلبا ) .
البصرة 2\2023