(اذا تركت المراة الحزن لدقيقة واحدة فانه سيعود ليغريها بقوة اكبر عندما يصدم بها مرة اخرى \ اليس ) ..(السعادة الدائمة هي الفضول \مونرو ) . هذان الاختياران يستحقان ان يكوّنا دليلا يقود لجغرافية القاصة الكندية اليس مونرو <91 عاما > المتوجة بجائزة نوبل 2013 . ورغم ان الكثير من الكتاب غادر القصة القصيرة وتوجهوا لكتابة الرواية فانها ظلت وفية لخطها الاسلوبي فلم تغادر حقل القصة القصيرة .. وقد اصدرت 14 مجموعة قبل ان تعلن توقفها عن الكتابة .
في مجموعتها (الحياة العزيزة ) ـ صدرت 2012 بالنص الانكليزي .. ت نهلة الدربي , 15 قصة تعكس خيبة المراة ومحنتها وهي تواجه النهاية الماساوية للحب .. وتلك النسوة والفتيات المهمشات الذين يتشبثن بصعوبة في الحياة التي غدرت بهن ..وذلك الوصف الحي للريف والحياة فيه .. والرجال الذين لا يبالون بالنساء , المجموعة لا تبهرك بقوة البلاغة او اللغة الشعرية كما ترى ذلك لدى ماركيز وغيره .. لكنها ترسم حياة مكثفة لحيوات بسطور لا تتعدى اصابع اليد تضعك امام مشهد عميق لتلك الارواح وماسيها وتطلعاتها وخيباتها .. فكثير من الشخصيات تظهر في قصصها ظهورا برقيا لكنه يعصر روحك ويضعك امام شبكة من الاسئلة التي عليك انت الاجابة عليها او فك طلاسمها .كل ذلك يجري عبر رادار سيكولجي يكشف اعمق الخلايا في روح الانسان خاصة المراة . تقول مونرو <لا يمكنني ان ارى ابطال قصصي آنيا محصورين بضغط اللحظة , لهذا ارغب بوصف كل ذلك قدر ما استطيع ) , وهي تحضر عدتها الكاملة والمعمقة لشخصياتها قبل ان تتناولهم على حد تصريحها .
امندسون نموذجا :
من المحطة وعبر القطار بعد سلسلة من الاحداث المتسارعة والوصف الدقيق للمشاهد وتثلج الطقس والطبيعة وتسيد اللونين: الابيض والاسود والشخصيات العابرة .. تصل البطلة الى مبنى سان \مصحة علاجية خاصة بالاطفال المصابين بالسل \ ـ بمهمة تدريسية , هناك مع الخطوات الاولى تعرفت على الطالبة هايد المميزة بالفضول والاختلاف فتطرح عليها اسئلة عدة … وتقودها لغرفة الطبيب ريدي فوكس (نحيف متوسط الطول ,شعره اصفر مائل للحمرة مقصوص على نحو جعله قصيرا للغاية ,لامع في الضوء الصناعي ..يكبرها ب10 سنوات او خمس عشرة سنة يتحدث بطريقة الرجل الاكبر سنا ..واجابته انها هنا لا تشعر بالملل ويبدو لها الامر كانها داخل رواية روسية فيسالها اية رواية ؟ فتصاب بارتباك لانها قرات اجزاء من تلك الروايات لكنها بسبب حاجبه الشبيه بقبعة عسكرية وتعبير وجهه الودي والتحدي قالت (الحرب والسلام ) .. هنا بدا اول احتكاك واول تحد فيقول لها (لدينا هنا السلام اما الحرب فانضمي لواحدة من تلك الوحدات النسائية وسافري عبر البحار ).فشعرت بالغضب والاهانة واتضح لها بانه يطرح اسئلة شبيهة بالفخاخ .
وبجمل مختزلة ترسم الكاتبة صورة ناصعة لرئيسة الممرضات (قصيرة القامة , قوام ممتليء,بشرة وردية ,تتنفس بصعوبة , نظارات بلا اطار أي طلب يقدم لها يثير دهشتها ويسبب بعض الصعوبات ,ابدا تخلق جوا غير مريح انى حلت لكنها غالبا وحدها تنزوي بغرفتها الخاصة ).. حينما يقودها الطبيب لمنزله وتكتشف اسلوبه الحياتي من خلال نوعية كتبه وسلوكياته الاخرى تتسارع الاحداث ويقرران الاقتران ببعضهما بعد ايام .. هكذا بلا محبس ماس ولا طقوس عقد ولا احتفال يمضيان للزواج على عجالة … لكنه في سيارته يخبرها فجاة انه لا يستطيع تكملة الامر, ما اصابها بالذهول وبقيت لاخر لحظة تتوقع انه يمزح .. وسيعود لها معتذرا <انها مزحة > .. وحتى عندما تستقل القطار عائدة لمدينتها تفكر بكل لحظة ان ترمي نفسها وتمضي اليه ليوضح الموقف .. لكن ذلك يشعرها بالخزي ..وربما هذا الموقف تمر به كل النساء بالعالم عندما يهجرهن الرجل دون ان يقدم سببا او اعتذار .
ان مونرو بكل قصصها تجعلك تكتشف اشخاصا جوارك او في موقع عملك او الاسواق , لهم حياة عميقة لكنك لا تنتبه اليهم .
وصفت الاكاديمية السويدية مونرو <افضل من كتب القصة القصيرة في العصر الحديث >.
من اعمالها (الدب القادم من الجليد \تحولت فلما \المتسولة\حب امراة طيبة \الهروب \حياة الصبايا والنساء ).