هل تعلم أن الحياة غُربة، غربة النفس عن الهوّى، غربة الاشتياق للمألوف، غربة القلب عن الزمن، غربة الروح عن الجسد …
غربة الجسد عن الروح، في حد ذاتها فلسفة لن يعلمها سوى القليل مِنا، مَن لا يجد احتواء ومحبة وترابط وألفة، حيث يعيشون داخل عنق الزجاجة، والبعض الآخر يريد النجاة منها …
الغربة تكون بإرادتنا، والحين الآخر لن نكون مسؤولين عن اختيارها، بل تصبح فرصة أو فرضاَ أو العلم عنده وحده علام الغيوم ..
أحياناً لا نريد الابتعاد أو الترحال عن ذوينا، لشدة تعلقنا وارتباطنا بهم، وربما لعدم استطاعتنا تحمل المسؤولية بعيداً عنهم..
على الرغم مِن ذلك يفاجئنا الزمان بتقلبات الدهر وبتغيير الأحوال، لن نمتلك أو يكون باستطاعتنا حق الاختيار، حينئذ تصبح الغربة هي السكن الذي لا نهاية لها أو مفر منها ..
نلاحظ أن الأغلبية العظمى من البشر يفضلون الغربة سعيا وراء المال أو للتعليم أو عشقهم للسفر وللسياحة ….إلخ
ومنهم من يرحب بها هرباً مِمَن حولهم من أقارب وأصدقاء…إلخ، أي لن يرون من يفهم أفكارهم ومشاعرهم ويتعايش معهم بسلاسة وحوار وهدوء..
في كلا الأحوال الغربة هي الغربة، تحت نطاق أي مضمون أو رغبة أو حاجة، وسط سياق الراحة والسكينة وعدم الحاجة، بالنهاية تمضي الحياة بنا مرافقة الوِّحدة والصمت وغياب الروح عن الدفء والوِد ..