جاء الوصف مميزا في القصة؛ حيث استطاع القاص المبدع أن يضئ جوانب متعددة من الوصف الخارجي والداخلي والوصف المزجي، فأعطى النص دلالة جمالية في القصة نذكر منها:
1- الوصف الخارجي: وهو الوصف الذي يهتم بالشكل الخارجي للشخصيات وما يدور حولها من أحداث مختلفة تؤثر في القارئ كقوله: ( خرج من البيت والنوم يمتطيه، يتحسس جدران البيت كقط يأنس بصاحبه، لا تدري من منهما يستند على الآخر يجر بقايا جسده الرخو) أظهر الوصف حالة الشخصية التي يغلبها النعاس غير راغبة للخروج من البيت، وكان الوصف فعالا في القصة يصور المشهد أمام المتلقي، ويبعث على التشويق والرغبة في متابعة القراءة، والتعاطف مع الشخصية، وفي موقع أخر من القصة ساهم الوصف في إيثار الحدث، وقوة حركته، وانفعال القارئ عند القراءة، مثل: ( قبل أن يأوي الناس إلى فراشهم انفجر إطار سيارة نقل، فاستحال نباح الكلاب عواء ، وتحركت المياه الراكدة في بركة الصمت) إنه وصف لمكانالحدث الذي عمل على التفاعل والنمو التصاعدي للقصة ، وأعطى دهشة للقارئ والإصرار على المتابعة بقوة واندفاع.
بالوصف الخارجي تعرف القارئ على شخصية البطل ( حسن طفل نحيل في الثانية عشر من عمره،يغوص بين المارة من حوله ولا يرى أحدا، السماء تسقط كسفا سوداء تتعلق على الحوائط والنوافذ فلم يجد أمامه إلا المسجد يلوذ به قضى حاجته، توضأ ، ثم صلى العشاء) كشف الوصف بطل القصة وعمره وسلوكه، وقرب صورته للقارئ ؛ فهو طفل مكانه اللعب والدراسة ولكن البيئة المحيطة حوله تعطيه مهام الكبار وأشغالهم، ففي النص إشارة تربوية عن الطفل والواجبات المنزلية ، وحقه في اللعب، ودور الأم ، وغياب دور الأب في داخل البيت ، لقد شكل الوصف للشخصية بصمة اجتماعية بعيدة النظر وهامة للمجتمع.
2- الوصف الداخلي: فسر الوصف الداخلي الصراع النفسي للطفل حسن، فهو يتصارع مع زمن الليل حيث الظلمة والخوف ، فالتحم الزمن مع المكان الموحش والمخيف للنفس البريئة بنسمات الطفولة كقول القاص المتميز: ( الخوف بنى لليأس تيها أخرا استعمر عقله، وخارت عزيمته، والجوع ينهش ما تبقى من قواه) جمع الوصف حالة الطفل خوف ويأس وضعف وجوع، وصورت ألامه وحالته من الداخل، وقد يأخذ القارئ العظة والعبرة من الحدث وموقف البطل.
3- الوصف المزجي: وهو الوصف الذي يجمع الوصف الخارجي والداخلي فيعطي صورة جمالية رائعة للقارئ، وقدتميز النص بوصف المشاعر والحالة النفسية للبطل مثل: ( الخوف يفقد حسن القدرة على المشي، تتخبط ساقاه) ، ( حبس أنفاسه وثقلت خطاه مرة يقرأ سورة من القرآن ، ومرة يلعن الجاز ومن يطلبه) لقد سيطر على البطل الحزن مع الخوف، فالقرآن يداوي ألامه وخوفه، واكتسب حسن الوعي من التجربة والواقع الذي يعيشه، حسن نضج قبل أوانه، وكان الوصفالخارجي المتمثل في فقد القدرة على المشي، وحبس أنفاسه، والوصف الداخلي المتمثل في اختلاط مشاعر الخوف والضعف لديه شكل صورة فنية جميلة عند المتلقي، واستدرك القارئ المشهد.
لقد أبدع الكاتب الرائع الأستاذ مجدي شعيشع في الوصف، واستطاع بالكلمات أن يقدم لوحات فنية ومشاهد تعبر عن الوصف بأشكاله المختلفة.