ما يصدر عن مؤسسة المدى-سلسلة الكتاب للجميع-هو ثمرة الثقافة التي يجب أن لا تنقطع، حتّى لا ينسى الجيل الحاضر آمات الكتب الادبيّة، و الثقافيّة التّي كان لها الدور الكبير في نشر الدَّراسات، والاعمال الادبيَّة قبل ستّة عقود وأكثر..
وياتي كتاب المعذّبون في الأرض لمؤلفه د. طه حسين ضمن مشروع الكتاب للجميع. وكنت أتمنّى على جهة إصدار الكتاب ان تراجع الطبعة قبل نزولها مجاناً؛ وهو جهد ثقافي تُشكر عليه، حتّى نتجاوز مسألة الطباعة في صفحات الكتاب؛ ومن ذلك… دهما ص٢٠ وهو/ أحدهما، وص٢٣يع لم هذا في/ لم يع هذا، وص٣٧تصنع ين/تصنعين، ص٣٩و١٢٠ع ر ف/ص٨١ بع يد/بعيد التكرار ص٩٢السطر١٠_١١،والتكرارص١٠٧السطر ١٩_٢٠وفي ص ١٠٩ فهو عليهم اثقلن وهو أثقل، وص١١٢ تلك المجدبة(المقفة) والمقصود المقفرة.
وهذه الاخطاءالمطبعيّة لا تلغي قيمة الكتاب في نقطتينِ قد لا نجدهما في كتاباتنا الاولى:إنّه يتناول حقبة زمنيّة في حياة المجتمع المصريّ على يد كاتب دارس، وفاحص لخبايا مجتمعه؛ وهو لم يرَ ولن يرى كلّ شيء، بل تلمّس بدقّة كل تلك الاحداث:الفقر، والجوع، والمرض، والخيانة من زاوية أخرى، وهو مشارك بإسلوبه الممتع وزارات مقصودة بالأحداث مثل ما زعمت به وزارة الصحّة عن وباء الكوليرا، ووزارة العمل في مواجهة الفقر، والجوع. وهو بعد ذلك يفتح ابواباً قد لا تنغلق؛ وقد، يتّخذ د. طه حسين ما ذهب إليه ما كبث في نظرته للسلوك الإنسانيّ من تراجيديا شكسبير يقول: /تعال دعني امسك بكَ/إنّكَ لست في يدي/ولكن رغم ذلك أراك ساكناً/الستَ تلك الرؤيا القاتلة الملموسة/بالاحاسيس والعين.
وهكذا كانت نظرة د. طه حسين فاحصة لكل زوايا الحياة رغم إنّ كلّ ما كتبه قليل قياساَ لما كتبه للنخبة المثقفة في بلاده.
وفي الثانية قوله/المصري المثقف/وهي أجمل ما تناوله في مصر المريضةفي وقت كان قد غادر البلاد للدراسة؛ وما تزال لفظة المصري المثقّف هكذا يحلو ان يقولها في سفره، وغربته، وفي عودته؛ وهو يرى على ثقةإنّ طموح، وآمال احلام المصري هي ما تُشكّل ثقافته حتّى يصبح مصريّاً مثقفاً، ويُمجّد به في إسلوبه دون تردد.
ومن خلال هاتين الميزتينِ في الأدب المصري لا نجد، في مقالاتنا التّي نقرأها إلأّ لفظة المثقّف العراقي التي تخص المثقف في مجمل الكلام، وهي تستثني العراقيّة وهو اغلب ما يكتب، ومن هنا نجد القليل مَن يدرك أهمية القول او النطق بالعراقي المثقف حتّى نبعد الصفة الأكاديمية المثقف على الأكاديمي دون العراقي المثقف، وهي أوسع، واشمل في التعيين لبلاد شهدت الحضارة للعراقيّ؛ وليست جزءاً منه ذلك إنّ د. طه حسين وإن اُعتبركاتب نخبويّ لكنّه لم ينسَ المصري في الترعة، وفي الأرض، وكلّ نواحي الحياة هي أقرب إلى سمعهم وألسنتهم، وابصارهم… المصري المثقف.
إنّ غاية الكلام عن العراقي المثقف فيها من التواصل المجتمعيّ والحاجة إلى الحوار الإنساني الكثير غير ما يقال عن المثقف العراقي من يحمل الجريدة والكتاب، وهم قليل، وعسى أن نكتب مراراً عن العراقي بهيئته الجديدة المثقف ذلك إنّ الثروة اللّغويّة، وتأثير البيئة، وبقايا الحروف في ارض بابل، وسومر كلّها عوامل مساعدة؛ وغاياتها إنسانيّة تجعل العراقي المثقف أهلاً لها جيلاً بعد جيل..
هذه الإشارة قد تحدد لنا ما يجب أن نقوله عن العراقي المثقف في الأجناس الادبيّة، ودون تهميش له على حساب النخبة المثقفة التي ما زالت في البعض منها متمسكة بالانا الثقافيّة، وهي لا تربطها بالمجتمع العراقي أيّ صفة لا من قريب، ولا من بعيد.
البصرة. / ٢٠٢٣