التطبيع مصطلح مشتق من الطبيعة وتوظيفه السياسي أو معناه هو رجوع علاقة ما إلى طبيعتها وهو ما لا يتطابق مع الصراع القائم بين العرب وبين الكيان الإسرائيلي بصفة عامة وبين هذا الأخير و فلسطين بصفة خاصة وعدم تطابقه ينقسم إلى أمرين أولهما أن العلاقة بين اليهود والعرب لم تكن يوماً طبيعية وفي الحقيقة أن اليهود ومنذ القِدم لا يؤتمن جانبهم بسبب مكرهم وخداعهم وقصص التاريخ حُبلى بمثل هكذا قصص والأمر الثاني هو عدم تغير السياسات التي ينتهجها الكيان الغاصب للأرض والعِرض ومعروف أن الشي لا يزول إلا بزوال سببه والسبب قائم لا زوال له يلوح في الأفق ومنذ أول تطبيع والذي يُتعارف عليه خبثاً بإتفاق السلام هذا الأخير الذي كان أساسه الأرض مقابل السلام والمفارقة العجيبة أن المنتصر في هذه الحرب كان هو من تنازل عن الأرض فالمنهزم هنا هو من كتب التاريخ وهو من إستفاد من كل شيء بل تحول النطبيع إلى مصطلح ثقافي رائج بين فضفاض وضيق ضيق لدى الشعوب العربية وفضفاض لدى حكومات تلك الشعوب ولم يتوقف الأمر هنا بل تعداه ليُتهم المطبعون المقاطعين بأنهم أعداء السلام بينما يتهم المقاطعون المطبعين بأنهم يروجون لقبول وجود إسرائيل دولةً وأمة وليست مجرد كيان غاصب وبالتالي نسف القضية الفلسطينية فالتطبيع يتعدى حدود تبادل السفارات والملاحق والقناصل بل يتعداه إلى التطبيع العسكري والإقتصادي لكن يبقى من وجهة نظري أخطر أنواع التطبيع هو التطبيع الثقافي والرياضي والإجتماعي إذ أن ذلك يسمح بالإنصهار بين الثقافيتين العربية والصهيونية وقد إخترت تسمية الكيان هذه المرة كذلك لأنها تسعى أي الصهيونية لسلخ تلك الفكرة السميكة من الإعتقاد أن فلسطين أرض فلسطينية عربية والمتفرض آن يكون التطبيع حصيلة للسلام وليس سبب له يعني التطبيع يأتي في النهاية وليس البداية لأن البدايات يجدر بها أن تأتي نتيجة تغيير سياسة الكيان تجاه أصحاب الأرض كما اسلفنا
الخيانة والتطبيع وجهان لعملة واحدة
تحول الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع عربي عربي بين الفريقين المقاطعون و المطبعون فيتهم هؤلاء الرياضيين الذين ينتمون للفريق الأول بالجبن حين ينسحبون من منازلات ومنافسات يكون فيها الخصم إسرائيلي مدعين ومبررين ذلك بأنها مجرد رياضة بينما يبرر الطرف أن مجرد رفع العلم وسماع النشيد الإسرائليين في المحافل الدولية هو إعتراف ضمني يتعدى الاعتراف في صورته الشكلية وأن مصافحة اليد الملطخة بدماء الأطفال والأبراياء الفلسطينيين والعرب هو خيانة لا تغتفر وإستهتار لكل التضحيات طيلة أزيد من نصف قرن من الصراع .
المطبع يخرج بخفي حنين
إن ما يحز في النفس حقاً هو التهافت على التطبيع الأمر الذي يجعل الكيان يسخر من المقاطعين، في الحقيقة هو يسخر أيضاً من المطبعين أنفسهم حتى وإن كانت هذه السخرية لا يجاهر بها على عكس الأوساط الشعبية خاصة الفنانين والمثقفين والذين لا يخجلون من قول ذلك صراحة عبر أراءهم وأغانيهم فنرى عدة مغنيين من الكيان يسخرون من المطبيعين سواء الأنظمة أو شعوبها التي تناصر التطبيع ويرى فيه بعضهم مساعدة لفلسطين في الحقيقة أنا لا أدري كيف سيساعد ذلك في رفع الغبن عن الفلسطينيين وإرجاع الأرض المسلوبة بينما لا يعدو الأمر بالنسبة للبقية كونه نكاية في الفلسطينيين وهنا أيضاً لا أرى سبباً واضحاً للتشفي في المظلوم ومحاولة إغاظته خاصة أن ذلك المظلوم هو عربي الدم واللسان والجغرافيا فهاهي الإمارات والمغرب تتفن في قهر الفلسطينيين والمقاطعين بمختلف الوسائل المتاحة من تصريحات مستفزة وأغانٍ ومهرجانات وإتفاقيات أمام تقديم الكثير من التنازلات للكيان الغاصب مقابل إنتصارات وهمية وإشادات واهية كإعتراف للمغرب بسيادته على الصحراء الغربية أو إشادة الكيان والإسرائليين بجمال الإمارات وبقوة حكامه وهذا ماجاء في أغنية عرضتها إحدى البرامج التلفزيونية الإسرائيلية حيث تمت السخرية في الحلقات وتضمنت كلمات الإغنية “السلام” الذي جاء بلا قتال مسبق، كفى للصراع.. بعد سنوات لم نقاتل بعضنا فيها.. وأخيرا سنجلب الهدوء لسكان غلاف دبي” وهنا إشارة واضحة بأن الإمارات لم تخض يوماً حرباً مع إسرائيل وأن السلام المزعوم مع الكيان لا يستفيد منه إلا الكيان نفسه فلن يترتب عليه وقف لإطلاق النار مع الإماراتيين مثلاً وهو أيضاً ما تم الإشارة إليه في الأغنية… التطبيع كلمة كربهة تزيد الكيان غطرسة وقوة وتزيد من الهوة السحيقة بين العرب وتزيد في معاناة وقهر الفلسطينيين أصحاب الأرض.