تتفاقم الخلافات داخل المجلس السياسي الامني المصغر، ومجلس الحرب، بعد مائة بوم على حرب الابادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة تتصاعد خلافات جوهرية لا تتعلق فقط بقضية الاسرى الاسرائيليين في غزة، بل بطريقة ادارة الحرب واليوم التالي للحرب، اضافة للخلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الامن بوآف جالانت، الذي غادر الاسبوع الماضي اجتماع مجلس الحرب، وتعمق الازمة بينه وبين نتنياهو، من جهة واعضاء مجلس الوزراء السياسي الامني، وزير المالية بتسلئيل سموترتش ووزير الامن القومي ايتمار بن جفير من جهة أخرى.
والخلافات داخل مجلس الحرب وتتعلق باستعادة الأسرى من قطاع غزة. ولانتقادات الموجهة من الوزير بيني غانتس والوزير غادي أيزنكوت من حزب المعسكر الوطني الحكومة وأنها لا تقوم بما يكفي لاستعادة الأسرى، ويعتقدان أن الأولوية لاستعادة الأسرى أحياء. في حين يرفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الامن يؤاف غالانت أيّ مسار يتضمن وقف اطلاق النار.
في وقت لم تحقق الحرب اهدافها الاستراتيجية والتراجع في الخطاب الاسرائيلي حول قدرة إسرائيل على تحقيق الاهداف كاملة، وما زالت إسرائيل حسب محللين عسكريين تنتظر نقطة تحول استراتيجية لم تأت بعد. إطلاق سراح المختطفين والادعاء ان تواجد قادة حماس في خان يونس قد يوفران التحول الضروري،
وكل ما حققه الجيش الاسرائيلي سلسلة من الإنجازات التكتيكية، ولم تصل لأي من اهدافها الاستراتيجية، وتواجه معضلات كبيرة حول الاهداف التي اعلنتها الحكومة وهي القضاء على حماس وقدراتها العسكرية والسلطوية، وتشكل حولها اجماع اسرائيلي تحت شعارات الوحدة الداخلية والدفاع على وجود إسرائيل ومستقبلها، وصدمة عملية طوفان الاقصى ومحاولة إسرائيل التقليل من أضرارها، والتي ستبقى عالقة في الوعي الاسرائيلي لاجيال قادمة.
وتتجلى الخلافات والاتهامات الموجهة لنتنياهو وحكومته ومعسكر اليمبن العنصري الفاشي المشكل من 64 عصواً في الكنيست بالعمل من أجل البقاء في السلطة.
باستخدام جميع الوسائل، التبي تتوافق مع توجهاتها اليمينية التوراتية، لهذا الغرض. بما في ذلك تمديد فترة الحرب وإحباط المبادرات السياسية لإنهائها والتضحية بحياة المختطفين.
والخلافات حول اقرار موازنة 2024، والاتهامات من قبل المعارضة للحكومة انها نهبت الموازنة لمصالح حزبية وتدمير الاقتصاد الإسرائيلي لمدة عقد من الزمن.
واستمرار الانقلاب على النظام بعدة طرق منها منع انعقاد لجنة تعيين القضاة، قمع المظاهرات والاحتجاجات، استمرار تعيين المقربين والموالين للحكومة والائتلاف الحاكم.
وعلى الرغم من موقف غانتس وآيزنكوت في قضية استعادة الاسرى الاسرائيليين ومشاركتهما في المظاهرة الاحتجاجية للافراج عنهم، الا أن بقاء غانتس وآيزنكوت في مجلس الحرب يطيل الحرب و عمر حكومة نتنياهو وأن غانتس وآيزنكوت يتفقان مع نتنياهو. فيما يتعلق بالسياسة تجاه غزة، وتجاه لبنان، وإيران، فلا توجد اختلافات كبيرة. الحد الأقصى من الفروق الدقيقة والفارق الوحيد هو رغبة الاثنين في عدم مواجهة إدارة ألرئيس الامريكي جو بايدن. وينتهج نتنياهو نفس السياسة التي اتبعها مع الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما، مع بعض التعديلات. في الجوهر يتبع نتنياهو سياسة اكذب بقدر ما تستطيع. وفي هذا المجال، وفق ما ذكر اكثر من محلل اسرائيلي، وان قدرات نتنياهو كانت دائما هائلة. ويواصل مد الحبال ضد الولايات المتحدة بوعود لا أساس لها، وأعذار واهية، وأكاذيب صريحة. الأكاذيب التي يعرفها الطرفان انها أكاذيب.
من جانبها تحاول الإدارة الامريكبة الحفاظ على غانتس وآيزنكوت، والحوار المهني مع كبار المسؤولين الأمنيين، من أجل منع التدهور إلى حرب إقليمية، وهندسة وضع نهائي معقول في غزة وفقا لما عبر عنه نائب رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق عيران عتصيون الذي انتقد غانتس وآيزنكوت، وانهما يدركان أن الفرصة المتاحة أمامهما لترك الحكومة والذهاب إلى الانتخابات هي الآن. الوقت لا يعمل لصالحهم بل لصالح نتنياهو. مع مرور كل أسبوع وكل شهر، يتم استيعابهم في المستنقع الحكومي الغامض والمهزوم من قبل نتنياهو. من المحتمل أنهم يخدعون أنفسهم بأن الحرب في غزة ستخلق لهم “صورة النصر”. الفرصة ضئيلة، والثمن، ثمن الانغماس في مستنقع الحكومة، مرتفع جداً. وربما يقولون لأنفسهم إن البقاء في الحكومة يمنع تحركات خطيرة في لبنان وفي الساحات الأخرى. حسنًا، هذا ما يجب عليهم قوله للجمهور، وليس لأنفسهم.
ويضيف إن خيار غانتس وآيزنكوت هو بين مصلحة البلاد (إسرائيل أولاً) والحسابات المثيرة للشفقة والمدمرة في نفس الوقت. وطالما أنهم منغمسون في الحسابات، فإنهم يصبحون متوافقين مع نتنياهو ويفقدون الشرعية الأساسية لبديل الحكم.
إسرائيل مستمرة في حرب الابادة والقتل والتدمير ، ولم تصل الخلافات الذروة والقطيعة بعد. ما زال هناك اجماع لاستمرار الحرب وعدم وقف اطلاق النار، واحتجاجات اهالي الاسرى الاسرائيليين للمطالبة بعودتهم ومشاركة غانتس وآيزنكوت بدون وقف حرب الابادة، وهناك حالة انكار وغباء وغطرسة وغرور مستفحلة في إسرائيل، لن يعود المختطفبن إذا لم تتوقف حرب الابادة. والاعتراف بحقوق الفلسطينيين كما اعلنت المقاومة.