
من لهيب السياط إلى لهيب التفخيخ جلود تدمى، واجساد تتشظى وعود مخاتلة ومواعيد منتظمة في الخراب و الدمار لتستمر في تصوير وقائعه من جديد بأجهزة حديثة ما كرة؛ والأماني التي تشبّثت على صخرة الأحلام تفرقت شذر مذر عادت من جديد تتزّين بالعولمةوتتخفى بالجاهليّة الأولى تلعب في ملاعب تشابكت فيها الآراء، وتقافزت عليها الاضواء.!
من لهيب السياط إلى لهيب التفخيخ دخلت الادمغة لعبة الأفكار بعد أن إستعانت ببيادق الشطرنج ترفع هنا، وتضع هناك على مساحة الوطن.
ما عساه ان يكون الوطن، وهو يضمّد جراحه؟ مَنْ يسمع صراخه في ضحى النهار، وليس في صريم الليل؟ يئن ويشكو ويدعو على سمامرة العصر يتفننون في القتل ويتشفّون بالأجساد تتطاير انهم يصبغون الورود والأشجار بالدماء؛ ويصادقون همجيّة القرون البالية في الوأد والقتل والتمثيل.! وحين تبرز من هذه التداعيات صورة يراد لها تمثيل دور البطل في الفجيعة، يُنفخ لها تتضخّم صورتهاتحمل ثيمات اشخاصٍ يحملون هوية الساديّة ويتبرجون تبرّج الجاهلية الأولى في داخلهم.! فهل تبقى لهم صورة تستحق الإشادة بها، والثناء عليها غير شهادة السادي الذي يصيبه الولع في ما يقوم به، وغير ثناء الجبان والمتخاذل عن طريق الحقَّ. يحسب انّه قد سئم حمل رأسه يريد أن يتخلّص منه في شرَّ ميتة وسوء مرد من بطل مهزوم روضَّ نفسه الدنيّة، ولم يحكّم عقله لتصرّف طائش وبئس ما يقدم عليه! وما ترك الشاعر السوري عمر ابو ريشة (ت١٩٨٦) أصدق دليل وانبل كلمة في حق البطل المهزوم حينما قال:/ إنّ ارحام السبايا لم…….. تلد مجرماً مثل هذا المجرم./
البطولة والبطل صفتان دخلتا التأريخ واثمرتا في صدَّ ، ورّد المعتدين واقامتا ذكريات من الأشعار والمواقف مجدّها التأريخ نفسه. لكن ان يتراجع ميزان البطولة والبطل إلى التدمير، والدمار وإزهاق نفوس الأبرياء والإمهات الثكالى فهذا ما لا تطيقه البطولة؛ ويتنازل عنه البطل بعدما حمل صفة الإنهزاميّة يردد قول الشاعر:نصر الحجارة من سفاهة رأيه./ حينما ينصر أدوات القتل الفتاكة، و ينتصر بها على اجسادتمشي في طريقها. ينصر العبوات الناسفة لينتصر بها على وجوه تخشع لخالقها. وفي أخبار الحرب ما يصرّح به عنترة العبسي. بقوله: /يخبرك مَنْ شهد الوقيعة اننّي…. اغشى الوغى واعِفُّ عند المغنم. /
واليوم البطل المهزوم ياخذ غنيمته من البشر، والاثاث، والشجر شواهد على عدم إدراكه مغزى حرق الأخضر واليابس، وقد لايصل إلى مرتبة البطولة في قول الشاعرة ام حكيم الخارجيّة :
/احمل رأساً قد سئمت حمله…. قد مللت غسله ودهنه./ فشتّان بين دعوة الشاعرة، وغايات البطل المهزوم الذي تلاعبت به الأفكار، وإنقاد لساديّة القتل والتلذذ بمبتكرات العلم الحديثة التي لا يؤمن بها، ولم يكن له القدرة على رؤية المشهد لانّه يعيش حالة الإنهزام الابدي حتى يردد قول الشاعر:
/فما رمت حتى اجلّت الحرب عن… طلس مقطّعة فيهم وهام مطيّر. / وقد تكون صورة البطل المهزوم تتمّثل بجرائم الطليان على أرض طرابلس الغرب حين عبّر الشاعر المصري(١)حافظ إبراهيم من ميميّة طويلة له /ص٢٣/البطولة في الشعر العربي. د. شوقي. ضيف.
عجز الطليانُ عن ابطالنا…. فاعلو ا من ذَرارينا الحُساما
كبّلوهم قتلُوهم مثّلوا…… بذوات الخِدر طاحوا باليتامى
ذبحوا الأشياخ والزمنى ولم… يرحموا طفلاَ ولم يُبقوا غُلاما
وفي البيت الاخير وصف لكبار السَّن، والزمنى ويقصد بهم (ذوو العاهات)
وبعد فهل إنتهت اللعبة، وإنكشفت الاقنعة، وإصفرّت الوجوه وباتت أحلامهم اضغاث هؤلاء دعاة البطولة المهزومة. آنَ الأوان لكي يدّقوا مسامير نعوشهم بايديهم، ويشهد عليهم كلَّ طفل بريء وامرأة ترمّلت، وازهار هوت إلى الأرض وقِيمُ اوشكت ان تسقط. وعلى دعاة البطولة المهزومة ان يستبدلوا عرس الشهيد البطل بالإرهابي المهزوم.