القصيدة، هي عالم يبحث عن جوهر المكنونات البشرية في الحياة، بل هي مصدر استنفار الطاقة الكامنة في كل مناحي الحياة، والتعريف الكلاسيكي هي وحدة الموضوع الذي ينبع من احساس الشاعر، والشعر جنس أدبي يتفنن به الشعراء كل حسب ما تجود به أفكارهم وتطلعاتهم، فالدراما الشعرية، والتراتيل ، والنصوص، والشعر الحر والنثر.
والقصيدة العمودية ومنها الملاحم هي من أولويات النص الشعري، فمتى ماكانت القصيدة الشعرية ذات حبكة درامية ومفردات مستنبطة من صميم اللغة وجماليتها كان مبعث امل وشغف كبير لدى المتلقي، ويقال ان الشعر مصدر إلهام ووعاء ثقافة، ومستودع فكر لكل التجارب الإنسانية والخبرات البشرية، واليوم نقف على أعتاب ديوان الشاعر المبدع عقيل الجبوري، وهو يطرّز في قصائد عقود الجمان لينطلق بأعلى صوته في سبيل الحياة على الرغم من كل آلامها واوجاعها وانكساراتها، هذا الديوان صدر عام (٢٠٢٠) عن مطبعة دار الضياء، النجف الاشرف، والذي كتب مقدمته الدكتور حمودي جلاب السعيدي
واحتوى على عدة قصائد منها، بغداد، شواطيء وماء، صمت العيون، غناء عراقي، واقع حال، ممنوعات، نظرة أمل، صوت العدم، شكوى وغربة، وغيرها من القصائد التي تاخذنا إلى عالم الصفاء، والنقاء، والهدوء، وإبداع الجبوري يتجلى في أول قصائده
(القمر) ليقول/
في عينيك شمع وضياء
تتورد كل خدودك عطر
يتقاسم وجه الصبح
الضحكة والبسمة معك
يتوسد كل الغلمان
فوق صدور الفتيات
تنتزع الشمس الظلمات
——-
ويقول أيضا في قصيدته(صراخ) مستحضرات آلام واوجاع الوطن
تتسارع فيك الاقدار
ياوطني
صلف الحكام وغباء الجهال
تتدحرج كل مراسيم الرقص
وشعارات الزيف
وتسبح أمواج النهر
على رمل شواطئه الموسومة بالحزن
——
وفي قصيدة غناء عراقي يتحفنا الجبوري بقصيدته غناء عراقي ليقول/
ياعطر اهلي وذاك البيت والترب
وصوت امي الذي قد هدّه التعب
ايّان انسى ودهري اليوم القمني
الكبر والخوف والأوجاع تصطخب
عمري افضته في الأوطان ممتحننا
استهدف العيش بالادغال احتسب
ماهمّني الحقد والتهريب ألمني
يباع اهلي وخيري منه يستلب
دفنت فيك تراتيلي واغنيتي
وبات فيك عرى التاريخ تحتجب
الشمس تطلع يوما ذاك مشرقها
والنور يشرق والظلمات تنسحب
——
وفي قصيدة ذكرى يقول بشجوه المعهود وآحزانه التي اتعبها الزمن /
ذكر الفؤاد صبيةٌ احببتها
منذ كنت عشراً بعدها سنتان
فغفى فؤادي والعيون نديمة
والوجه بات مقرّح الاجفان
يرضيك ياوجعي وعهد طفولتي
اقضي بلا سلوى ولا ايمان
ان كان يغنيك البعاد تلذذي
وتيقّني. إنّي كرهت زماني
—-
وفي قصيدة شكوى يقول/
أشكو إليك مايُهيج حنيني
واسى يدق بخاطري ويقيني
وأمني منك النفس اعرف انها
تحتاج عفوك. لمسة لجفوني
يامنيك القلب التي بك حاضري
يشقى ويلتهب اللظى بعيوني
بك انت وحدك أستفز صبابتي
امضي قتيل وينتهي تأبيني
—-
وفي قصيدة واقع حال يطالعنا الاستاذ الجبوري بحرقته المعهود بوصفه الدقيق للواقع المر عابرا حدود الانثروبولوجيا الإنسانية بأبعادها الزمكانية الكاملة ليقول
وكبرت عام
ماذا جنيت من اللئام
حسبتني اني سلمت
وكان عيشي في سلام
ام انت تحسب انتي مثل الحمام
مابين أغصان يأرجحني الهيام
واحسرتاه ….. يغادر الشرفاء
كل موانيء المدن الكئيبة
ويمدح البوم الخرائب في الظلام
——
الديوان يستحق القراءة بكل كلماته وحروفه وابياته فالمهارات اللغوية، والبلاغة والفصاحة وحسن التعبير هي جزء لايتجزا من صرخة الجبوري بقصائده المفعمة المتطلعة الى الغد المشرق من أجل الحب والوطن والحياة.