مثل خيط ذهبي ينسدل كان يشرق بحديثه الطويل عن الأشجار، وكنت أجاريه، ليس لأني أحبه فقط، بل لأني كنت مندهشة أن أرى شخصا في حياتي يهتم بما أهتم به، ويحب ما أحبه، كنا نشكل موسيقى متناغمة تعزفها أوتار قلبينا، ونسمعها نحن الاثنان دون شك، ودون حتى أن نخبر بعضنا بذلك، لكن يقينا كنا نعرف أن كلانا متشابهان في حب ما يخالف الجميع رغم إننا نختلف كثيرا، وها قد أفترقنا كلّ في طريقه دون إتفاق مسبق بعدما أنفقنا الساعات والأيام في خوض النفيس من المشاعر والترهات في آن واحد، وكلما تحدثت في هذا الماضي أضحك من هذا الاختلاف المفرط.
كنت أسمعه يلقي قصيدة لمخائيل نعيمة، ربما على نهر الفرات، لا أتذكر بالضبط أي نهر، كان يقول لي عبر أسلاك الهاتف: “هل تعتقدين أننا سوف نلتقي؟”، وأجيبه بالنفي، يضحك ويقول: “أممم، أعتقد أن أجمل ما في هذة الحياة أن نبقى معا نحيي هذة اللحظات الجميلة، فنحن لا نعلم ما قد تقدمه الأيام”.
أوه، كم كان صوته أجشا، وفي خضم شعوري وجدته “ريانا”، أعتقد أنني مهوسة بسحره، لا تستغربوا سحر الكلام لا يقل أبدا خطورة، إنه مثل المخدر، أنا أعترف أنني عنيدة جدا، وأقول عكس ما أريد، وربما بسبب ما تلقيته من تربية، فأنا أقدس الوضوح، وأسعى الآن لقول الحقيقة مهما تكن.
وأنا في طريقي لقول الصدق، أعترفت له بعد كل هذا الوقت بوجوب اللقاء، فهل فات الآوان؟.