كانت تنظر إلى ذلك الثقب الذي بدا وكأنه خارج عن إرادتها. لم يكن ثقبًا ماديًا، بل كان شعورًا داخليًا يختبره الإنسان بمفرده، يتسلل منه طعم لاذع يشبه شعور المرض أو اقتراب الإصابة بالحمى. وعندما نظرت إلى المرآة، رأت وجهها يميل إلى الصفرة، وبقعًا عليه كأنها بصمات. كانت تتحسسه بيدها من الأعلى إلى الأسفل، ولاحظت تجمع نقاط المسام السوداء فوق جلد أنفها.
تداخل صوتاها الداخلي والخارجي، واتفقا على شحوبها وتعبها العام. قررت أن تمنح جسدها راحة مؤقتة، ربما لساعات أو يوم أو يومين… لم تكن تعرف المدة بدقة.
كانت تشعر أن هذا التعب ناتج عن اتصالها بالعالم في هذه الأيام أكثر من اللازم، خاصة مع الأشخاص الذين تستنزف طاقتها. قررت أن تمنح نفسها أيامًا لنفسها، وهكذا استقرت على رأيها. حتى الحلق يتعب من التواصل مع من لا تتسم علاقتهم بالجودة، أو بالأحرى، مع من لا يتفق القلبان فيهما على فهم محبة أشياء لا يشتركون في حبها.
لكن هذا الاختلاف قد يكون مقبولًا من الجانبين، حيث يحترمان فكرة أنه لا يوجد شخصان متفقان في كل شيء، لكن طاقتهما تتناغم معًا، ويشعران بالراحة كالماء البارد عند لقائهما، وليس بالتنافر الذي يسبب التعب للجسد والروح.
وعلق في ذهنها أشياء كانت ترغب في الكتابة عنها، لكنها لم تدونها إلكترونيًا أو ورقيًا. كتبتها في عقلها، معتقدة أن الذاكرة تحتفظ بكل شيء ولا تفرق بين الحادثة المؤلمة التي تجبر على الالتصاق في الذاكرة وبين الأفكار التي تمر بسرعة، التي عدّ فرصة، فإذا لم تستغلها لتدوينها، ستطير إلى حيث لا تعلم، ربما إلى شخص أفضل منها يقتنص الفرص لوجود هذه النوادر من الجواهر.
قررت أخيرًا ألا تدع ذهنها يتجول وحده دون أن تصحبه، فالمحبة أولًا وأخيرًا هي الاستماع إليه برفق، وأن تدون كل ما يجول في خاطرها حتى لا تنساه. فقد يكون الدواء والعلاج كلمة لا تأتي من الآخرين، بل من نفسها.