ما إن نزل خبر تهجير الأخوة الأخوة.. المسيح من قبل الدولة الإسلامية في العراق والشام وعاصمتها نينوى الموطن الأصلي لأهل الصليب حتى طرقت باب ذاكرتي المعطوبة قصة ريتا وموت مرجع الطائفة الشيعية السيد أبو القاسم الخوئي ولأنني المسلم لم أتذكر تأريخ وفاته سارعت إلى “النت” ليخبرني بموته في 8 أغسطس عام 1992 وكيف أن ريتا طالبة المعهد الفني في محافظة البصرة قدمت عصر يوم الوفاة للقاء زميلها وحبيبها على كورنيش البصرة، شارع العشاق والنفوس الدافئة. كان(صديقي قاسم.. الذي ذكر الحادثة كما هي) يحبها بجنون ويتحدث بصراحة عن جمالها وطولها وبياضها وقلبها ونباهة أفكارها وصدقها في الحديث و.. كان همه الوحيد أن تكون “حليلته” كما يريد العرف ولا أظن الدين وحده بينما همها تمنحه بشكل حضاري ومقبول هذه الشراكة التي لم تتخط الشرائع غير أن أهليهما مانعا تلك الزيجة والعلاقة التي جعلته لم يبارح الخمر بالرغم من استيائها على حاله ومحاولاتها الفاشلة لترك هذه العادة التي تمقتها وبينما ريتا وقاسم على لقاءات مستمرة وأمل لم ينقطع جاءت على غير عادتها بحلة سوداء أو لنقل بلباس اسود من ربطة الرأس التي حجبت شعرها الناعم الطويل إلى حذائها الجلد، وحقيبة سوداء وبلا احمر شفاه. قالت آسف انقل عزاء أختي (الوحيدة التي وقفت معهما) أيضا ثم أكملت تعازيها. كان يقول (هي حورية بلا تعديل.. جاءت وقد جن جنوني، ريتا لابسه الأسود يا هو مات يا مَن روحي بدل روحه لا احد يعرف علاقتنا ويصدق يوم قالت “البقية في حياتك” كان قد تغير حالي ولا اعرف ماذا أقول سوى شكو ريتا شنو صار.. المهم أنتِ.. أما عن موت مرجع الشيعة السيد أبو القاسم الخوئي بعد إقامة جبرية أتعبته ما خطر على بالي …) وقتها خان قاسم التعبير أو لا علم له وكان صريحا، ان الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد وكما تعرف هو يشرب ولم يصل أو يصوم بل انتابه الخجل ان مسيحية تريد أن تشاركه الحزن اسوة ببقية المجتمع العراقي مثلما تشاركه أعياده ومناسباته ولم تنس هديته في عيد الميلاد وفي رأس السنة الميلادية ولكن وفاة السيد.. أمر جعله يعيد حساباته ليس لأنها حبيبته بل احترام الطقوس وخصوصيات الطوائف والأديان لا خلاف عليها وكما قالت ان والدها احترم مشاعر زملائه في العمل والحق ان ما قدمته ريتا من درس جعله يصلي ويصوم ويقسم بأيمان غليظة انه تنوّر على يديها.. ترى من يصدق ان مسلما يهتدي لدينه على يد مسيحية.. أتمنى ان تصدقوني لان الإسلام ليس الصلاة والصوم، بل المعاملة و”الكتاب الذي لا ريب فيه”… ليس هذا بين الدفتين بل صورة النبي الذي تعامل مع نظرائه في الخلق ومع وحيه الخاص الذي يراه وحده دوننا وما الكتاب سوى المسموع لأربعة قرون أُولى ومن بعده جاءت القراءة. وما نقرأه اليوم إلا كلمات تحتاج إلى إعادة ترتيب وتأويل ومعرفة للنبي الذي لم ندرك زمانه والوحي والكتاب أيضا ولكن ويقينا لم يدركه رجال القرآن الجديد ودولة المخلصين وراياتهم السوداء. ان أسيادهم “يعرفونه كما يعرفون أبنائهم”. ولله ما اصبر ريتا وإخوتنا على كنائسهم التي هُجرت.