نتحدث عن “الإنسان” ونحن أبعد ما نكون عن الإنسانية، ندعوا السلطة لنصب المشانق لغيرنا وإذا أتى الدور..نُطالب بتطبيق عقوبة الضرب بأورق “الكيلينكس”
يقول الروائي الهندي آرافيند أديغا في روايته المُشاغبة “النمر الأبيض” أن المجتمع الهندي بمختلف طبقاته ومناطقه ”نصف مخبوز” دلالة على الوضع المتخلف، فهو يرى أن طُلاب المدارس في الهند يسيرون في مسار غير معلوم نهايته، وأن العلوم التي يتلقاها التلميذ في المدرسة لا توصله إلى أي شيء أبداً، ويُكمل في روايته الجميلة إلى أنه استطاع أن يُصبح رجل أعمال ناجح -بغض النظر عن كيفيته العملية- كان بعد خروجه من المدارس ليتلقى العلوم على طاولات المقاهي عندما كان يمسحها ويسترق السمع من الجالسين عليها، يسرق معلومات مُختلفة جداً من سياسة واقتصاد وأدب، على أي حال فهو يستمر في نقد مجتمعه ويوصله لدرجة قريبة من -الحضيض- إن لم يكن أوصلها حقاً، سأتوقف هُنا لأقول “يحق للكاتب ما لا يحق لغيره”. هو من الناس الذين يمتلكون تلك العين السحرية، وعلينا فعلاً أن نُصدقهم !.
– هل يستطيع أحد منكم أن يُعارضني لو قُلت : إننا نعيش في مجتمع “نصف مخبوز” ؟. أحترم رأيكم جميعاً ولن أكون قراقوشاً كأغلب أعضاء “جمعية حقوق الإنسان” الحالية، لكني أُخبركم أننا نعيش بمجتمع غريب .. لو رآه السيد أديغا لمزق أوراق روايته ووقف أمامنا فاغراً فاه يسترجي قلمهُ أن يكتب شيئاً بشعاً كما يراه فينا، نتحدث عن “الإنسان” ونحن أبعد ما نكون عن الإنسانية، ندعوا السلطة لنصب المشانق لغيرنا وإذا أتى الدور..نُطالب بتطبيق عقوبة الضرب بأورق “الكيلينكس” !، وضعنا مُضحك للغاية..فنحن نقرأ كل يوم مواد الدستور التي تُنادي بالحرية أكثر من قراءة سورة الفاتحة، ولا زلنا نُطالب بقتل وإقصاء وإغلاق كل شيء ضدنا، وأكثر شيء يجلب الإبتسامة هو أن ترى قيادة سفينة الفتنة تكون بيد إنسان يَسبقُ إسمه لقب (د.) .. ومن هُنا أقول هل تعاستنا من المُتعلمين؟، وهل هُم بالأساس مُتعلمين حقاً، أم إنهم من جماعة مدارس الهند التي تنتج الإنسان بعد سنوات من دراسته كإنسان “نصف مخبوز” ؟، سامح الله الخباز !.
– في نفس روايته “النمر الأبيض” يقول أديغا (.. لو حانت الفرصة لي لأكوّن بلداً، لكنت مددتُ أنابيب الصرف الصحي أولاً، وبعد ذلك نشرتُ الديموقراطية). وأنا أقول أن لو حانت لي الفرصة .. لغسلت الناس في بلدي من أقذارهم الطائفية والعنصرية، لأشرع بعدها بتمديد أنابيب الصرف الصحي، وبعدها أفكر في موضوع الديموقراطية !.
مقالات ذات الصلة
14/10/2024