كنا قد تناولنا في مقال سابق بعض الفضائح التي ارتكبها تنظيم داعش في مدينة الموصل والفتاوى التي تصدر عنه وتعليماته التي يجب ان يُعمل بها .. وفي هذا المقال نحاول ان نستعرض بعض ما رصدته وزارة حقوق الانسان وضمنته في الملحق العدد (22) الخاصة بمجلة حقوقنا التي تصدر عن مكتب الاعلام في الوزارة .. فقد جاء في حقل عمليات القتل والتهجير بحق المدنيين . ان الدواعش ومنذ ان دخلوا الى مدينة الموصل عملوا على استهداف ابناء الشعب العراقي بكافة مكوناته خاصة الشيعة والمسيح والشبك والتركمان ، اذ هجّر التنظيم اكثر من 650 عائلة شبكية وتركمانية من المدينة ، وهذه احصاءات اولية حيث ارتفعت الاعداد بعد ذلك بشكل مقلق .. الملحق اشار الى نزوح (800) الف مواطن من المدينة وضواحيها .. كما جرى اختطاف (20) مواطناً شبكيا من قرية كوكجلي واعدامهم .. فيما اقدم التنظيم على واحدة من ابشع جرائم الابادة الجماعية عندما قام باعدام (580) نزيلاً من المذهب الشيعي في سجن بادوش ، في موضوع اخر كشف عدد من رجال الدين في الموصل عن ان التنظيم قام بقتل امام وخطيب جامع الموصل الكبير ومثل بجثته بعد ان رفض مبايعتهم ، اكد ذلك امام جامع الصديق الشيخ محمد المنصوري . فيما اشار سلام منصور الهيتي الى ان “عناصر داعش اقدمت على تهديد رجال الدين المعتدلين الذين لم يصطفوا معهم ، ويرفضون وجودهم ، وهذا ما ادى الى نزوح اكثر من (34) اماماً من ائمة الجوامع الى اربيل خوفاً من التصفيات الجسدية . المأسات تكمن في جرأة التنظيم على اعراض الناس في الموصل ، حيث سجلت حالات انتحار لاربع فتيات في نينوى بعد محاولة عناصر التنظيم الاجرامي اجبارهن على مايعرف بعقد النكاح عليهن ، ورفضهن المسبق لدخول تلك العناصر المجرمة الى بيوتهن ، الا ان المسلحين تعاملوا بقسوة مع افراد عوائلهن ، وتم احتجازهم في غرفة واحدة تحت تهديد السلاح .. وامتدت جرائم داعش حيث تم اختطاف عشرات النساء مع بعض الصبية الذين يتسمون بالوسامة ، هذه الجرائم اجبرت ام لارا (40) عاماً وهي سيدة كردية عراقية بترك منطقتها والرحيل الى دار شقيقتها في بغداد ، تلافيا لوقوع بناتها الجميلات اللواتي تتراوح اعمارهن بين (14ـ 23 عاما) وطفلين وسيمين بيد عناصر داعش.
جرائم داعش وفواحشهم لا تنتهي عند حد معين ، بل تتنوع وتشمل مجالات الحياة كافة ، فقد قام التنظيم بنشر صور على موقعه في (تويتر) اظهرت عمليات هدم وتفجير لمجموعة من المراقد والاضرحة ودور العبادة الشيعية في الموصل .. اضافة الى تقرير مصور يظهر هدم ضريح الشيخ فتحي وقبر البنت ، وقبر شيخ الطريقة الصوفية احمد الرفاعي .. احد شهود العيان في المدينة واسمه بهاء سالم (23 عاما) وهو من منطقة باب سنجار في الساحل الايمن من الموصل اكد اغلاق الكنائس في المدينة واحراق بعضها .. وقد شهد بام عينه تهديم قبر البنت الذي يعود تأريخه الى اكثر من 200 سنة . اما ضريح الشيخ فتحي فيعود الى 1000 سنة . يقول سالم: ان اول الكنائس التي تم احراقها من قبل تنظيم داعش هي كنيسة “مار متي” في الحي الغربي من الموصل واتخذوا من مطرانية الكلدان والسريان والارثوذكس مقرا لهم. وليس بعيدا هدمهم لمقام النبي يونس عليه السلام ومساجد وحسينيات للشيعة في المدينة.
هذه وغيرها من الجرائم التي وثقها الملحق ، فتقارير الامم المتحدة تشير الى ان عدد النازحين من المكونات العراقية بلغ المليوني نازح توزعوا في المحافظات العراقية الشماليه والجنوبية .. لقد ترك هؤلاء آلاماً وفواجع ومآسي في مساحة واسعة من ارض العراق .. ومازالوا يسعون الى ان يفسدوا في الارض ، لكن مصيرهم حتما سيكون الى الموت ، والى جهنم وبئس المصير، فالحشد الدولي الان في دعم العراق ليس له مثيل ، ولم يسبق ان تداعت الدول لتقديم الدعم الى دولة ما ، مثلما يحدث الان للعراق .. رؤوساء الدول ونوابهم ووزراء الخارجية يتقاطرون على بغداد لتقديم الدعم ، ولعل اخرها قيام الرئيس الفرنسي الذي قام بزيارة الى العراق يوم الجمعة الموافق 12 ايلول 2014 .. وقبل ذلك كان نائب الرئيس الامريكي جوبايدن وخطاب الرئيس الامريكي يوم الاربعاء الموافق 10 ايلول ومقررات مؤتمر جدة وموقف الاتحاد الاوربي ، ومؤتمر باريس .. كل هذه المواقف تجعل العراق محط انظار العالم وتجعل قضيته احدى اهم القضايا الدولية وللحديث صلة .
عبدالزهرة الطالقاني
القاهرة