قد شهد قطاعا التّربية والتّعليم العالي العراقيّ خطوات كثيرة وحثيثة،ولكنّه يبقى في حاجة ماسة إلى جهود كافّة منتسبي الوزارات التي تعُنى بتمنيّة الحالة التّربويّة والثّقافيّة والعلميّة لبناء الشّخصيّة العراقيّة واستئصال أدران الماضي.فالبناء العلميّ في العراق في حاجة إلى معالجات مفصليّة ليغدو قادراً على الحراك بفاعليّة ونشاط وتواصل مع المؤسّسات العلميّة العريقة،وذلك بالاستعانة بالأكاديميين العراقيين المغتربين في المهاجر كلّها،كما أنّ هذا البناء العلميّ في حاجة إلى قرارات جريئة من شأنها إحداث نهضة شاملة وتطوير متواصل للمؤسّسات العلميّة العريقة جميعها،إلى جانب ضرورة تحديث القدرات التّربويّة والعلميّة والثّقافيّة لمنتسبي تلك المؤسّسات جميعهم،وفتح قنوات الاتّصالات الالكترونيّة،ورصد الميزانيّات الكافية لها ولقنوات التّواصل التّقليديّة لحضور الدّورات التّطويريّة والنّدوات والمؤتمرات وحتى النّشاطات الثّقافيّة وتكريم المبدع منها.
لقد استجابتْ وزارة التّعليم العالي العراقيّة مشكورة تخصيص ميزانيّة لاحتفاليّة الطّلبة الأوئل والمتميّزين من خريجي الجّامعات الأردنيّة من العراقيين للدّراسات الأوليّة والعليا،وقد أضفنا إلى هذه الاحتفاليّة مجاميع من الأكاديميين العراقيين العاملين في الجّامعات الأردنيّة لتكريمهم على حصولهم على مرتبة الأستاذيّة قبل عامين،وكرّمنا عمداء الكليّات في العام الماضي،وفي هذا العام،وبالتّحديد في يوم 20/9/2014 تمّ تكريم الخرّيجين الأوائل بالإضافة للأساتذة ممّن لديهم عشرات مؤلّفات علميّة أو أكثر في تخصّصاتهم،أو ممّن لديهم ثلاثة أبحاث قد نُشرت في مجلات علميّة محكّمة وذات معامل تأثير(impact factor ) مرتفع خلال عام 2013/2014.
إنّ قناعتنا بضرورة عقد هذه الاحتفاليّات مرّدها إلى عوامل كثيرة،وأهمّها توثيق علاقة التّواصل بيم الطفاءات العراقيّة في المهجر مع مؤسّسات التّعليم العالي العراقيّ.وقد تمّ الإعلان عن هذه الاحتفاليّة قبل أكثر من شهر من اليوم المحدّد لعقدها،ولكن ممّا يُؤسف له بحقّ اتّصال بعض الأكاديميين الرّاغبين في اقتراح أنفسهم للتّكريم ليستفسروا عمّا نقصده باصطلاح مجلّة ذات معامل تأثير (IF) مرتفع. وهذا السّؤال المكرور من أكاديميين عريقين جعلني أتحفّز للكتابة عن هذا الأمر للتّعريف به لكلّ سائل عنه.
لذا إنّ معامل التّأثير (IF) هو مقياس لأهميّة المجلات العلميّة المحكّمة ضمن مجال تخصّصها البحثيّ،ويعكس معامل التّأثير مدى اعتماد الأبحاث العلميّة التي تُنشر حديثاً على عدد المرّات التي يُشار فيها إلى البحوث المنشورة سابقاً في تلك المجلات واعتمادها مصادر لمعلوماتها،وبذلك تُعدّ المجلة التي تملك معامل تأثير مرتفع مهمّة لأنّه يُعتمد عليها،ويتمّ الإشارة إلى أبحاثها المنشورة فيها والاستشهاد بها بشكل أكبر من تلك التي تملك معامل تأثير منخفض.
وقد تمّ ابتكار معامل التّأثير من قبل ايوجين جاد فيلد مؤسّس المعهد العلميّ للمعلومات ISI،وتقوم بعض المؤسّسات حاليّاً مثل مؤسّسة(تومسوم رويترز)بحسا معاملات التّأثير بشكل سنويّ للمجلات العلميّة المحكّمة المسجّلة عندها،ونشرها فيما يُعرف بتقارير استشهاد المجلات،حيث يتمّ تصنيف المجلات وفق معاملات تأثيرها.
إنّ طريقة حساب معامل تأثير مجلّة ما في سنة معيّنة تكون باحتساب معدّل عدد المرّات التي تمّ الاستشهاد فيها بالأبحاث المنشورة في تلك المجلّة خلال سنيتن ماضيتين،فإذا كان معامل التّأثير لمجلّة ما على سبيل المثال هو 4 في عام 2012،فهذا يعني أنّ الأبحاث التي نُشرت في العامين 2010 و2011 في تلك المجلّة قد تمّ الاستشهاد بأبحاثها بمعدّل 4 استشهادات في البحوث التي نُشرت في عام 2012.
ويمكن حساب معامل التّأثير (IF ) لمجلّة ما للعام 2012 بالشّكل الآتي :-
= ( A) مجموع عدد الاستشهادات التي اعتمدت البحوث جميعها المنشورة في أعداد المجلة خلال الأعوام 2010/2011 للبحوث المنشورة والمفهرسة لعام 2012.
= ( В ) عدد البحوث المنشورة التي تمّ الاستشهاد بها في المجلات للأعوام 2011,2010، علماً بأنّ البحوث التي يُستشهد بها يجب أن تكون مقالات أو مراجعات أو بحوث أو ملاحظات،وليست رسالة إلى ناشر أو مقدّمة لمجلة ما.
معامل التأثير = B/A
علماً أنّ معامل التأثير لعام 2012 يُنشر في عام 2013 ؛إذ إنّ حسابه يتمّ بعد اكتمال النّشر في عام 2012 ،وانتهاء عملية فهرسة المجلّة و تسجيلها في إحدى الفهارس الإلكترونيّة .وقد تتأثّر بعض المجلات بطريقة الحساب هذه عند عدم إصدارها لأيّ منشورات على امتداد سنة ما.
ويرتبط معامل التّأثير ((IF ارتباطاً وثيقاً بالمجال العلميّ للمجلّة التي يُعبّر عنها , فمثلاً تتراوح نسبة الاستشهاد في أول سنتين من تاريخ نشر البحث بين 1-3% في المجلاّت المتخصّصة في الرّياضيات والفيزياء , بينما تتراوح النّسبة بين 5-8% في المجلات المتخصّصة في علوم الحياة .
ومن الجدير بالذّكر أنّ بعض المجلاّت ذات معامل تأثير منخفض بسبب أن الكثير من استشهاداتها هي لأبحاث كُتبت من قبل الباحث نفسه فيما يُعرف بالاستشهاد الذّاتي،وهو أمر يثير جدلاً حول مدى تأثيره على صحّة مدلول معامل التأثير بشكل عام لاسيما أنّ معامل التّأثير يُستخدم لقياس المجلات العلميّة المحكّمة ومقارنتها فقط،دون الالتفات في هذا المعامل إلى تقييم أبحاث أو باحثين بشكل خاص.
————–
* المستشار الثقافيّ العراقيّ – المملكة الأردنيّة الهاشميّة