ثم نادت جالا ، وكانت من الرقة كالماء اذ يهز الخيالا
من بنات الهنود، تعرف ما يرضي الغواني ، وما يزين الجمالا
من أتى أمس ِ ؟ خبريني ، الا تدرين ؟ كلا ، فلست أُحصي الرجالا !!
اجميل فلم أمتّعه اذ نمت عميقا مما لقيت كلالا
ومتى راح ، في الصباح إلا يرجع؟ ماذا ابقى ، اغادر شيّا …
وملحمة الجواهري هذه نظمها على مرحلتين: الأولى عام 1932 والثانية عام 1946 كما تقول مقدمة القصيدة التي راح يشبك فيها خلاصات تلو أخرى، في لوحة شاملة جمعت بين ريشة فنان، وفكر فيلسوف، وموحيات شاعر:
يا ترى أين أستطيع اللقاء ، برجال يسخرون الرجالا
اي غاب يحويهم ، وفراش فوقه يصبحون أدنى منالا
اصلاة يبغون حتى يثيروا … رغباتي ، فلتصعد الصلوات
وهبيهم ينأوون عني، هبيهم شاخوا، هبيهم ماتوا
افتردي مثلي ، ولم ترو ممن تلظى لأجله الرغبات
… واذ تنقلنا صور الجواهري، ورمزياته من خيال إلى آخر، يعود ليحط بنا على ثوابت الواقع، كاشفاً دون وجل أسراراً عن بعض دواخل المرأة الرحيبة، مطوعاً مفردات شياطين الشعر، باستثناءات تفرض نفسها دون ايما عناء.
وتمشت مهتاجة يتمشى العجب والحسن في الدماء غزيرا
نحو حمامها ، ترى من خلال الماء فيه ما يستثير الغرورا
جسمها اللدن … والغدائر تنساب ، كما أرخت العذارى ستورا
وخرير المياه في السمع كالقبلة ، حرانة، تهيج الشعورا
عبدت نفسها فداعبت النهدين بالشعر ، غبطة وحبور
ثم يعود الجواهري في مقطع لاحق ليصف “افروديت” ذلك الرمز الانثوي الالهي – البشري، بحشد ٍ من التعابير والاستعارات الدارجة وغيرها، عبر ومضات الشاعر المرهف، أو خبرات الرجل المكين، وربما كلاهما في آن، فيواصل نقل ما دار بين الوصيفة جالا، وسيدتها الصاخبة حباً بالحياة والرجال والرؤى والمواقف:
لك رأس كدورة البدر، غطته من الشعر غيمة سوداءُ
يبتدي منه مرسلا سعف النخل، له عند اخمصيك انتهاء
لك كالبركتين تحت ظلال السرو، رَقَا، واوغلا – عينان
لك كالزهرتين صبت دماء من غزال، عليهما شفتان
لك كالخنجر المغطى بذاك الدم مخضوضب، شقين لسان
لك نحرٌ كما تبلج للصبح عمود، ضوى به المشرقان
لك صدر كسلة الزهر بالنهدين نطت فويقه زهرتان
واستدارت كمثل اعمدة العاج ، الذراعان منك والفخذان
لك تلك المدورات حليّ مبهر ، صنع معجز فنان
لك بطنٌ كأنها مخمل الديباج او ثوب ارقط ٍ ، ثعبان
رزقت “سرة” كلؤلؤة الغواص قد ركزت على فنجانِ
… ثم يستمر الوصف، والتوصيف لما بان أو خفى، مما قد نجد بعض حراجة في نقله هنا، إذ يحق للشاعر، ما لا يحق لغيره، وما نحن بشعراء…
على الرابط التالي مقاطع من القصيدة بصوت الجواهري الكبير
http://www.iraqhurr.org/content/article/1884077.html
مع تحيات مركز الجواهري في براغ