المرأة تمتلك المشاعر ، وتطغي الحواس لديها على جميع مشاعرها وتصرفاتها ونشاطاتها واعمالها .. فإذا كانت شاعرة امتلكت القلوب .. والشاعرات قليلات ومعدودات في العراق .. أو في بلاد العرب عموما .. وهن ومنذ قولهن الشعر أصبحن مبدعات ، وسجلن حضوراً فاعلاً في أزمانهن ، لذلك لابد من ذكرهن وتعظيم دورهن ، لأن قول الشعر في زمنهن يشبه الرقص .. وهو حرام على المرأة .. كما يحرم الرقص أو التمثيل .. لذلك فأن اظهار الشاعرات لمواهبهن وطباعة دواوينهن يقابله اعتراض اسري ومجتمعي ، ومانع عرفي .. وتقليد عشائري ، على عكس الرجل الذي يحتفي به المجتمع ، وينسجم تماماً مع الأعراف السائدة ، وتفتخر به عشيرته .. وسط هذه الاجواء الوعرة تنشأ الشاعرات ويكتبن الشعر ويذعنه وينشرنه في دواوين .. لذلك فهن إضافة إلى كونهن شاعرات ، ومبدعات ، فإنهن مناضلات صاحبات مشروع للتغيير .. وهكذا كان الأمر بالنسبة لإبنة بغداد “عاتكة الخزرجي” التي احتفى بها بيت المدى الثقافي قبل حين من الان وأصدرت صحيفة المدى ملحقاً خاصاً تحت عنوان ” عراقيون ” تناولت فيه مسيرتها ، وشعرها ، ووضعها الاجتماعي ، وعطائها كأستاذة جامعية ..عاتكة الخزرجي التي ولدت في بغداد سنة 1924 ، وحصلت على شهادة دار المعلمين العالية عام 1945 ، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الأدب عام 1954 من مصر ، وكانت قد سافرت إلى باريس والإقامة فيها ثم عادت إلى بلدها .. أصدرت عاتكة ثلاثة دواوين هي: ديوان “العباس بن الأحنف عام 1954 ” و “أنفاس السحر عام 1963 ” و “لألئ القمر عام 1975 ” .. المهم أن الندوة التي أقامها بيت المدى الثقافي والتي اشرنا اليها ، وأدارتها الشاعرة آمنة عبد العزيز مع ثلاث مداخلات لكل من الناقد بشير حاجم , والاديب علي الفواز , ومداخلة أخرى قدمها الباحث عبد الحميد تناولت سيرة الشاعرة وحياتها ومنجزها الادبي .. ولعل أجمل ما قيل في هذه الندوة هو ما تفوه به المؤرخ الكبير المرحوم الدكتور سالم الآلوسي عندما قال : “لابد من وضع نصب لبنت بغداد في إحدى ساحات العاصمة تكريماً لها واستذكارا دائما لشاعرة بغداد” خاصة وأن بغداد تفتقر إلى نصب للمبدعات ، أو نصب المرأة بشكل عام .. فمثل هذا التمثال يمكن أن يُجمّل إحدى ساحات بغداد ، على أن يطلق اسم الشاعرة على الساحة ذاتها .. إن هذه المهمة مشتركة بين أمانة بغداد ووزارة الثقافة .. خاصة وان بغداد تزدان بفعاليات الثقافة وتشتمل على الندوات والمؤتمرات ، والمعارض الفنية ، ومعارض الكتب ، والجلسات الأدبية والشعرية ، إضافة إلى اصدار المطبوعات المعنية بالثقافة .. وإقامة النصب والتماثيل .. حيث جرى قبل فترة إقامة ثلاثة نصب في بغداد للفنان الكبير محمد غني حكمت ، وهي اليوم شاخصة في ساحة الفتح ، وساحة الأندلس ، وساحة معرض بغداد الدولي ، إن بغداد التي أنجبت الكثير من الشعراء والأدباء والعلماء ، بحاجة اليوم إلى استذكارهم ، لأنهم أعمدة الثقافة .. ووضع تمثال لشاعر ، أو عالم , او فنان خير من وضع تمثال لسياسي ، فجمهور الشاعر والأديب والعالم .. أوسع من جمهور السياسي . إن اللجنة المعنية بتكريم الرموز الوطنية العراقية ، مدعوة للنظر إلى هذا الأمر نظرة جادة .. والتوصية لعمل تمثال للشاعرة الخزرجي .. كما أن نقابة الفنانين العراقيين مدعوة هي الأخرى للإهتمام بهذا الموضوع وبالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .
عبد الزهرة الطالقاني
القاهرة
—