لم تكن الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس والتي تتعلق بسلوكيات ساسة عراقيين لهم ارتباطات خارجية .. لم تكن جديدة ولا تحمل حتى روح المفاجأة .. واعتقد ان قيمة هذه الوثائق لاتكمن فيما كشفته من معلومات انما بتوقيت نشرها.. وما يثير الاستغراب هنا وهذا السؤال طالما راودني منذ بدأ ويكيليكس تفجير عبواته الناسفة ليس في العراق وحسب انما في الكثير من الدول لاسيما دولنا العربية والشرق اوسطية .. كيف يحصل هذا الموقع على مثل هذه الوثائق (الخطيرة) ..هل يقوم بشرائها مثلا ؟ .. فإذا كانت الاجابة نعم فهذا يعني امرين اولهما ان ويكيليكس لديه امكانات كبيرة ربما تقف ورائها حكومات تمكنه من شراء الوثائق المهمة من خلال اختراق تحصينات الحماية البشرية والآلية المفروضة على هذه الوثائق .. والامر الثاني ان الفاسدين موجودون في كل مكان وليس عندنا وحسب وهم دائما على استعداد لبيع بضاعتهم بأبخس الاثمان ومنها الاوطان !
اما اذا كان الامر غير ذلك – وهذا ما اعتقده- واعني هنا ان عملية الوصول الى الوثائق السرية الخاصة بالخارجية السعودية عملية ليست سهلة على الاطلاق في ظل نظام معروف بهيمنته المطلقة على كل شيء في الحياة .. هذا التحليل الذي قد يجده البعض قاصرا يقودني الى استنتاج اخر مفاده ان ماسربه ويكيليكس كان مقصودا ومخططا له بدقة من حيث التوقيت .. اذ يرى بعض المراقبين ان حالة التوافق التي يعيشها العراق اليوم بين مكوناته السياسية وتراجع مؤشرات الخطاب المتشنج في ظل سياسة حكومية تسعى لاحتواء الجميع فلربما يكون هذا الامر قد اثار حفيظة بعض الجهات الخارجية التي لاتريد للوضع العراقي ان يستقر فكان تسريب هذه الوثائق من اجل تعكير الاجواء وتهديم ماجرى بناؤه خلال الاشهر الاخيرة .. ليس هذا وحسب انما ايضا قد تأتي تسريبات ويكيليكس المخطط لها للتغطية على قضايا اخرى شهدها العراق خلال الاسابيع المنصرمة وحرف الانظار عنها..!! ونشير هنا الى ماشهده الدينار العراقي من تراجع خطير في قيمته امام الدولار وهي حالة تبدو غريبة لانها جاءت من دون مقدمات منطقية بعد استقرار طويل في هذه القيمة لاكثر من ثماني سنوات لم يتأثر الدينار خلالها بما شهدته البلاد من ظروف في غاية الصعوبة سواء كانت سياسية او امنية او اقتصادية وبقي الدينار محافظا على مستواه في السوق .. ولا شك ان ماحدث من ترد للعلاقة بين الدينار والدولار لم يكن عفويا ولا علاقة له بانخفاض اسعار النفط او العجز في الموازنة فاحتياطي العملة الاجنبية المتوافر لدى البنك المركزي العراقي يبلغ ضعف حجم الدينار العراقي الامر الذي يمكن البنك من الاستجابة لمتطلبات السوق مهما بلغ حجمها وهذا ما ظهر من خلال الاجراءات المتخذه وعودة العافية للدينار تدريجيا .. لهذا اعتقد ان احد اهداف التسريب الويكيليكسي هو توفير الاجواء الامنة لعصابات تخريب الاقتصاد وتعريض البلد الى هزة عنيفة .. كما لا استبعد وجود علاقة اخرى بين التسريب وما يجري في ميادين القتال ضد داعش اذ شهدت تلك الميادين تقدما واضحا في دحر تلك العصابات الارهابية وتحرير الكثير من المناطق من دنسها.. وليس مستبعدا ايضا ان تكون لهذه التسريبات صلة بما حدث في الكويت وتونس من مجازر وحشية الجمعة الماضي ! .. وازاء ما تقدم لا اتمنى ان يفهم البعض كلامي على انه دفاع عن الذين وردت اسماؤهم في وثائق الخارجية السعودية الخالية من اي تاريخ او رقم يؤكد مصداقيتها بدرجة مئة في المئة ، انما يجب ان يساءل هؤلاء الساسة مساءلة شديدة اللهجة قد يطاح بهم على اثرها ، ولكن في ذات الوقت يجب ان نوجه السؤال رسميا الى الخارجية السعودية التي لم يتحدث عنها احد بشأن الكم الكبير من وثائقها التي اثارت عواصف عاتية في المشهد العراقي. وكيف سربت هذه الوثائق ؟. انها مجرد اسئلة ويكيليكسية بريئة جدا !!
—
مقالات ذات الصلة
14/10/2024