يعتقد جميع الشيعة في العالم ان الساعة اتية لاريب فيها ، وانهم حين ينشرون سيكونوا في شفاعة رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” والامام علي بن ابي طالب والائمة الاطهار من ولده عليهم السلام جميعا ، وان هؤلاء وهم اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، سيكونون السند الظهير لهم يوم الحساب ، ويوم لاينفع فيه مال ولا بنون ، ويراهنون على ذلك ، سوى القيام بالعبادات المفروضة أصلا ، بحب علي عليه السلام و أولاده من الائمة الاثنى عشر و أولادهم وذريتهم الى يوم يبعثون .
ويعدون هذا الحب ثقيلا في موازين الحسنات والسيئات.. ولذلك يحرصون اشد الحرص على ان يكون مثواهم الاخير في مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف الى جوار علي ابن ابي طالب عليه السلام .. وهذه الربوة كانت مدفنا منذ ظهور الإسلام وكانت تسمى بظهر الكوفة ، فهناك مراقد قديمة جدا ، يشير المؤرخون الى انها لنوح وادم عليهما السلام ، وهما يرقدان الى جوار علي عليه السلام او ان علي جاورهما عندما لبى نداء ربه فاوصى أولاده وذوي القربي وصحابته الى دفنه في هذا المكان بالذات .
وما كان لاحد ان يعلم بهذه المدافن من قبل ، كما ان هذه الأرض المقدسة تضم رفاة نبيين من انبياء الله هما هود وصالح عليهما السلام ، فضلا عن علماء وفضلاء وفقهاء ومراجع كبار قد دفنوا في هذه الأرض الطيبة مع ملايين البشر منذ اكثر من 1350 عاما .
ومما لاشك فيه فان اكثر من عشرة ملايين انسان قد دفنوا في هذه الأرض المباركة ، كلهم يبتغون مرضاة الله بحبهم لعلي بن ابي طالب عليه السلام ، والشيعة في كل مكان يحملون موتاهم وشهدائهم الى وادي السلام من كل انحاء العالم وخاصة البلاد الإسلامية ، بل حتى من امريكا والبلاد الاوربية ، فانهم يوصون عندما يتوفاهم الله ان ينقلوا الى ارض وادي السلام ليسكنوا اليها ، وما حمل جثامين الشهداء الذين سقطوا في جامع الامام الصادق في الكويت يوم الجمعة الموافق 27 حزيران 2015 بعد ان طالته اليد الاثمة من داعش واعوانه ، وقتل المؤمنين المصلين حيث كانو يؤدون صلاة الجمعة .
أقول مانقل جثامين هؤلاء الشهداء الى النجف الاشرف الا جزءا من ذلك الايمان الذي اشرنا اليه في بداية المقال ، ليكون هؤلاء شهداء على الجريمة ، يشكون الى الله عز وجل يوم يلتقى الجمعان ظلم الانسان لاخيه الانسان ، والظلم الذي وقع عليهم من قبل ثلة من المجرمين طالما وصفهم الله عز وجل بانهم الظالمون.. وانهم يقولون مالا يفقهون وانهم لما يدخل الإسلام الى قلوبهم بل توارثوا الجاهلية بكل موبقاتها ودنسها. وانهم كالدواب بل اظل سبيلا .
هذه المقبرة لم تعد ملكية عامة كما هي كل المقابر في العالم ، بل هي ملكية خاصة ، فمعظم الاسر الشيعية والعشائر والجماعات اشتروا قطع ارض وسيجوها وجعلوا فيها بنيانا بحيث تستوعب اكبر قدر من الذين يلبون نداء الله عز وجل ، هذه الأرض المقدسة التي توسعت بشكل كبير وجددت وامتدت الى عشرات الكيلومترات ، حتى ان الذين خططوا للتوسع الجديد في المقبرة حرصوا على تنظيمها وتخطيطها بشكل يختلف كثيرا عن المقبرة القديمة التي امتازت بالعشوائية .
وتحرص بلدية مدينة النجف الاشرف على تزيين المقبرة بالاشجار ومناطق الراحة ، وتزويدها بالمياة الصالحة للشرب وتعبيد الشوارع الداخلية ، وقد قامت بتسييجها بسور عظيم يمتد الى الاف الأمتار يحيط بها ، ويعزلها عن المدينة ومرافقها الإدارية والسكنية والتجارية. انها ارض السلام ومهد الأمان والانطلاق نحو الجنان عندما تبعث البشرية وتفتح أبواب الجنة والنار فينال كل نصيبه.
وقد قيل ان النار لاتمس وجوها لجأت الى حامي الجار حيدر الكرار لتستجير به ولتسكن الدار ، دار القرار . اللهم ارزقنا جوار علي ابن ابي طالب عليه السلام.
—