وظفت الحلقة السابقة في أصالة البالية من تمخضات الثروة المعرفية إلى فقه الطبيعة ونحو اللغات٬ انطلاقا مما تولدته من المعلومات السالفة عن الأشياء المحيطة٬ والمكرسة في عقولنا٬ كمعارف أصيلة في نفوسنا المفكرة٬ وفي ما تورثته من فهم التأويلات إلينا مما فات٬ قبليتها٬ وفي نفس السياق الذي تمخض منه٬ فيما لحق٬ عما أنتج عنه من جديد؛ بل الباليه كخيارات معرفية٬ تمخضت بمنحنا٬ من خلال مبدعوا هذا الفن الرشيق٬ فيها أنطلاقا من أرضية لتربة معلومات عامة٬ كأدبيات سابقة٬ أو مقدمات لم تمل عليهم كأنطلاقات قاطعة عليهم أفاهيم مطلقة في المناهج علم الجمال؛ التي أعتمدوها فحسب٬ بل وما هو أهم٬ إنها حددت كذلك إلينا نمطا معينا من الجمال الوجودي بالنسبة إلى فقة اللغه ولأشياء المتناولة في موضوعاتها٬ وللكائنات التي تتداخل في الحجات والرغبات؛ بمعنى رسمت إلينا نمط الجمال الوجودي٬ ذلك الأثر الفاعل في خواص السعادة للمعنى٬ أو أكتشاف التمثيل إليه.
عندئذ تبرز آفاق مشتركة جديدة مركبة٬ كاملة٬ يبدو فيها مساحات لتاريخ المعرفية للمعاني المركبة في عقولنا. أو ما تشكلت إليه حدود العلوم أو الظواهر السطحية للمعنى.
بمعنى٬ هذا لا يمثل لنا٬ وما سيلحق٬ بأننا سنلاحق ضربا عابرا م الصفحات المعرفة الجميلة؛ ب يعني أن التفكير الفلسفي لعقولنا عن ٬ فن الباليه٬ يلي ضربا في التطور المعرفي التاريخي٬ لمعرفة توجهات موضوع ما٬ لم يعد يبيح الأكتفاء بمتابعة تسلسل المعارف المشتركة من علاقة عبر تحليل الزمن الحالي أو عبره٬ خلال عقولنا؛ ذلك يعني؛ أن التطور التاريخي لمعارفنا عبر الزمن٬ هي ليست تبيح معارف لظاهرة يكون لها حاضرا كما أستمر من خلاله الماضي٬ بل أن ما جاء إلينا ما له للماضي من أثر على الظاهره٬ أو تتبع معارفنا المكتفية عبر زمن محدد. وهنا ما تدلل عليه الباليه؛ بأننا نلاحق معارفنا بظواهر لها لغة لكائنات مشتركة في أنماط طبيعة عقولنا لفهمهام ومغلقة كما يبدو من فهمنا لتاريخ العلوم٬ أو الجمال٬ ما يدفع تسلسل معارفنا الجمالية٬ أقتفاء لخطاه وأثره٬ ليس إلا.
بل ولطالما تعقبا٬ مكتفين التفكير نمط جمال الوجود بحسب تفكير وعينا التاريخي٬ والفهم بحسب ما تقتضية سلسلة وعينا المفكر فيه جماليا٬ عبر فقه الجسد كلغة٬ ومساحات الإبداع خلاله من النحو المعرفي للرقص. بمعنى٬ تشكل المرجعية هنا٬ هو الذي يشكل لحظة تفكير ٬ حاضرا مستمرا للماضي٬ بها ما أكتفينا الأثر٬ إلى ما قبلها لوعينا المعرفي٬ تطوره التاريخي لمعرفة ما٬ من أجل أن نتمكن من الوقوف عليه. وهنا الباليه٬ تستعرض فنا رفيعا عظيما من الوقوف والحركة والمداولة٬ على ما يسمح للتفكير ما يقبل بإمكانه التجديد من أنطلاق ما ورثناه٬ أو أكتفينا بظاهرة الشيء٬ معرفين عن فهم نمطه٬ ومكتفين استمراريته كنتاج للماضي.
إذن٬ الباليه تدفع الجمالية الوجودية عن الخط الذي تمخضت منه في ثروة الوجود الجمالي للطبيعة للثوابت والحراكات المعينة في التفكير الجمالي الطبيعي التاريخي لمعرفة ما. بمعنى أن الباليه تسمح بمكانتها أن تستعرض الطرافة القبليةم كوعاء جمالي ميتافيزيقي أحيانا٬ وهذا الوعي الميتافيزيقي٬ يشكل توقفات عن التفكير التاريخي القبلي للمعرفة الجمالية٬ أصلا.
وهذه الطرافة الميتافيزيقية للوعي التاريخي عن الجمال٬ تشكل راهنا استمرارا للقبلية٬ التي بدورها الباليه٬ تنبه ما سيلي معارفنا٬ وعيويوية جمالية٬ اعتمادها بمتابعة سلسلة تحليلاتنا الجمالية للتفكير التاريخي.
عندئذ تبرز تمكن صفحة اللغة عن شيء من فقه الإرادة أو الاستطاعة التي ستطفو على خشبة المسرح٬ التجربة التي تظهر إلينا تحديث التفكير في التطور الجمالي لمعرفة ما. أو الوقوف إلى تسلسل المعارف وإشكالياتها عبر الزمن٬ وما دفعت به إلينا كحاضر٬ على نتاج التجربة القائمة. ربما كباليه تنشيء لها فوق تفكيرنا٬ أكثر جهازة على مظاهر الطرافة الميتافيزيقية٬ لما لها من مؤثر جمالي٬ و وعي كمؤشر بمتابعة معارفه عبر الزمن٬ على أي حال٬ على أن الجمال المعرفي للباليه٬ قد أولى٬ معه سيادة الخطاب الجمالي التمثيلي٬ وهيمنة تمثل دالته٬ بنفسها٬ وهي تقوم بإيقاظ معارفنا من موضوعات الحاجات والرغبات٬ عبر تتالي مشترك تتالى فيه خصوبة التعيين عبر حركات راقصة ناظمة عبرها أوزارها كامنة واقدة كنفاتها راقدة في الأشياء إلينا.
هذا لأعتماد٬ عادة ما تتركه المهارات٬ عارضة ما زامن لها من معرفة ظاهرة٬ أو على الأصح تكشف أعمال موضوعاتها الشيقة بطاقة تمثيل دال بنفسها٬ وهي توقظ للوعي إرادة أو قوة سيطفهو على جوتنب المعرفة كأصول لإرادة الجمال الوجودي٬ أو بما فرحنا به من تتالي العروض٬ والمؤثرات عن التوازن الجمالي المختل بين قواعد الرغبة الجامحة٬ في تسلسل المعارف واستمرارها للماضي٬ وبين الترتيب المتناهي للتفكير الجمالي التاريخي٬ في الدقة للتمثيل الخطابي الجمالي المرتهن.
أي أن التمثيل الخطابي الجمالي المرتهن٬ يصطدم٬ في تلك التوجهات الفقهية للغة٬ أو أعمال النحو الشيقة للباليه في العروض٬ مما يشكل حدها وقواعدها٬ وإن كانت لها القوة الآخاذة في حدود ما تستعجل العرض به٬ الأهم٬ أن تكشف على ما هو يظل قابلا للأمتداد وأستيعاب البحث الذي يحددها. وهما يكمن٬ بلا شك٬ مبدأ تلك “الجمالية للخطاب المرتهن”٬ التي جعلت الباليه منه٬ ليس آخر ما عرفه الوعي الجمالي الوجودي٬ بل عادة بدورها تكشق عن آهلية تصنيف التحليلات٬ عما عرف امتدادها٬ وزامن آنقلاب نظامها الخطابي. بمعنى أن الوعي الجمالي الميتافيزيقي أنقاذ للمعرفة المحضة٬ و أن الباليه تخرج به٬ على ما كسبته٬ رغم أنقياد خطاب الجمال المرتهن٬ لكل نزوعات أهدافها و أندفاعاتها٬ يقدر التشكيل والموسيقى٬ أو على الأصح٬ فنون الأدب٬ تضطر بها إلى أن تدخل في وصف وعيها الجمالي٬ في أدق حركاتها رشاقة٬ بواسطة جمالية بيولوجيا للأمتداد المعرفي٬ يبدأ غمرته في تمثيل واضح٬ الفنان/ـه المبدع يلجأ إليعا طوعا وعن أختيار٬ لخطاب التمثيل الخلاق.
وأخيرا٬ فثمة ما يشكل لفن الباليه نظاما جماليا صارما٬ يحكم حياة العروض؛ إذا على كل تمثيل أن ييشكل حركاتها بواسطة تمثيل واضح للمعنى٬ وأن يتحرك الخطاب المعرفي للتفكير الجمالي الوجودي التاريخيم فورا داخل الجسم النابض للمعرفة٬ كما أن على كل معرفة للتفكير؛ أن تفصح عن نفسها خلال النور الصافي لخطاب التمثيل الجمالي المرتهن. ومن هنا كان ذلك التلاحم الصارم ؛للمتلقي” من خلال تفكيك الخلل المعرفي لفلسفة الجمال الوجودي٬ أو الوقوف على إشكاليات عدم الأنتظام في التفكير عن سلسلة المعارف واستمراريتها للماضي٬ الذي يضفي عليها التمثيل حلة القيادة والانتظام للدوافع والالتحاق٬ وفق استراتيجيات تصفها السيناريوهات الحية٬ الراصد الحقيقي للتوازنات المتقنة والمتجانسة بين التحديات والفرصم من تلاقي الموسيقى أو العروض للأجساد مع الموضوعات الناهضة في كسب الحجاج داخل قاعة العرض.
ما يمكننا القول٬ أن الافهوم الجمالي المرتهن٬ هو نتاج بقراءاته من نشأة المعرفة الجمالية والثقافية للباليه٬ كموقع بقراءتها لعقلاقات الوعي للزمن٬ أسئلته٬ لعلاقات العالم وفقه اللغة على غرار تأويل التمثيل الواضح للجمال الوجودي٬ على غرار المعرفة الناهضة بالجمال الميتافيزيقي٬ وبإحالتها إلينا مآوى إلى وعينا٬ للتحليل والنهوض بهإلى الفهم الواقعي بالأنتظام٬ والإحداث في سبيل التقدم. والأخذ بملزماتها كفلاحات معيارية إلى حقول المعرفة بالبقاء داخل الوعي التاريخي الإنساني٬ لما لها من تفاضلية في هندسة التركيب للعبة المشابهات٬ والزحكام بنفسها٬ من حيث الجمال الذي يتدارك نفسه بنفسه أو كذلك عن طريق ما كانوا للأشياء تعمل في معيارية التشابه والمحاكاة. بمعنى أن الباليه والأفهوم الجمالي الراهن٬ فضاءه يجلى في شكل نشأتها لمحاكاة “الطرافة الميتافيزيقية” الوعي المحض للجمال الموضوع٬ والمتمثل في دورته الداخلية في لعبة الأختيار لدى عقولنا.
الأنتصار الحقيقي للباليه٬ بفضل الثقافة الجمالية المتعالية٬ هو سبر أغوار معايير التشابه بالمحاكاة٬ علاقات الفلاحات الواعية للتاريخ الجمالي الوجودي. تقرأ كل ما يتجلى سبر أغواره٬ هو ذاتها الذي يجعل من ينهض للباليه٬ يفضل التفكير من عالمها الممثل٬ حقيقته وقانونيته٬ بالبقاء مغامرا للحياة داخل حدود الجمال٬ حيث أصبحت الباليه٬ تمثيل مصير عالمها٬ تلتقي تؤدي دورها داخل مغامرة جمالها٬ خارج الموضوعات للصورة الباهتة في الحضور والتمثيل٬ عن أوجه صورة المصير الراهن.
شكرا خاص لفريق إدارة تحرير الموقع (بصرياثا) والقائم على رئاسة التحرير الاستاذ (عبدالكريم العامري) والشكر متصل إلي القراء الكرام. وإليهم ما نقد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 08.25.22
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)