لأنك الجنوبي
هبطت جنوبا
تراءى إليك مخروطاً
للعالم السفلي
أسرار
انسحاب .. ص 48
أمام مثل هكذا تواصيف لعل القارئ قد تفتر مخيلته إزاء ( التنادي اللغوي ) على مسرحات الخطاب الوصفي .. كذلك إزاء هذه ( الدهليزية ؟) المستخدمة في تغميد المدلول داخل مناطق دلالية نافية لكل معاني وسمات وظائفية الإيصال والإبلاغ الدلالي والعلاماتي المركز ، ويكشف لنا صوت
( سلام الناصر ) من خلال بعض قصائد الديوان ، مثل هذا النوع الأخر من حدود خرائطية ( تنادي اللغة ومنفي الدلالة ) :-
خلف جدار كنيسة العشار
توهجت شفتاك
أخفيت مياسمي
واعتذرنا للجدار
– كارين – صديقي
سيدلق شمعة في القداس .. 47
فهكذا شعر ربما لا يفسر بالسهولة المعتادة ، إذن هو منذ البدء يعلن تمرده على الجامد ، لذا ليس من المستغرب أن ترفضه الأذن التي اندرجت على التقاط السهل ذي الإيقاع المتكرر ، وفي هذه الحالة ستصاب الأذن ، وخاصة تلك المحملة بإرث الجرس النثري التقليدي بخيبة كبيرة ، مما سيدفعها إلى إصدار حكمها الفوري والقار، بانعدام الشعرية في نصوص سلام الناصر . وفي هذه الحالة عندما نعود كنقاد إلى ( إحكام النقد ) نجد ثمة مفتاح يدلنا على إن خرائطية شعرية ( سلام الناصر ) تندرج داخل طقسية ممارسات ( تنادي اللغة الشعرية ) أي بمعنى إن مفردات الصورة لدى هذا الشاعر ، تهفو لحالة خطابية مجردة وحدود الدليل ألمقصدي الواضح أو المباشر ، مما يجعل وظائفية والمرهون الدلالي يتخذ له توليدا أبهاميا في تصدير المعلن ألمدلولي ، وهذا الشئ بدوره واضح كما الحال في قصيدة ( دخول ) :-
تدخل حلقات النظير
بلا شبهات تدخل
تعيب على المجد
يرتطم بجدار للرماد
تمسكا عصباً
و تفر من ليل المدافن ..ص43
إن ما ينبغي التأكيد عليه في عوالم ديوان ( فتى برئ ) هو ذلك الفعل التراكيزي بين ماهية (تنادي اللغة ومنافي الدلالة ) وتتوقف هذه المرجعية وفق ما يتحدد به ( القول الشعري ) من علائق انعطافية وتميزات انزياحية تتضمن دلالات تصور المضاف من التجربة لتنتهي به هذه التجربة من تعليقات كمركز للفكرة التي تدور حولها ثيمات قصائد الديوان . وعلى هذا فإننا من الأهمية أن ندرك إن استخدامات ( سلام الناصر ) للذات الشاعرة تتركز ضمن حقيقة تجسيمات مهيمنة لفعل شعري ترتبط به الأحداث والمسميات بسلسلة كيفية الحالة الإنشائية لتشكل نسقا حركيا لتوكيد تصورات الأشياء وطابعيه ( الذات – الحالة – الاقتراحات – الدافع المحفز )
ومن جملة هذه العاملية في حدود المتصور ، تنطق تصنيفات ( التفاوض الخطابي ) وفق فئة منظومة ( الرغبات – الاعتقادات – المساهمة ) ولعل هذا ما قد ورد من خلال نموذج قصيدة ( تفاحة ) :-
ديمومة الكون ..
عبق امرأة
تحت ذراعيها
تلصف الشمس
فتهتز القباب
وتنطفئ الحروب ..ص26
ربما سلام الناصر بهذه المقاطع الأولى من القصيدة ، يحاول إشاعة ثمة تفاصيل ميتافيزيقية لتكتسب من خلالها محاور قصيدته عروضات قابلة إلى أن تتسع وتختزل ثيمات أوطان دلالية بعيدة لدرجة النفي والمنافي في تفاصيل عنونة باردة الخطاب واللغة .. من هنا لعلنا بحاجة من جديد لوقفة قرائية مطولة لعوالم ( سلام الناصر ) حتى يكون لنا بعد ذلك كل الامكان الموضوعي ، لصياغة أسئلتنا النقدية نحو حاضر ثقافي مستقبلي يتيح للقارئ محاولة جديدة لمناظرات أسئلة الذات وأسئلة القصيدة .