مع مرور اربع سنوات على رحيل الشاعر صلاح شلوان، تستذكر مجلة بصرياثا الثقافية الأدبية الشاعر الذي كان بعيدا الى حد ما عن الأضواء ويكتب بصمت، ويأتي هذا الاستذكار عرفانا منا وتقديرا لمنجزه الأدبي، وقد حاولنا جمع ما كتب عنه في الصحف والمجلات والمواقع الالكتروني الا اننا لم نفلح كثيرا بسبب توقف بعض تلك المواقع عن العمل. ننشر الملف ومقالات بعض الزملاء عن الراحل صلاح شلوان علّه يفي بالغرض.
شارك في الملف الزملاء الأدباء:
1- مقداد مسعود
2- أحمد السعد
3- علي نوير
4- نصير الشيخ
(المحرر)
—-
صلاح شلوان : نسيان الخيط

مقداد مسعود
شمعة في أربعينية الشاعر صلاح شلوان / ملتقى جيكور الثقافي/ الأول من آيار 2018
مالك يا ابن شلوان تروح وتجيء
هل أضعتَ طائركَ مثلي ؟
– لا..يا ابن مسعود انما أمرّنُ نفسي
على الرحيل
في مقهى منزوية، في زقاق، يقابل مطعم كويسنجق،/ سوق المطاعم في 1996 ألتقيتُك يا صلاح شلوان، عند أرتفاع الضحى، كانت ظلال أقفاص الأسر وهي تسع من السنوات محفورة في شيخوختيّ وجهك وصوتك، لكن طيبة الجنوب كانت تشع منك مما يجعلني أمكث مصغيا لكل مايتأرج منك منذ(تجاعيد الممحاة) الى(التلاشي) وهي ليست بالمسافة القصيرة فهي ممتدة من 1996 الى 2017

*تجاعيد الممحاة : 1996
*فوتوغراف البروق: 2006
*تحت شجرة الأكاسيا :2009
*بريد الأحجار المنزوعة : 2012
*أسطوانة الألم: 2014
*التلاشي / 2017
ها أنت تورثنا أشجارك بثمارها وفيئها ومصابيحها، فأنت أنت،وهنا أختلافك مع الوردة لأنها حين تموت(لاتكتب اسما فوق الارض) فهي تحسن العطر والإناقة ولله الحمد لاتحسن الكتابة، فالكتابة مصنّعة، والوردة كوكب في مجرة نباتية، وهي آية في الزهد( لاتطلب نعشا ثمن العطر) وأنت تكتب الوردة َ هل استعدت رحلتك المدرسية وأنت في الرابع الابتدائي وصوت المعلم بكرشه المتدلي، يتكلم قصيدة إيليا أبي ماضي في قوله( من ذا يكافىء وردة ً فواحة ؟)
يا ابن شلون ماعلاقتك ب(الغسق المطعون)؟
ولمَ تقترض سؤالا فلسفيا وتشعرنه وتصرخ في خطوتك الشعرية الأولى
(لمَ يتعكر صفو العالم) ومابين القوسين، يمكن تعليقه بمسمار فلسفي أقترضه لك من الفيلسوف هوسرل وهو دائما هوسرل..
. صلاح شلوان : أنت بسيط ٌ مثل سيكارة لف.ومعطّرّ برائحة تراب المطرة الأولى.
هادىء مثل عشبة، مخبوءة في الشرايين الظاهرة لنخلة سقياها شط العرب..
أسألك من(بريد الأحجار المنزوعة): هل هذه صورتك بالاستعارة التقطتها أنت لك، أعني أليس ذلك الفجر فيه الغزير الغزير منك يا ابن شلون؟
(حزيناً
أطل الفجرُ من كيس كنغر ميت ٍ
فحمله العرّابون
إلى عناق الغرف الخاوية
ليغمروه بالبهجة الكاذبة)
يا صلاح….
أكمل أستكانة شايك في مقهى سيد هاني، أكملها بنكهة سيكارة إسبين
ف(الشمس غربت
والريح ُ كنست العتبة)
ياصاحبي …
يالك من طائر غريب، كلّما دق رقاص الساعة فوقك أزداد قلقك تحتها، يالوحشتك أيها الطائرالهادىء ..ماالذي رأيت ؟ هل رأيتها في ساعة الزوال؟ رأيت َ الشعلة الموّلهة بالتلاشي؟ هل حياتك هذه ، هي حياتك أنت؟ أم حياة ذلك الطلاء الصقيل في ذلك الباب العتيق ؟
صلاح.. صلاح هكذا أهزك ليتساقط نومك من يقظتك : أين وصلت بأمنيتك حين كان لعاب الغابة يتبعك ؟ أما زلت تغني
(ليت قلعتي
هذا القفير!)
هل نأيت عنا ..لتصل وحدك بلا ظل الى تلك الشجرة النائية البيضاء، لتقطف منها عصفور أسود ولِدَ للتو عارٍ من الريش ؟ ألم تلتفت لترى مركبات الكراسي وحملة الكراسي، كيف تقذف بوحلها نحو عباءات الأمهات وهن يتسلقن أعمدة المدينة ليعانقن الصور، أحتجاجا على صورٍ تريد محوها؟
حقا يا ابن شلون، أنت تعرف ذلك وها أنا أسمعك تنزف .. دهرا لازمنا، كما تقول العرب، إذا عنت زمنا مطلقا *
ياصلاح : ليكن الناي حصانك الأشهب، يعبر بك السهوب ويتسلق الجبال والغيم والنجوم .ويقطف عصفوراً جريحا، ليخلصه من ذلك السلك المرتفع، فثمة قصبة مباحة تتلوى وتئن في الريح، بعدها تستحيل القصبة أفعوانا وحيدا يحتضر
وها أنا أسمعك ..أسمعك جيدا تهامسني في ذلك الضحى أنت وأستاذنا وصديقنا الشاعر كاظم اللايذ وأنا
(أتذكر ُ صنعت ُ طائرة ورقية ً بلون السماء
غير أني نسيت ُ أن أترك خيطاً
خشية ً من هذه الرياح المضمرة
القوية !)
*(العرب تقول،، دهراً ،، لا ،،زمنا،، إذا عنت ْ زمنا مطلقا!) / ص15/ فوزي كريم/ في روايته البكر(من يخاف مدينة النحاس؟)/ دار المتوسط/ ميلانو – إيطاليا/ 2018
—-
رحلة الفقر والموت – قراءة في شعر صلاح شلوان

أحمد السعد
حين يختصم الشاعر مع موجودات عالمه ومع ظروف حياته القاسية فيحتكم للشعر فيجيبه الشعر فيطلق زفرات المه ووجعه ويبث لواعج روحه المثقلة بهموم الحياة على الورق ويطلق عصافير احلامه لتحلق في فضاءت الحلم والرغبات والأمنيات بأن يكسر كل ما يكسر روحه وأرادته من قوانين ونواميس . القلم وحده من يستجيب والشعر وحده من يقف مع الشاعر في مواجهة عسف الزمان والعالم والمجتمع والآنظمه فيعلو صوته بالشعر بعد ان خنقته الحياة والظروف .
“قال لي عبد الله وكان مجنونا
مالك ياابن شلوان تروح وتجيء
وعيناك في الأفق
هل اضعت طائرك مثلي ؟
قلت لاياعبد الله
انما امرن نفسي على الرحيل
وما انا متجاوز هذه النخله “
الأنشداد الى المكان – الى النخلة – الى الأرض سواء اكان هذا الأنشداد اراديا ام قسريا ، لم يضع الشاعر طائره كما فعل المجنون لكنه اراد ان يفرد جناحيه فلم يتمكن وظل ملتصقا بمكانه وكأنه مسمر به او انه اعد ليكون قبره الأبدي . كان حلم الشاعر بالسفر والتجوال كبيرا وكان يتمنى لوغادره شبح الموت الذي كان يشعر به يلاحقه منذ زمان فقد كان قلبه متعبا وكانت مراجعاته لأطباء القلب تنبئ بشيء سيحدث ، لكن كيف السبيل ؟
* تخطي الثيمات التقليدية وعبور ماهو مطروق الى ماهو نادر ولايثير الأنتباه ميزة تميز بها صلاح شلوان : فهو منقب مدهش عن ظواهر يومية قد نمر بها ولا نلحظها لكنه ببوصلته اهتدى اليها وسلط عليها ضوءه فأمتلكت الأشياء العادية صفات اخرى اكثر حيوية مما يترآى لنا ، هو شاعر معني بوجوده وبوعيه وبوحشية الظروف وقسوة العالم من حوله ، هو (ديوجين ) يحمل مصباحه في عز الظهيرة ليبحث عن انسان ! في معترك التناقضات : السكون والضجيج ، النظارة والقفر ، الفقر والغنى ، الجمال والقبح ، الأمل والياس ينفرد صلاح ليحاور موجودات عالمه الصغير البسيط ليستنطقها علها تكشف له سر هذا الحزن الذي يغلف العالم من حوله وسر هذه السوداوية التي تلقي بظلالها القاتمة على حياته وعن سر ذلك الشعور بالهبوط ، بالنزول الى العالم السفلي ، عالم الموت والنسيان والفناء . فالشاعر (يمرن) نفسه على الرحيل وهذا الرحيل له مدلولات كثيره اولها الموت وهو الخيار الوحيد المتاح !وسط عالم فقدت اشياؤه بهاءها ورونفها ويريقها وغدا عالما رماديا مضجرا كئيبا
” في الوقت الذي اقفز في الهواء
وأنت تمسكين لي الأرض ،
في اللحظة ارثي لحالي
خوفا ان تجري الرياح بعيدا ،
ولن نطأ عمر الزمان معا “
وبالطبع لن يطال عمر الزمان انسان لكن صلاح يشير الى ان يبلغ في حياته منتهاها ليحقق لها ومنها شيئا ولكنه الخوف ما كان يسكنه : الخوف من المجهول ومن الموت تحديدا :
” أقدر محنتك ايتها الحفرة !
لن احنق بعد
الرحلة شائكة
فخذي بهذا الخيط الغزير “
في المقدمة التي كتبها الناقد المعروف الدكتور حاتم الصكر لـ(كتاب الجنوب ) الصادر عن دار شهريار 2017 وتضمن مختارات لشعرية لشعراء من البصرة وضم قصائد قصيره لصلاح شلوان . يقول الصكر ان قصائد صلاح تشوبها ” ثمة سكونية ونمو بطيء وشحة في انفتاح الدلاله . ليس المقصود هنا المطالبه بالأنكشاف والمباشره ، ولكن في تقريب الصور والأيحاءات من موضوع النص أو بؤرته المولدة التي ما ان نمسك خيطا يدلنا عليها الا وتقطعه أستدارة مفاجئة ” وربما يصدق ذلك على القصائد التي ضمها الكتاب ولكن القارئ لمجموعات صلاح شلوان الأخرى يجد ان الدلالات منفتحه امام القارئ خذ مثلا هذه النصوص :
1).
اكتئابٌ خفي
ينتهكهُ بين الحين
والحين
جزءٌ من لوحةٍ قديمة
2).
أغطسُ
للقاعِ
ثمّ اطفو فوق وحشتي
عارياً متر دّ ماً
كسمكةٍ من خشب.
3).
يكبرُ الفراغ
ثم يرحلُ في قنّينةٍ صغيرةٍ
مُخلّفا وراءَهُ
دخانا كثيفا
4).
اُكابرُفي المدى
وخطوتي بطيئة ٌ
يتربّصها النمل
وحملي لايسدُّ رمقً هذا الليل
5).
هل ثمّة انا؟
اين نحنُ؟
واين يمضي النملُ بعد هذا؟
المْ يصب السماء ضجر؟
6).
رَغائبُ الريح عسلٌ ملبّد
يُعزّي زجاجَ اللوحِ بازهارٍ ذبيحة
ويتشمّمُ بابَ الخصب
من خلف سرب ٍتوارى
فأنت تستطيع ان تتلمس طريقك عبر هذه القصائد لو انك عرفت كيف عاش صلاح شلوان وكيف تكونت تجربته الشعرية وكيف انضجته ظروف حياته وأنضجت رؤيته للعالم
* صلاح شلوان شاعر فطري.. لم يقرأ الشعر والأدب ولم يدرس النحو والصرف والبلاغة ولم يلم بفنون البديع ولم يكن لديه تحصيل دراسي يذكر لكنه تعلم بنفسه كيف يعبر عن مايجول في خاطره دون معلم ، لقد علمت الظروف القاسية صلاحا ان يكتب الشعر وكان عمق المعاناة والفقر والمرض رفيقا حياته منذ الصغر ، عرف اليتم والفقر وذاق مرارة الحرمان حتى مماته ، عانى سنوات الأسر التي ناهزت الثمان أبان الحرب مع ايران والتي عاد منه شيخا محني الظهر بقلب عليل ليواجه عالما اكثر قسوة ومرارة من الأسر : كيف يعيل عائلته المنتظرة عودته وهو الذي لم يكن يتحصل الا على راتب يسير ولم يكن بمقدوره ان يستمر في العمل فأحيل على التقاعد وظل يتنقل من مهنة الى اخرى وكان آخرها كاتب عرائض امام احدى الدوائر الحكومية ثم مالبث ان تركها بعد ان اشتد عليه المرض وكان عليه ان يخضع لعملية جراحية دقيقة في شرايين القلب ولم يكن يمتلك المال ولم يمهله قلبه العليل ان يتدبر شيئا ففاجأه الموت فقيرا معوزا متعبا حزينا . هكذا عاش صلاح شلوان لذلك لن نتمكن ان نفهم شعره اذا فصلناه عن نصوصه ،فتشعر احيانا وأنت تقرأ شعر صلاح شلوان بالحيرة وتتقافز امامك علامات استفهام وتعجب وتقترب من نصوصه اكثر لتشعر بأنك ابتعدت ثم تعيد الكرة لتستأنف المحاولة ولكنك حين تضع الشاعر داخل نصه ستقترب اكثر فأكثر من روح قصائده وجوهرها وتلمس بيديك جزيئات عالمه الشعري وتدرك تفاصيل ودقائق صوره الشعريه . في شعر صلاح شلوان لاتجد حزنا عارما أو اسىً دافقا او بكاءا مرا بل ستجد فضاءات مفتوحة وتساؤلات مريره فتنبلج من ظلمة الغموض المتصور فسحة ضوء ينير ويضيء مساحات القصيدة وينفتح امامك متسع من الضوء ينداح على كل ركن وزاوية فيضيء المعنى ويلون الفكرة و (يموسق) مكونات الصورة حتى تتكامل في وعيك فلكي تفهم شعر صلاح لابد ان تضعه داخل الصورة التي يرسمها امامك والتي تبدو للوهلة الآولى مغلقة لانهايات واضحة لها ، فنفس الشاعر موجود في كل التفاصيل ، سترى العالم كما رآه هو وترصد حركة الأشياء والكائنات كما رصدتها عينه وتتفاعل مع المخلوقات والجمادات والموجودات كما تفاعل هو معها وكما رآها وصورها فتكتشف ان قصائده كانت لمحات شعورية سريعه سجلها سريعا لأنه كان يدرك ان زمنه قصير وبأن الموت آت سريعا والحفرة التي تنتظره بعد رحلة شائكه مازالت فاغرة فاها لتستقبله بترحاب . تساؤلات صلاح شلوا ن التي قد تبدو للبعض ساذجة وسطحية هي تساؤلات رجل بسيط ، متوسط الثقافة ، بتعليم متواضع ، رجل غير متكلف ، لايزوق الكلام ولاينمق العبارات ، يبصر الأشياء والمخلوقات حوله تدور وتتحرك ويترك لها حرية العبث والصخب فترحل عميقا في وجدانه وروحه فيسجل ما اختلج في نفسه من مشاعر وأقتنص اللحظة العابرة ليدونها سريعا قبل ان تختفي .
قد يصنع النبوغ شاعرا فذا وقد يصنع الكد والبحث والدراسة والمران شاعرا فحلا ولكن ان يصنع الفقر واليتم والالم والمعاناة شاعرا ملهما ورقيقا وشفيفا مثل صلاح شلوان هذه هي القضية التي نحن بصددها. فصلاح شلوان رجل بلا تحصيل علمي وأكاديمي عال ، علم نفسه بنفسه ، هو شاعر بالفطرة ، تحول فيه الشعور الى شعر وتجسد الألم والمرارة والأسر والفقر والمعاناة واليتم الى موهبة ،فصنعته فطرته وصيرته معناته شاعرا رقيق العبارة عميق الرؤية تسيل كلماته على الورق كما تسيل الدموع ، انه ينزف شعرا مثلما نزف دما والما وعذابا وأنتظارا وحزنا وأنينا لكنه لم يبك بصخب ولم يثر الغبار والضجيج ، بكى بصمت وسالت دموعه مدادا وشعرا واحاسيسا ومشاعرا . اذن نحن بصدد شاعر صنع نفسه بنفسه وتمرس في الكتابة معتمدا على ما يطلع عليه من نتاجات الشعراء الآخرين وأسرته موجات الحداثة ومال الى تكثيف الصورة الشعرية وأعتماد القصيدة القصيره ذات الثيمة البسيطة المستقاة من المشاهدات اليومية والمعايشات الحياتية لما حوله . فعندما يكون الشاعر وسط وجود كثيف للأشياء والمخلوقات والكائنات والظواهر والقضايا اليومية وتتحرك امامه بتلقائيتها المعهودة ، يشعر بها وهي تتحرك وتتجول متوغلة الى عالمه مخترقة سكونه ، يتصدى لها بشعوره العالي وأحساسه بها فيستنطقها فتتكشف امامه مكنوناتها وبواطنها وصيرورتها فيقتنص اللحظة ليشكل من هارمونية وجودها وحركتها وتفاعلها مع مونولوجه الداخلي فيخرج لنا بصورة شعرية مليئة بالتفاعل العميق بين كل تلك الأشياء والموجودات وهي اثاث عالمه الخاص المتناغم والمتناقض ، المنسجم والغريب ، العادي والخارق ، الواقعي والمتصور فيلقي عليها الضوء ويكثف وجودها وحركتها .
——–
إضاءة لحياة والتجربة الشعرية للراحل (صلاح شلوان )

علي نوير
في نصوصه الوجيزة التي تضمنتها مجموعاته الشعرية الست نتعرّف على شاعر مجبولٍ على العزلة والإبتعاد عن الأضواء والثرثرة والإدّعاءات ، وعلى امتداد أكثر من ستين عاماً هي كل ما كان له على هذه الأرض ، أمضى منها سنواتٍ تسع في أقفاص الأسر بإيران ،
وما بقيَ منها لم يكن بحال أفضل ، كان يغالب فيها فقره وأمراضه المستعصية وأيامه الرتيبة بالكتابة .
كثيراً ما كنت ألتقيه مع نخبة من أدباء المدينة وشعرائها في (مكتبة القبّة ) لصاحبها الشاعر الصديق كاظم اللايذ ، ولم أره يوماً قد اشتكى من وضعٍ خاص أو مشكلة شخصية ، إلّا أنه كان برماً من الوضع العام ، وهذا البرم الذي يصل أحياناً في كتاباتنا الى درجة الاحتجاج هو مشتركنا جميعاً .
ومثلما كان ، في الواقع ، شحيحاً في التعبير عن همومه الخاصة كان في شِعره كذلك ، إلّا أنّه استطاع أن يُحيل أوجاع الجسد وحمولته الهائلة من الآلام الروحية الى خلاصات شِعرية ستبقى مُضيئة الى زمنٍ غير منظور .
هذا الشاعر الذي ولد في العمارة عام ١٩٥٥ وعاش جلّ حياته في البصرة قد أهملته نقود النقاد وقواميس الشعراء وانطولوجياتهم كما أهملت العديد من شعراء وأدباء المدينة والبلاد .
غادرنا في ٢٠١٨ .
لروحه السلام .. ولحرفه الخلود .
له :
تجاعيد الممحاة ١٩٩٦
فوتوغراف البروق ٢٠٠٦
تحت شجرة الأكاسيا ٢٠٠٩
بريد الأحجار المنزوعة ٢٠١٢
أسطوانة الألم ٢٠١٤
التلاشي ٢٠١٧
هذه مختارات من مجاميعه الأربع الأخيرة :
من مجموعته ( تحت شجرة الأكاسيا ) ٢٠٠٩ :
( 1 )
تحت شجرة الأكاسيا
بعد أن إستنزفت قواه
قالت الريح : لم أعدك بشيء
أنا أيضاً أبحث عن مصيري .
( 2 )
لو يُختصَرُ الحائطُ الآخر
لو تصدح الأغاني الأولى
من بركة الألم
لو قلّ ما ندرك بهدوء
لو مثل ومضةٍ
ونختفي .
( 3 )
نفير الثلج
دشّنَ سقفيَ المُنعزل
وثمّة مَن يبكي
ولم أره ُ
تحياتي أيّها المجهول .
( 4 )
لا تحسب كلّ ما تراه يا ولدي
فالصفر أبو الأشياء !
وأجمل ما في اللوحةِ
الإستدارة الخفيّة
التفّاحة المقضومة .
( 5 )
لزهرة الأصيص حزنُ المافي
ولوعة ٌ لا يبلغها شجر !
من قال أنّها لن تبكي
ولن تذرف دمعاً على نهر
: كلّما اعترتها الريح في الطرقات
أو تدلّى غصنها
للأرض ؟
( 5 )
هَب أنّه نسيَ الأصيص
وأريقَ ماءُ القِربة
فما الذي يجعله لا يتذكّر
هدهدَ سليمان
الجنرال المتواطئ ؟
( 6 )
ما الذي أمسك ُ به ؟
وما الذي أبقيه ؟
وما الذي بقيَ ؟
أيها الطين
أنا العاصفة .
( 7 )
موزارت طهّر سمعيَ الليلة
واطرد عن دربي هذه الأشباح
أجل أنا نظيفة أيّها المُبجّل
فأشر إليّ أن ادخل حجرتك المُضيئة
حتى أنام على سُلّم قلبك الأمين .
( 8 )
عندما تنطفئ الشموس في مرابعكم
ويتلقّفكم الظلام بغتة ً
سيأتي من يحمل زيتَ الحوت
ويدهن رأس الجبل
لتكونوا أكثر وضوحاً أزاء الفتنة
حينئذٍ أيّ وادٍ تسلكون ؟
( 9 )
قال لي عبدالله المجنون وكان بحّاراً
: مالك يا ابن شلوان تروح وتجيء
وعيناك في الأفق
هل أضعتَ طائركَ مثلي ؟
قلت : يا عبدالله إنّما أمرّن نفسي
على الرحيل
وما أنا متجاوز ٌ تلك النخلة !
( 10 )
يُخيّل لي أنّي كنت في حلم
ويقظتي هذه
عثرة ٌ
من على سريرٍ كبير !
( 11 )
سنختفي في ظِلال الزمن المُريع
حتى ينعق الغراب نعقتَهُ الأخيرة
وحده –
فوق الجيفةِ الهائلة .
ومن مجموعته ( بريد الأحجار المنزوعة ) ٢٠١٢ :
( 12 )
ساعة ٌ جلديّة ٌ في أقصى القرى
كلّ رأس سنةٍ
تشحذ خطاها
تحت مطرقة سندانٍ عجوز .
( 13 )
صراخ طفلةٍ
في عاصفةٍ ضاجّة
تحاول رسمَ الجسر
الذي عبرت منه الفراشات
بصمت .
( 14 )
في مقبرة الحيّ
قالت الطفلة لأمّها
وهم يُهيلون التراب :
ربما النمل سيرفق بهِ !
( 15 )
قطعة ٌ ثلجية ٌ
طافية ٌ في نهر
وكائن ٌ صغير ٌ يهمّ فوقها
بمحاذاة الشمس .
( 16 )
الموسيقى المسكونة بالعذابات
كالعدم
والنحيب في الهضاب !
الى أين أيّتها القطارات ؟
( 17 )
كيس ٌ من المطّاط
طائر ٌ في الهواء
أحدثَ العويل
في داخل قطار الأسرى .
( 18 )
حين انهالوا عليه
في ذلك الصباح القارص
كانت هي الأخرى وحيدة وعارية
ترقبه من خلال نافذةٍ صغيرة
رسمها على جدار زنزانته .
( 19 )
صوت الناي يعبر
من حقلٍ الى حقل
يُسكِت ُ صريرَ فزّاعةٍ حديدية
توشك أن توشي بالعصافير .
( 20 )
الريش المنفوش
ببراعةٍ – على الدرب –
في اليوم الثاني ضلّلَ ابنَ آوى
ونحن في طريقنا الى القنّ .
( 21 )
لا نعرف مَن أكثرَ خوفاً
في تلك الظهيرة
عندما كنّا ننظر الى الأفعى من الخربة :
أهيَ أم نحن ؟
( 22 )
عصفور ٌ جريح
على سلكٍ مُرتفع
يراقب شمس الغروب
بحَيرة .
( 23 )
مررنا بالشجرة
التي كان الجنود يتقاذفون تحتها
كراتِ الثلج
فلم نجد غير الأسماء المحفورة
على الصخور .
( 24 )
سنجاب ٌ على شجرةٍ فارعة
يغوي صيّاداً هرماً
تتقاطر من حقيبته
صرخات الساعات المنسيّة .
ومن مجموعته ( إسطوانة الألم ) ٢٠١٤ :
( 25 )
من نَصل الشرّ ينبعث الخير
لا مِنّة هناك !
بل توازن في النوايا
للتمويه عن إفلاس الحقيقة .
( 26 )
شِقّي طريقكِ نحوي أيّتها الموسيقى
فقد يبدو الكون سادراً برمّتهِ الليلة
بيد أننا ندرك مواقعَ الجمال فيه
ونحن الذين نجعله مقبولاً
بل مُقدّساً أحياناً
على الرغم من هذا اللغط الكبير .
( 27 )
يُقال : التأويل مضمار اللانهاية !
ونحن منذ البدء نعاني من شبهةٍ لازمة
فمن هذا المُدّعي الذي لا يلتفت ؟
( 28 )
صمغ ُ الأشجار
لا يوهن زحفَ الخريف
الموسيقى الجنائزية تتصاعد
في ذهول الظِلال .
( 29 )
أيائل حجريّة
لصيّاد ماهر
إكتشفتها ريح ٌ
طاردة !
( 30 )
صفائح في الريح
أحدثت دويّاً في السماء
وساقت غيمة ً كبيرة ً
وراء مرصدٍ قديم .
( 31 )
أعشاب ٌ مُترَعة ٌ
خلف ثكنةٍ للعساكر القديمة
لن يحجّ إليها الرعاة
بعد .
( 32 )
سأغنّي للقرب المُمزّقة
التي تعبّ فيها الريح
وهي تبكي لأحجار واديها
البعيدة .
( 33 )
سأغنّي للجثث العنيدة !
التي لم تطلب الشفقة .
( 34 )
بعض الندى المجلوب
من الغابة القديمة
كيف أوصلته النذور
الى هنا .
( 35 )
الأشجار الراسخة
وحدها تصرخ في وجه الليل والريح :
لن نرحل عن هذه الأرض !
( 36 )
أريد أن تراني السماء
على طبيعتي !
غير ساخطٍ
لما حلّ في حقولي من دمار .
( 37 )
سننظر وراءنا
من خلف الحشود غداً
للحظة اليتيمة !
من بين كلّ هذه الأطلال .
وأخيراً من مجموعته ( التلاشي ) ٢٠١٧ :
( 38 )
هذه الشعلة المولّهة بالتلاشي
ربما تنتمي لشيءٍ
أبعدَ منها !
( 39 )
حتى إطراؤكَ يُخيفني
أيّتها الحياة الواهمة !
أنا عثرة ٌ مروّعة ٌ
الأعظم
لو لم تكن .
( 40 )
الدهشة ُ
أن تستيقظَ
ولم تجد مَن يُجهِز عليك !
يا لنزعك الطويل .
( 41 )
أيّتها البذرة
ما أن تشدّين الرحال إليّ
ستجدين ظِلالي المُمزّقة
على الطريق .
( 42 )
نقش ٌ قديم
كلّما جليته ُ
كلما ابتعد عنك
مَنِ العلّة ُ ؟
مَنِ المعلول ؟
( 43 )
كلّ الوقائع
تُستقرَأ بالدليل
إلّا أنت
أيّها العدم .
( 44 )
وحل العجلات البعيدة
ظلّ مُلاصقاً
لحقيبة الأمّ
المفجوعة .
( 45 )
نفسي تائهة ٌ في مركبةٍ تائهة
بالكاد –
تستعيد جزءاً من أطوارها المنسية
أطوارها التي لم تعشها
الى الآن !
( 46 )
إفتراض العزلة
في الخطوة المفتوحة
شغف ٌ يتصاعد
طالما حملته في التخوم .
( 47 )
لم تعد مُريعاً أيّها المِسخ
فمازال لديّ القليل من الاحتياط
هكذا أريدك بلا ترميم !
فأنا الجدير بالبحث عن صانعك .
( 48 )
إذا كنت موعوداً كما تدّعي
أيّها المُفتري –
فأنا أفضل منك
لن تأخذ بيدي الملائكة !
لتدلّني عليه .
( 49 )
الرأس فوق السهل
والفاتح السيّاف
يطلب منها المزيد على السرير
أيّة سبيّةٍ أحِلّت من السماء الليلة ؟
( 50 )
تعالوا نبايع هذا المخلوق المسالم
لنهتف في إسطبلات الحمير :
أيّها النقيّ .. أيّها العظيم
ليس من الضروري أن تكون إنساناً .
( 51 )
لقد عفوت عن جلّادي
وكنت أكثر حياء ً منه
حين ظفرت به !!
فمن يعفو عنّي ؟
( 52 )
أنا مثل هذا الروبوت
بيد أنّي أحسّ بالبهجة والألم
وأعرف متى أبكي من الخذلان والعار
أكثر من أيّ حاسوبٍ متطور .
————
تحت شجرة الأكاسيا….انتظارالشاعر وتوقعات الفعل الشعري

نصير الشيخ/ شاعروناقد عراقي
يقول ستيفن سبندر(يعتمد اكتشاف الصفات الشعرية في هذه الأشياء إلى حد كبير على الطريقة التي ينظربها المرء إليها).
تأخذ نصوص(صلاح شلوان)شكل التوقيعات الشعرية،تتطامن على بؤر فكرية،سلهم الوعي الشعري لدى الشاعر على ترصين قاعدتها،وبهذا فهو يستكمل المنطوق اللساني الذي تنشده الشعرية..
ففي مجموعته الشعرية(تحت شجرة الأكاسيا)والذي يحيلنا عنوانها ومنذ البدء إلى ثمة انتظار دائم،يشي به فعل الجلوس الذي تقصده الشاعر،وهو بهذا يأخذ شكل التأمل،والذي بدوره يستجيب لتصورات الذات الشاعرة متحولا إلى نص شعري طويل،فهولا ترقيم مقطعي لنصوصه،وليس من عنوانات فرعية تشكل عتبة للقارئ،انه اكتفى بمنحناْ {مقطعية الفكرة}..فكأن هذا التأمل تحت شجرة الأكاسيا وبكل محمولاتها الدلالية/تاريخيا وانثروبولوجيا…يكتب متنه بهيئة نص شعري يبتدأ من الصفحة(7)(غبار…غيوم /الشتات مستمر…وحتى آخر مقطع مشكلا نهاية المجموعة صفحة 74).
أنه يؤثث مشهده الحياتي،بسينوغرافيا الشعر،متمركزا تحت بؤرة المشهد كله.وما عبارة{أية غربة هذهْ}إلا كشف جواني لما هو آت من حيوات الشاعر وترجمتها شعرا،والذي يقود إلى انثيالات مدمجة بفكرتها الأساس/غربة الشاعر والتي هي جزء أساس من غربة أعمق واشمل للمحيط الإنساني برمته.
مشهد بانورامي لذاكرة تستفيق على زمنها لتبدأ سردها الموّقعْ.فالذات الشاعرة لايمكن لها عبورثيمة الحرب وتجاوزها،وذلك لمقدار ترسبها فيها،كون الحرب وكما نعلم(فعل جحيمي)يأخذ تجسداته بصور شتى،من هنا ينبثق البعد الإنساني ويستجلي تمظهراته عبر مواجهة الشاعر لهذه التجسدات/ذاتا وروحا وجسدا..وضمن المناخ المأساوي وصولا لمفاصل دقيقة من تاريخها القريب(أي الحرب)مشكلةأمتهانا واضحا لآدمية الشاعر وهو الواقع تحت ضغوطها،بل إن الحياة العراقية آنذاك واقعة تحت ضغوطاتها..
(في طريق مكفهر/ظل الجنود يتقدون ليالي
على الجسر/مثل أكياس حطب عتيقة في العراء
ولا طائر أخضر يدنو منهم/ولا حبة من بعيــــد
تذرْ.) ص9
*في صورة تستجمع هذا الهم الإنساني وتعيد طرح سؤالها الأزلي عن سرا لعذاب المتكرر المتوالد في صحراء إنسانيتنا..يقرأ الشاعر سفر الخليقة وهو يحمل صلبان عذابه..
(في المرايا المحطمة/غالبا ماأسأل أشباح الخيام
البعيدة/عن الألم اللأمسؤول العابث في صحراء
جسدي/إلى أين أيها البدوي الغليظ)
ص29
تأخذ اشتغالات الشاعر صلاح شلوان التي أنتجت(تحت شجرة الأكاسيا)شكل توقيعات أراد منها الشاعر توصيف ماحوله،بلغة حملت جدة أفكارها وهي تستجلي عوالم الشعر،وما الطبيعة وعناصرها إلا مفردات من هذه العوالم،وهي تتبادل الأدوار وكأنها حوارية ترسم جمالها الممزوج بمسحة حزن،مما حدا بالشاعرالى أصباغ صفة(أنسنة)على هذه المفردات،وذلك للتوافق الروحي المنبثق من رؤية الشاعر وقراءاته لمكامن الجمال والتحولات الفيزيائية متجسدا بعناصر الطبيعة،والتي هي إفراز وجودي يستحق التأمل…
(تحت شجرة الأكاسيا/بعد أن استنزفت قواه/
قالت الريح:لم أعدك بشئ/أنا أيضا ابحث عن
مصيري).
ص11
وكأن بالشاعر في قراءة مغايرة للأشياء وعناصر الطبيعة،قراءة تتجاوز الوصف إلى ماهو أعمق وبما يحقق معادلات جديدة في توجهات الرؤية الشعرية التي تنسكب ككتابة متأملة على مستوى النص،وكتشكل شعري يجتهد في أثارة الأسئلة على مستوى المعمار الفني كنتاج شعري،وبأنزياحات تخلق معادلاتها الشعرية،والتي لاتخلومن متعة القول عبر صوغ فني تتداخل فيه(عمق الفكرة المعبر عنها بصورة شعرية،مع جدة التراكيب اللغوية).
(كزهرة الأصيص حزن المنافي/ولوعة الشجرْ!
من قال أنها لاتبكي/ولن تذرف دمعا على نهرْ
كلما اعترتها الريح في الطرقات/أو تدلى غصنها
في الأرض).
ص21
لكن الشاعر يستشرف أقداره وهوالأقدرعلى صناعة الممكن،لذا ظلت لغة الشعرمائجة،عصية على تفسير،
لأن ذلك يقتل روح الشعر،فآنصهار الوجودي بالرؤيوي
هو مزيج الآلهة للشعراء..ذلك أنهم يعيدون صنع أسئلة الوجود الأزلية…
(سنختفي في ظلال الزمن المريع/
حتى ينعق الغراب نعقته الأخيرة/
– وحده – فوق الجيفة الهائلة.
——-
**تحت شجرة الأكاسيا/صلاح شلوان/شعر
دار الينابيع للنشر- دمشق-2009
—-
مختارات من قصائد الراحل صلاح شلوان

انتهى الصراخُ
والطواويسُ رحلتْ في حدادها
ولا احد في السهلِ ينتظر
آه كم وحيدٌ انا الان
2
حزيناً
أطلّ الفجرُ من كيسِ كنغرٍ ميّتٍ
فحملهُ العرّابون
الى عناق الغرفِ الخاويّة
ليغمروهُ بالبهجةِ الكاذبة
3
اكتئابٌ خفي
ينتهكهُ بين الحين
والحين
جزءٌ من لوحةٍ قديمة
4
من نضبِ البحر
لن يرابَ الجرحُ العميق
في اسفنج الذاكرة!
نصف آلامي
اشياء لا اتذكرها
5
رَغائبُ الريح عسلٌ ملبّد
يُعزّي زجاجَ اللوحِ بازهارٍ ذبيحة
ويتشمّمُ بابَ الخصب
من خلف سرب ٍتوارى
6
اُراقبُ البحر الجليدي
في تفصّدِه
وحين لمْ اجدْها
اديرُ ظهري واجهشُ
في البكاء.
7
أغطسُ
للقاعِ
ثمّ اطفو فوق وحشتي
عارياً متر دّ ماً
كسمكةٍ من خشب
8
صمتٌ مؤطٌّر
خلف مستودعٍ رهيب
وشجرةٌ كبيرةٌ تُطقطق!
قبال مدخنةٍ عامرة
9
يكبرُ الفراغ
ثم يرحلُ في قنّينةٍ صغيرةٍ
مُخلّفا وراءَهُ
دخانا كثيفا
10
اُكابرُفي المدى
وخطوتي بطيئة ٌ
يتربّصها النمل
وحملي لايسدُّ رمقً هذا الليل
11
هل ثمّة انا؟
اين نحنُ؟
واين يمضي النملُ بعد هذا؟
المْ يصب السماء ضجر؟