( في عام الشؤم،عام 1963 ،العام الذي سالت فيه دماء الشيوعيين والديمقراطيين اليساريين في العراق أنهارا، بعد انقلاب 8 شباط البعثي الفاشي، توقف مداد قلم ” أبو سعيد ” عن الجريان، مع توقف نبضات قلبه العامر بحب الشعب،
بحب الحرية، الموقن أن فجر الغد الأفضل آتٍ ، آت رغم أنف كل الطغاة و البغاة، ومهما إدلهمت العقبات وإشتدت.
عندما غيَّب البعثيون الفاشست جسده لم يكن عمره قد بلغ الرابعة والأربعين فقد كان مولده في بصرة الجاحظ عام 1920.
وبمناسبة عام ميلاده التسعين نشرت طريق الشعب خاطرة قصيرة عنه في كانون الثاني هذا العام ، وإحتفت المدى في شباط بهذه الذكرى ، وتعد الثقافة الجديدة ملفا عنه. وهذه واحدة من يوميات أبي سعيد في ” إتحاد الشعب ” ، عام 1960. حمدان يوسف )
إلتقيت في البصرة بتاجر “وسط ” كان حديثه يدور، شأن الكثير من الناس… في الشكوى من إرتفاع الاسعار…. الدهن…اللحم….، صابون أبو الهيل…. السمك …. الصبور…. و البصل بشكل خاص.
شوف إبني … كل أنواع المرق … الباذنجان، الفاصوليا، السبيناغ ، الطماطة… ما عدى مرق ” الشجر ” تحتاج الى البصل… وكذلك الدجاج المحشي….و السمك المحشي….وأنواع الكبة و الدولمة.. تحتاج اليه….و سعر الأُوقية …. يعني
حقتين ونصف إسطنبول ، من البصل بـ 600 فلس …. بينما السكر الانكليزي… يصنع في بريطانيا العظمى، ويدفع عليه
” نول ” الشحن، وأجور حمالية،,,, و ” خانجية” … و “دلالية ” ، وكمرك، وأرباح تاجر جملة ومفرد ، ثم تشتريه بنصف
سعر البصل ، شفت إبني.. هذي أينَ… ومتى صارت؟
قلت : إذا لم يبق شئ… غير البصل… تفكر فيه من ” أشياء ” في البصرة … رغم لذة البصل مع الدجاج المحشي….
و لذة البصل مع الخبز الناشف… في طعام بعض الناس .. فإني لا أرى رأيك في ….التشاؤم من سعر البصل… إن
ضجة البصل… تشبه ” رائحة ” البصل، فهي أكبر و أضخم من حقيقتها… البصلة صغيرة و رائحتها تملأ البيت….
و” ضجتها ” تملأ المدينة… و آكل البصلة ” يفضح نفسه إذا نطق… أليس كذلك؟
و في إعتقادي …أيها العم …أن فقدان الـبصل من الأسواق مسألة بسيطة…فيكفي جلب 100 طن الى البصرة… أي عشرة ” شاحنات ” قطار …. وبعدها عشرة… فيعود سعر البصل الى وضعه… فالمسألة بسيطة … و لا ينبغي تكبيرها… و لاينبغي الإصغاء للشائعات التي يروجها أعداء الجمهورية خصوصا – منهم – جواسيس العهد المباد .
قال … شوف إبني… نحن… أنا وأولادي لا نتعاطى السياسة … و ليست لنا مداخلات… و الحمد لله … و شكره حتى
مراجعة المحاكم… ولهذا السبب … لا نبيع بالكمبيالة و لا أعطي دينا بفلس… أحمر.. بل أبيع نقدي، أنا أضع نقودي في
الجيب.. و أنام مرتاح البال، ولكن ما تفضلت به من وجود الجواسيس وأهل الطمع والرشوة و آكلي المال الحرام ….
هو صحيح… وهو سبب المشاكل.
أحكي لك ” سالفة ” في المعنى الذي في فكري ، يقال .. أن ولدا يتيما ..كان يسمع الناس ، من كل صوب .. يشتمون أباه. وهو لا يدري سببا لغضب الناس على أبيه .. ” المرحوم ” …. وكان يسأل أمه عن السبب ، فلا يلقى عندها الجواب حتى زهق …. و ضاق ذرعا بالحياة وبالناس فراح يهدد أمه و يضيق عليها الخناق…. لتكشف له السر… حتى أخبرته …بأن الوالد ” المرحوم ” كان ينبش القبور، ويسرق أكفان الموتى، فاحتقره الناس جميعا و كرهوه، وشتموه و لعنوه ، حياً و ميتاً.
وراح الولد، إبن الملعون، يفكر كيف ” يحسن ” سمعة أبيه … ويخلص روحه من اللعنة… فذهب الى المقبرة، وصار “ينبش ” القبور …. و يسرق أكفان الموتى – كما فعل أبوه من قبل – و يزيد على ذلك بأن يمثل بأصحابها …. حتى
اشتهرت فعلته.. وصار الناس يترحمون على أبيه … فقد كان أبوه … يسرق الكفن، رحمه الله ، و لا يمثل في الجنازة،
هكذا صار يتحدث الناس.!
شوف إبني، أبو سعيد! إن بعض الموظفين ، وغير الموظفين …. عندنا …. و ربما في بغداد أيضا…يريدون أن يترحم
الناس على أرواح … عبد الإله ، ونوري ، وإبنه صباح …. هذه هي المسألة.!
قلت …
” السالفة ” لطيفة، أيها العم… و مفيدة للذين يريدون أن يفهموا … لكن ” السوالف ” وحدها لا تكفي… خصوصا وأن الانكليز والأمريكان و الجنيهات و الدولارات …و الإذاعات و الشائعات … والأكاذيب ، و كلها …. موجودة ….تؤثر في
العقول والقلوب و بعض ” الضمائر ” و عليه ، ينبغي أن تكون على حذر ، فليس أخبث من الاستعمار في الدنيا ، و ليس
أخبث من جواسيسه.
و المسألة ، عندي … أيها العم ! ليست في أسعار البصل ، أو اللحم والدهن… بل ليست فيما يراه من مشاكل أخرى و
مضايقات و اعتداءات و قتل … بل هي في ” أصابع ” الاستعمار.. ” الأصابع ” التي ينسى وجودها البعض… ولا
ننساها، نحن الشيوعيين ، وهذا وعد أنني سأظل أذكر الناس … بالاستعمار ! … ووعد آخر … أني سأنقل بأمانة …
الى الشعب … الأفكار … و السوالف النافعة.
بحب الحرية، الموقن أن فجر الغد الأفضل آتٍ ، آت رغم أنف كل الطغاة و البغاة، ومهما إدلهمت العقبات وإشتدت.
عندما غيَّب البعثيون الفاشست جسده لم يكن عمره قد بلغ الرابعة والأربعين فقد كان مولده في بصرة الجاحظ عام 1920.
وبمناسبة عام ميلاده التسعين نشرت طريق الشعب خاطرة قصيرة عنه في كانون الثاني هذا العام ، وإحتفت المدى في شباط بهذه الذكرى ، وتعد الثقافة الجديدة ملفا عنه. وهذه واحدة من يوميات أبي سعيد في ” إتحاد الشعب ” ، عام 1960. حمدان يوسف )
إلتقيت في البصرة بتاجر “وسط ” كان حديثه يدور، شأن الكثير من الناس… في الشكوى من إرتفاع الاسعار…. الدهن…اللحم….، صابون أبو الهيل…. السمك …. الصبور…. و البصل بشكل خاص.
شوف إبني … كل أنواع المرق … الباذنجان، الفاصوليا، السبيناغ ، الطماطة… ما عدى مرق ” الشجر ” تحتاج الى البصل… وكذلك الدجاج المحشي….و السمك المحشي….وأنواع الكبة و الدولمة.. تحتاج اليه….و سعر الأُوقية …. يعني
حقتين ونصف إسطنبول ، من البصل بـ 600 فلس …. بينما السكر الانكليزي… يصنع في بريطانيا العظمى، ويدفع عليه
” نول ” الشحن، وأجور حمالية،,,, و ” خانجية” … و “دلالية ” ، وكمرك، وأرباح تاجر جملة ومفرد ، ثم تشتريه بنصف
سعر البصل ، شفت إبني.. هذي أينَ… ومتى صارت؟
قلت : إذا لم يبق شئ… غير البصل… تفكر فيه من ” أشياء ” في البصرة … رغم لذة البصل مع الدجاج المحشي….
و لذة البصل مع الخبز الناشف… في طعام بعض الناس .. فإني لا أرى رأيك في ….التشاؤم من سعر البصل… إن
ضجة البصل… تشبه ” رائحة ” البصل، فهي أكبر و أضخم من حقيقتها… البصلة صغيرة و رائحتها تملأ البيت….
و” ضجتها ” تملأ المدينة… و آكل البصلة ” يفضح نفسه إذا نطق… أليس كذلك؟
و في إعتقادي …أيها العم …أن فقدان الـبصل من الأسواق مسألة بسيطة…فيكفي جلب 100 طن الى البصرة… أي عشرة ” شاحنات ” قطار …. وبعدها عشرة… فيعود سعر البصل الى وضعه… فالمسألة بسيطة … و لا ينبغي تكبيرها… و لاينبغي الإصغاء للشائعات التي يروجها أعداء الجمهورية خصوصا – منهم – جواسيس العهد المباد .
قال … شوف إبني… نحن… أنا وأولادي لا نتعاطى السياسة … و ليست لنا مداخلات… و الحمد لله … و شكره حتى
مراجعة المحاكم… ولهذا السبب … لا نبيع بالكمبيالة و لا أعطي دينا بفلس… أحمر.. بل أبيع نقدي، أنا أضع نقودي في
الجيب.. و أنام مرتاح البال، ولكن ما تفضلت به من وجود الجواسيس وأهل الطمع والرشوة و آكلي المال الحرام ….
هو صحيح… وهو سبب المشاكل.
أحكي لك ” سالفة ” في المعنى الذي في فكري ، يقال .. أن ولدا يتيما ..كان يسمع الناس ، من كل صوب .. يشتمون أباه. وهو لا يدري سببا لغضب الناس على أبيه .. ” المرحوم ” …. وكان يسأل أمه عن السبب ، فلا يلقى عندها الجواب حتى زهق …. و ضاق ذرعا بالحياة وبالناس فراح يهدد أمه و يضيق عليها الخناق…. لتكشف له السر… حتى أخبرته …بأن الوالد ” المرحوم ” كان ينبش القبور، ويسرق أكفان الموتى، فاحتقره الناس جميعا و كرهوه، وشتموه و لعنوه ، حياً و ميتاً.
وراح الولد، إبن الملعون، يفكر كيف ” يحسن ” سمعة أبيه … ويخلص روحه من اللعنة… فذهب الى المقبرة، وصار “ينبش ” القبور …. و يسرق أكفان الموتى – كما فعل أبوه من قبل – و يزيد على ذلك بأن يمثل بأصحابها …. حتى
اشتهرت فعلته.. وصار الناس يترحمون على أبيه … فقد كان أبوه … يسرق الكفن، رحمه الله ، و لا يمثل في الجنازة،
هكذا صار يتحدث الناس.!
شوف إبني، أبو سعيد! إن بعض الموظفين ، وغير الموظفين …. عندنا …. و ربما في بغداد أيضا…يريدون أن يترحم
الناس على أرواح … عبد الإله ، ونوري ، وإبنه صباح …. هذه هي المسألة.!
قلت …
” السالفة ” لطيفة، أيها العم… و مفيدة للذين يريدون أن يفهموا … لكن ” السوالف ” وحدها لا تكفي… خصوصا وأن الانكليز والأمريكان و الجنيهات و الدولارات …و الإذاعات و الشائعات … والأكاذيب ، و كلها …. موجودة ….تؤثر في
العقول والقلوب و بعض ” الضمائر ” و عليه ، ينبغي أن تكون على حذر ، فليس أخبث من الاستعمار في الدنيا ، و ليس
أخبث من جواسيسه.
و المسألة ، عندي … أيها العم ! ليست في أسعار البصل ، أو اللحم والدهن… بل ليست فيما يراه من مشاكل أخرى و
مضايقات و اعتداءات و قتل … بل هي في ” أصابع ” الاستعمار.. ” الأصابع ” التي ينسى وجودها البعض… ولا
ننساها، نحن الشيوعيين ، وهذا وعد أنني سأظل أذكر الناس … بالاستعمار ! … ووعد آخر … أني سأنقل بأمانة …
الى الشعب … الأفكار … و السوالف النافعة.