في مجتمع مثل مجتمعاتنا العربية المبتلية بديمقراطيات ورقية زائفة، لا بد أن يكون للمثقف الحقيقي، بشكل خاص، دور فيما يحدث، ورأي في المسارات المجتمعية، ونظرة فاحصة للوقوف على أسباب تدهور المجتمع، وهو دور مهم لأنه، وأعني المثقف الحقيقي، يُعد من النخبة، ويعوّل عليه عامة الناس في وضع الحلول للمشكلات المجتمعية، لكن على ما يبدو أن الأمر مختلف جدا، فلم يعد المثقف الحقيقي قادرا على القيام بدوره المنشود، فهو اما أن يكون منعزلا، او معتزلا فيما الطارئون يملأون المكان، والمتصيدون يدورون حول فتات موائد السياسيين، ويُمنحون الفرصة في أن يكونوا في الواجهة، يدافعون عن هذا وذاك دون أن يلتفتوا لعامّة الناس.
أينما ولّيت وجهك تجد المثقف الأخطبوطي، هو في كل مكان، وهناك عدد غير قليل منهم من اخترق حاجز الشعر والقصة والرواية ومختلف الفنون، وصار هو المنظّر لها بدعم سياسيين وأحزاب لم تضعهم في الواجهة الا لكي ينفذون ستراتيجية الخراب التي دمّرت بلداننا العربية، من مشرقها الى مغربها، هم يوهمون الناس أن المثقف موجود من خلال تصدّرهم للمشهد، وهو مشهد أقل ما يمكن أن نصفه بالتافه. يغطّون مثالب داعميهم بغربال لا يغيّر من قناعة حصيف.
المثقف الأخطبوطي راح يقوم بتدوير أفكار السلطة، وتوجهاتها، بما يغيّر من قناعات بسطاء القوم ليجعلهم مقتنعين بالأمر الواقع، راضين بأقدارهم، يثبّط من عزيمتهم ويخمد هممهمّ، ولا همّ للمثقف الأخطبوطي الا ملء جيوبه بالأوراق الخضر، واشباع معدته على حساب الآخرين المعدمين والمقهورين.
المثقفون الحقيقيون ليسوا في الواجهة، لأنهم حقيقيون، غير متملقين، يعملون بصمت دون ضوضاء، لا همّ لهم الا منجزهم الثقافي والأدبي، همم أبناء بررة للأرض، تجد هذا في كتاباتهم وأفكارهم.
تباً لزمن المثقف الأخطبوطي!
مقالات ذات الصلة
10/11/2024
21/10/2024