كما عادتي كل عام أكتب للشيوعيين فقط طيلة شهر آذار حتى عيدهم الأغر في 31/آذار::
في زورتي الأخيرة للبرازيل عرفت مامدى مكانة هذا العملاق الرياضي لدى الجماهير البرازيلية المحبة لكرة القدم . سقراط برازيليو سامبايو ، الشيوعي واليساري في السبعينيات والثمانينيات كان يبدي معارضته السياسية للنظام الديكتاتوري دون خوف ولاتردد وقام بتنشيط الديمقراطية في الفريق الذي يلعب معه (كورينثيانيز) وتحريضه ضد الإستبداد وكان يقول : بقيت في كرة القدم من أجل الثقل السياسي ضد المجتمع القمعي الذي يقوده العسكر . سقراط كان شجاعا وخطيبا فهو منذ صغره نشأ في عائلة مثففة متوسطة وكان أبوه مهتما بالأدب وكان يقرأ للفيلسوف سقراط حين ولد إبنه ولذلك أعطاه اسم سقراط . نشأ في صغره مولعا بكرة القدم الا أنه فضل أن يكون طبيبا وحصل على ذلك في أن يكون طبيب أطفال . ثم عاد أدراجه لكرة القدم 1979التي أحبها وأصبح من البارزين وقائدا لمنتخبه البرازيلي في العام 1982 . تزوج سقراط من الصحفية البارزة (كاتيا باجناريلي فييرا ) والتي هي الأخرى مناضلة لاتفارق يساريتها حتى الآن . كان سقراط مسرحياً يقدم الأعمال الوطنية الهادفة ، وكذلك كان موسيقيا ألف العديد من الإسطوانات التي تحمل اللحن الريفي البرازيلي .
في بداية الثمانينات قام الرئيس البرازيلي الحالي والشيوعي سابقا ( لولا داسيلفا) بتأسيس حزب العمال وكان صديقا حميما لسقراط وعملوا معا في مقارعة الحكم العسكري ، بحيث رفع سقراط شعاراً لفريق كورينثيانز( صوتٌ من أجل الإنتخابات) مع زملاءه الناشطين السياسين الرياضيين والمشجعين وأسس حركة أطلق عليها ( صوت الآن ) والتي أجبرت المجلس العسكري في عام 1984 على إجراء إستفتاء شعبي للرئاسة ، وتجمع أكثر من مليوني شخص يقودهم هذا البطل الرياضي ( سقراط ) وخطب على الملأ مطالبا الجماهير بالتصويت ، وفي وقتها كان يريد الذهاب الى إيطاليا من أجل اللعب مع نادي فيورنتينا ، وقال لهم إذا لم تصوتوا سأرحل من البرازيل أو بمستطاعكم التصويت للقضاء على النظام العسكري وعندها سأبقى في المنتخب البرازيلي ، وبما أنه كان المحبوب الأول لدى الجمهور الرياضي فصوتوا جميعا وتغيّر النظام العسكري بلا رجعة بفضل هذا البطل وجميع مناضلي الرياضة وغيرهم .
حاز سقراط على العديد من الجوائز ، منها : لقب بطل البرزايل عام 1981 ، أما في قائمة الفيفا 1982 فهو أفضل أحد عشر لاعباً في العالم ، ثم أفضل لاعب جنوبي أمريكي في عام 1983 . تم وضع اسمه في قاعة المشاهير ببلاده وصنف ضمن أفضل 125 لاعب في 2004، وضمن أفضل 60 لاعب في القرن العشرين . وقد سجل 236 هدفا في مرمى الشباك وهذا عدد هائل يحسد عليه . كان سقراط يفضل إمتاع الجماهير وهو يقود بلده للفوز دون أن يفكر بالعامل المادي كما لاعبي اليوم وملايينهم ولذلك في العام 1987 فضّل أن يترك الرياضة والتفرغ للطب وأنشأ مجمع سقراط الطبي في مدينة ( ريبيراو بريتو) . مات سقراط في العام 2011 عن عمر السابعة والخمسين بعد أن جعل بلاده على أعتاب الديمقراطية واليسارية حتى اليوم بزعامة صديقه الأقرب الرئيس( لولا داسيلفا) بحيث أصبحت البرازيل من الدول التي يشار لها بالبنان في الإقتصاد والحريات الشخصية وحق الإنتخاب .
هاتف بشبوش / شاعر وناقد عراقي