وسط الفوضى .. وقف القلم حائرا مترنحا يطالعني بعين مشفقة متوسلة .
في مورة الحيرة تطالعني الدواة بعيون المداد .. أزرق متوعّد .. بنفسجي متمرد ..
أحمر ثائر .. بني حائر .. أبيض مسالم .. وردي حالم .. برتقالي متطلع .. أخضر منفتح .. أسود باطش .. أصفر طائش ..
إنها انفعالات الإنسان وفق الأحداث والزمان والمكان ..
إنها ورشة إبداعه بما ينطق به يراعه .
حتى متى أيها الظلم ؟ سيبقى معظم ما يُكتب اليوم منحنيا تحت مقصلة حمى الإنتساب للشعر من عدمه ؟
قد كثر الأخذ والرد واستباحت دموع المداد تناحرات الضد للضد .. من إستعلاء العمودي واستشراء النثري .. وتمرد الحر .. وزخم الخاطرة ..
حبلى بالمعاني الجديرة بالتأمل والإحترام قريحة الإنسان . مشاعر لا حد لها يتناولها القلم بترجمة وجدانية وتعبير ذاتي ..
ما هي المقاييس الحقيقية ؟ وأين توجد ؟ .. من وضعها؟ وما دورها في النهوض بالحرف العربي الحر إن صح التعبير ؟ داخل محكمة يكثر فيها الجدال والإختلاف .. أين الإحساس من كل هذا الباطل في تقييد المعنى وفق المبنى ؟ وهل من الضروري أو العدل اليوم أن يتقيد مصطلح “شعر” بضوابط وضعت في الجاهلية؟ مع كامل إكباري واحترامي للعمودي الموزون ..
أجزم بأن النص الوحيد الذي لا يحتاج لتطوير ولا لتغيير على مر الزمان هو النص القرآني المجيد .و ما عدا ذلك فانه قابل بل ويحتاج لتناوله بالإضافة واعادة النظر من باب الإرتقاء والإنفتاح على الثقافات الأخرى ومن باب مسايرة الحداثة وتلاقح الحضارات ..
يبقى نصا شعريا الصورة التعبيرية وفق قدرة صاحبها على إيصالها بتركيز مضاعف من التأثير وتبليغ المعنى بأقل ما يمكن من عبارات بعيدا عن السرد المبتذل والإستطراد و مع تجنب قدر الإمكان بداية السطر بواو عطف لأن الأولى بها إذاك أن تلتحم بما قبلها مباشرة و تفكيكها لا يضيف شيئا لها .. إذ لا يكفي تذييل السطر بقافية معينة ما دام المعنى غير مستقل بذاته ..و يبقى نصا شعريا وإن لم يلتزم بقافية بين الفينة والأخرى ما دام مقنعا في أداء وجه من وجوه الحياة بمستوى يراعي الجمال والذوق العام وخاليا من الأخطاء في الكتابة والتي من شأنها أن تنزل بمستوى النص وتبتذله في نظر المتلقي الذي ينتظر في النهاية إبداعا يلامسه وينطق عنه ..
هذا رأيي باختصار