
توطأ محمد الخرباش مع التاريخ وعاد بنا في روايته الجديدة التي سماها “بني مكادة حكاية منسيين” على حواف طنجة” إلى بداية الألفية الثالثة و بالضبط سنة 2003. هذا التواطؤ المقصود مع الزمان أخذنا أيضا إلى جغرافيا ومكان جديد ومغاير لكل الأعمال الادبية التي دارت احداثها في طنجة والتي كانت تختصر طنجة كفضاء في المدينة العتيقة
ولعل ابرز الأعمال التي صدرت في هذا الاطار حملت أسماء أماكن معروفة بالمدينة القديمة ،وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد رواية جوزيف كيسيل (joseph kessel)“au grand sacco” والمقصود بها “السوق البراني” و رواية السوق الداخلي للكاتب محمد شكري.
الروائي المغربي محمد الخرباش كانت له وجهة نظر اخرى عندما اصدر عمله الجديد “بني مكادة حكاية منسيين” على حواف طنجة. وذلك بتمرده على فضاء القصبة ومرشان ومقهى سنطرال ليأخذنا إلى عوالم أخرى مختلفة منذ بداية الفصل الاول المعنون ب( تفجيرات الدار البيضاء ). ويرحل بنا عبر الزمان والإنسان في خط سردي متصاعد و يجول بنا عبر فضاءات مكان جديد ومغاير بعيداً عن ضوضاء حارة”السوق الداخل” ودروب ” المدينة القديمة ” وذلك بتقديم وصف دقيق للمكان والزمان والإنسان من داخل الحي :
“ليس ببعيد عنه يقف بعض أبناء الحيّ الذين تصلَّبت و تحجّرت أبدانهم عند مدخل كلّ زقاقٍ.. إنهم يفضَّلون التوكؤ على أعمد الكهرباء طيلة النّهار، لا يغيّرون من وضعيتهم تلك ،يظلّون عليها من الصّباح الباكر إلى غروب الشّمس ويكرّرون الأمر كل يومٍ كأنّهم مسامير تمّ دقّها بعنايةٍ”
” داخل هذا الفضاء بسوق “بئرالشعيري”، لا حاجة للمناداة باستقلالية المرأة، ولا مزيد للحديثٍ عن “الفيمنست”.. ولن تجد فلسفةً تتحدّث عن حقّ المرأة في الحصول على فرصتها في الشغل…فالظّروف المعيشية دفعت بالعديد من النّساء إلى سوق العمل”
« يتجمهر النّاس قرب “مدرسة ولادة” حول عربة بيع” شرشيشة”، أو النّقانق؛ مذاقها الحار جِدًّا، وثمنها الرّخيص يجعلان الشكوك تحوم حول نوع اللّحوم التي تقدَّم لزبائنها »
” . كلّ الأشياء تؤكل بسوق بئرالشعيري ما دامت تجد طريقًا إلى المعدة، في تجسيدٍ حقيقيٍّ لمقولة “ماركس”: “إنّ تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطّعام”… إنّها “بني مكادة”، وليست الصّين الشعبية!”