الدراما لها التأثير الكبير على إرساء اهداف وقيم إلى الشخوص والمجتمعات، وهذا كان مشهود وملحوظ ومعترف بها على مدار عقود زمنية طويلة، ولكن ولنكن صرحاء مع أنفسنا بالفترات الأخيرة الدراما أو لنكن منصفين الغالبية من العروض الدرامية أخذت جانبا آخر لا يهدف إلا لبعض التسلية غير الهادفة والتى لا تحمل رسائل تضيف إلى المجتمعات، ما الأسباب؟ طرحنا هذا على البعض.
—
الدراما العربية والثقاقة في الزمن الراهن- الواقع والآفاق
جواد العوالي- أستاذ اللغة العربية/ كاتب و أديب مغربي
تمهيد :
مثلت الدراما العربية مرآة للمجتمع، وأداة فعالة في بث الوعي الفكري و الإنساني ، ترسيخ الهوية الثقافية ، كما عكست قضايا المجتمع وتطلعاته، وتلامس همومه. غير أنّ التحولات التي شهدها المشهد الإعلامي العربي خلال العقود الأخيرة خاصة مع سيطرة شبكات التواصل الاجتماعي على جل مناحي الحياة، والتي أضعفت الدور الثقافي للدراما لصالح توجهات تجارية تلهث خلف نسب المشاهدة والإعلانات. يطرح هذا التحول أسئلة ملحة حول واقع الدراما العربية اليوم، وجدواها الثقافية، ومآلاتها المستقبلية.
أولاً: الدراما والثقافة أية العلاقة؟
الدراما في جوهرها خطاب ثقافي. إنها تُنتج الرموز، وتشكّل التصورات المجتمعية ، وتنقل التراث، وتعيد مساءلة الواقع. إلا أنّ هذا البُعد الثقافي أخذ يتراجع لصالح دراما استهلاكية، تقوم في الغالب على الإثارة و التشويق دون الاهتمام بالأبعاد الثقافية، والعلاقات النمطية ، مما نتج عنه أعمالًا تُكرس أنماطًا سلوكية غير متزنة، واختزال الواقع في صور سطحية و روتينية ، وهذا التراجع في المضمون أدى إلى تنامي الشعور لدى المشاهد والمثقف بالحاجة إلى دراما تعيد الاعتبار لمنظومة القيم و الثقافة، وتساهم في بناء إنسان أكثر وعيًا ومسؤولية.
ثانياً: أسباب التراجع
يعود هذا التراجع إلى جملة من العوامل المتداخلة، إذ باتت غالبية الأعمال تُنتج وفق حسابات الربح والخسارة (منطق السوق)، لا وفق رؤية ثقافية مدروسة. فبينما كانت أعمال الكتاب تُستلهم درامياً، أضحت المسلسلات الحالية تعتمد على نصوص مستعجلة، خالية من العمق. وهذا راجع بالأساس إلى عجز المؤسسات الإنتاجية عن استقطاب الكتاب والمفكرين، مما خلق فجوة بين النخبة والمخرجين صنّاع الدراما؛كل هذه العوامل ساهمت بشكل أو بآخر في تغيرالجمهور نتيجة هيمنة ثقافة الاستهلاك السريع (الفيسبوك ، تك توك، انستغرام )، أصبح الجمهور يبحث عن الترفيه أكثر من التثقيف، وعن فيديوهات قصيرة يشاهدها في دقائق دون ملل .ومن جهة أخرى ظهور قنوات المؤثرين في يوتوب أدى إلى تحول في البنية الاجتماعية و فتح مجال أمام أشخاص (الجمهور)لا صلة لهم بالتمثيل أو الثقافة ..
ثالثاً: من المسؤول؟
لا يمكن تحميل طرف واحد المسؤولية، فالتراجع الذي تشهده الدراما يعكس خللا أوسع في النظام الثقافي العربي وسياق التحول الرقمي . تقع المسؤولية على الدولة لتخليها عن دعم الإنتاج الثقافي، وغياب رؤى واضحة للسياسات الإعلامية. وكذلك النخب المثقفة التي لم تبذل جهوداً كافية للانخراط في المشهد الدرامي.
رابعاً: نحو استعادة وتجديد الدراما الثقافية :
حتى تستعيد الدراما دورها كفاعل ثقافي، نقترح:
• إحداث دعم للأعمال الدرامية مستندة إلى نصوص أدبية رصينة.
• تشجيع الكتاب والمبدعين على المشاركة في كتابة السيناريو، وتكوين فرق كتابة متعددة الاختصاصات.
• إدماج الدراما كموضوع دراسي نقدي في المناهج الجامعية، لتكوين جمهور واعٍ .
• خلق نوادي ومراكز مدرسية تهتم بالدراما ، وتربي النشء على الإبداع الدرامي .
خاتمة
الدراما ليست ترفا فنيا، بل ضرورة ثقافية. واستعادتها وتجديدها رهينة بإرادة جماعية تعي أنّ المعركة الثقافية اليوم ليست معركة ترف، بل معركة وجود وهوية. وكما قال إدوارد سعيد: الثقافة ليست مجرد ترف فكري، بل هي شكل من أشكال المقاومة، فإنّ إعادة الاعتبار للدراما هي جزء من هذه المقاومة.
—
الدراما بالوقت الراهن وكيف نعمل على تطويرها لخدمة الحالة العربية.. بقلم سامر المعاني
تعد الدراما من ابجديات نهضة الامة ورقيها وثقافتها حيث انها من المفروض تكون مرآة المجتمعات وتحمل لغتها وارشيفها وعاداتها وتقاليدها وتحمل جغرافيتها وسياستها وتكوينها وبعدها الحضاري والإنساني في جميع الأجناس الفنية المرئية والمسموعة والمقرؤة.
لقد شكلت الدراما المصرية في العقد الماضي جيلا عربيا يحفظ اللهجة المصرية وجغرافيتها وعاداتها وتقاليدها وانتقلت وتطورت لتكون ملهما للشباب العربي وجميع الاجيال في الدراما التراجيدية واغنائية والكوميدية لتؤسس لجيل قومي عروبي يحمل هم جميع القضايا العربية ومن ثم شاركتها الدرامات العربية كافة وخاصة السورية التي اصبحت في غرة الأعمال العربية.
ساهم في انتعاشها وجود الكاتب العربي المثقف الحصيف القادر على نقل واقعه لحروف تجسد الروح العربية الواثبة والتي تجعل من المصاعب والضغوطات انجاز رغم الفقر وقلة الموارد والاستعمار وغيرها من الظروف الصعبة.
فكان نجيب محفوظ واسامة انور عكاشة وممدوح عدوان ووحيد سيف وكثير من الكتاب العرب الذين حققوا نجاحات عالمية ولكنها للأسف سيطرة القوة الاقتصادية الخاصة على الحكومية وسيطرة الافراد على المؤسسات لتصبح دراما تجارية بحتة من الكتابة حتى اخراج العمل فضاعت الرسالة وتاهت البوصلة ورخص الثمين وازداد حضور الرقص والإغراء وتمييع الحالة الاجتماعية والسياسية وغابت كل محفزات الوحدة والدفاع عن الحق العربي ومنها ما اصبح يملى عليها الأفكار والمعتقدات لتصبح اعمال للرفاهية حتى اصبحت الاعمال غير العربية تسيطر على أهم الشاشات العربية.
ان المتابع لحالة الدراما العربية عبر امتداد مئة عام يدرك أن انحراف البوصلة الواضح يهدف إلى ان يتبع المثقف والإنسان العربي الرائج بعيدا عن قيم دينه ومجتمعه فأصبحت ظاهرة جدا الشللية والتوريث الفني والدراما مقابل المال.
ومن الملاحظ بأن حتى الأعمال الدرامية التاريخية العربية أصبحت تشوه كثيرا من الحقب الزمانية والمكانية للأحداث والوقائع التي كانت يوما ما منارة وقدوة كما ساهمت في تفريغ محتوى المقدسات والأديان والأعلام الدينية والقومية على حساب التكنولوجيا والتطور ورفض معاداة الأديان والقوميات.
من المفروض ان تعود الدراما العربية لصورتها المشرقة في الولوج بقوميتها وحسها الديني والجمعي وأن تتبنى ما يوحدها وتترك ما ينفرها وان تتحدد بوصلة الصديق والعدو والعمل على النهوض بالفرد والأسرة والقيم العليا للمجتمعات مما يحفظ تماسكها وبناءها القويم والسليم في تعزيز مفهوم ودور القدوة والمعلم والأم والأب.
كما عليها ان لا تغفل عن دور التطور التقني والتكنولوجي والعلمي وان تواكب العصر والمتغيرات وان لا تبقى تقف عند رسائل البريد والزراعة بواسطة المواشي وان تنقل تطور المكان وادوات الحياة بصورة ايجابية وليس بالتقليد والتبعية العمياء.
——
بعض الدراما تخدم سلطة معينة أو توجّه إيديولوجي.. د.فاتن غربال – شاعرة وإعلامية/ تونس
الدراما في الوقت الحاضر قد تخدم، ولكن… تخدم وعي الجمهور: كثير من الأعمال الدرامية تناقش قضايا اجتماعية وسياسية ونفسية مهمة، مثل العنف الأسري، الهوية، الفساد، التفاوت الطبقي، الحريات… فتسهم في تحفيز النقاش وتوسيع وعي الناس.
تخدم سلطة معينة أو توجّه إيديولوجي: بعض الدراما تُستخدم كأداة دعائية، تلمّع صورة جهات معيّنة أو تروّج لقيم تخدم مصالح محددة.
في هذه الحالة، تكون الدراما وسيلة للتحكّم في الرأي العام لا لخدمته.
تخدم السوق والربح: هناك تركيز واضح في بعض الإنتاجات على الإثارة، العلاقات، العنف، أو الترفيه الخفيف، لجذب المشاهدات والإعلانات.
هذا لا يعني بالضرورة أنها تضر، لكنها أحيانًا تُهمّش الجودة الفكرية والجمالية.
تخدم القضايا الإنسانية: أعمال كثيرة تُنتج عالميًا وعربيًا تعكس الألم، النضال، الأمل، وتُظهر التنوّع البشري، مما يعزز التعاطف والتفاهم بين الشعوب.
غياب النص القوي
كثير من الأعمال تعاني من ضعف في الكتابة: سطحية في الطرح، تكرار في الأفكار، وافتقاد للرؤية الفنية أو الفلسفية. غياب كتّاب كبار قادرين على ملامسة الواقع بعمق يُضعف جاذبية العمل الدرامي.
الرقابة والتوجيه الإيديولوجي
تدخّل الرقابة السياسية أو المؤسسات الرسمية يحدّ من حرية الطرح ويشوّه العمل الفني. أحيانًا تُفرض مواضيع أو تُمنع قضايا مهمة من التناول، مما يُفقد الدراما مصداقيتها.
هيمنة منطق الربح التجاري
أصبح الهدف الأول من بعض الإنتاجات هو كسب المال عبر الإعلانات والمشاهدات، مما أدى إلى تراجع الجودة لصالح الإثارة السطحية أو العلاقات العاطفية المفتعلة.
غياب التمويل أو سوء توزيعه
ضعف الدعم الحكومي للثقافة، أو تركيز الإنتاج على نجوم محددين بأجور ضخمة، يقلل من فرص تطوير محتوى متنوع وجاد.
تأثير المنصات الرقمية والتنافس
المنصات العالمية (مثل نتفليكس وغيرها) فرضت معايير جديدة في الإخراج والسرد، ولم تستطع كثير من الدراما المحلية مجاراتها. الجمهور أصبح أكثر تطلبًا، والخيارات أمامه واسعة.
انفصال الدراما عن الواقع
حين تبتعد الدراما عن قضايا الناس وهمومهم، أو تطرحها بطريقة مشوهة أو سطحية، تفقد أثرها الاجتماعي والثقافي.
تراجع الذائقة العامة أحيانًا
سيطرة ثقافة الاستهلاك، ووسائل التواصل الاجتماعي، وضعف التعليم الفني والثقافي… كلها تؤثر في الذوق العام وتقلل من تقدير الدراما الراقية.
—-
الدراما هي خطاب جمعي.. أحمد طه حاجو/ ناقد ومخرج مسرحي عراقي
الدراما هي خطاب جمعي موجه لأرسال العديد من الرسائل لأكبر عدد من الافراد ، عبر الشاشة الصغيرة، وتعد الاكثر والاسرع انتشاراً بين مختلف طبقات المجتمع، وبما ان الدراما تمتلك هذه الامكانية فيفترض على القائمين عليها ان يحسنوا اختيار خطابهم الداعي لنشر الوعي والقيم السامية ، بعيداً عن الربح السريع، لان التفكير بالدراما وفق مبدأ الربح والخسارة سيطيح بها ويحرف مسارها إلى قضاياً تجارية، فنرى بعض القنوات وشركات الانتاج لا تولي اهتمام بإنتاج نوع الدراما، بل تفكر بالعكس تماماً فنراها تهتم بإغراء المشاهد عبر زج المشاهد الساخنة والتركيز عليها، ليضمنوا مشاهدات عالية وبالتالي يصب في صالحهم التجاري. فاذا اردنا العودة الى الدراما الحقيقية، فينبغي الالتزام بماهية محتوى العمل الدرامي فحصه بدقة ووضع معايير والاتزام بها، كي تعود الدراما لسابق عهدها عندما كانت خير معلم تربوي للأجيال ..
—
الدراما: تشجيع الطاقات الشابة الصاعدة.. د.جميلة الوطني/ البحرين
بتمعن في المشهد الراهن، يتجلى أن صرح الدراما العربية قاطبةً، والبحرينية على وجه الخصوص، وبالتحديد جناحيها التلفزيوني والمسرحي المتمثل في فن المونودراما، يعاني وطأة انحسار في بعض جوانبه..فمع إشراق عصر التقنية وتعدد وسائطها، تبارت المنصات في استلاب لب المتلقي، مما أورث فتورًا في الإقبال على ضروب الدراما التقليدية.
بيد أني من خلال سؤالك الذي استدعى في الكثير أستشرف في غمار هذا التحول الرقمي، تباشير فجر جديد يلوح في الأفق، مبشرًا بازدهار الدراما وتجدد ألقها.. غير أن ثمة سؤالًا يتولد من خلا سؤالك استدعى مني وقفة تأمل عميقة.. ما هي الجذور العميقة لهذا التراجع؟
في نظري، تتشابك أسباب عدة لتشكل هذه الظاهرة؛ أولها، التحولات الطارئة على عادات الاستهلاك لدى الجمهور، حيث يجنح الكثيرون نحو ارتواء نهمهم المعرفي والترفيهي عبر فضاء الشبكة العنكبوتية، تاركين خلفهم الشاشة الفضية التقليدية. ثانيها، ما نشهده من فتور في وهج الجودة والإبداع في بعض الأعمال الدرامية، الأمر الذي أفضى إلى نفور المشاهدين وعزوفهم. وثالثها، الأثر البالغ السلبية للقيود الرقابية التي تكبل طموح حرية التعبير في هذا المضمار الحيوي.
في تقديري، ان من يتحمل وزر هذا الانحدار أطراف عدة؛ بدءًا بالمنتجين والمخرجين، الذين يفتقر الكثير إلى رؤية فنية سامقة أو يغلبون كفة الربح المادي على معايير الجودة الفنية الرفيعة.. مرورًا بالجهات الرقابية، التي تفرض سياجات تحد من انطلاق الإبداع ورحابته. وصولًا إلى الجمهور نفسه، الذي قد لا يبدي سندًا كافيًا للأعمال الدرامية السامية أو يفضل اقتناء الغث على السمين.
وإذا ما وجهنا بصرنا شطر الدراما في مملكة البحرين كأنموذج مصغر، نتبين بجلاء تراجعًا في بعض ملامحها، يتجلى في شح فيض الإنتاج الدرامي المحلي وتأثير التيارات الثقافية الوافدة على هويته.. ومع ذلك، يحدوني رجاء وثيق في قدرة الدراما البحرينية على استعادة ألقها والارتقاء بمستواها من خلال احتضان الطاقات الإبداعية المحلية وتنمية جذوة الابتكار.
وعلى الرغم من كل ما سلف، لا يزال يحدوني يقين راسخ بأن الدراما البحرينية ما زالت تختزن في طياتها المقومات الكفيلة بإحداث أثر إيجابي في نسيج المجتمع والثقافة البحرينية الأصيلة.
ارى لكي نعيد الدراما إلى تبوأ مكانتها اللائقة في صدارة المشهد الثقافي أن ثمة دروبًا عدة يمكن سلوكها؛ أولها، إرساء دعائم راسخة للإبداع والجودة في صلب الأعمال الدرامية، واستنطاق قيثارة الفن بأعذب الألحان. وثانيها، تسخير قوى التقنية الحديثة، لجعل الشاشة مرآة تعكس آمالنا وتطلعاتنا، وتوسع آفاق وصولها إلى أوسع شرائح الجمهور. وثالثها، ضرورة احتضان الجمهور للأعمال الدرامية المتميزة التي تحمل بين طياتها فكرًا ورؤية، والاحتفاء بها كما نحتفي بدرر الكلام… والأهم من كل ذلك، تشجيع الطاقات الشابة الصاعدة في ميدان الدراما، ورعايتهم كما نرعى براعم الأمل، وتوفير كل سبل الدعم اللازم لرعاية إبداعاتهم وابتكاراتهم.
——-
الموضوعات التي تعالجها الدراما مُستهلكة وغير هادفة.. نعيم آل مسافر- روائي عراقي
لتشخيص مشكلة الدراما العربية في الوقت الراهن لابد لنا من الدخول عن طريق الدراما المصرية، لأنها الأكثر عراقة وغزارة في الانتاج، والأعمق تأثيراً في وعي الشعب العربي بشكل عام، عندما كانت سيناريوهات الافلام تُكتب عن روايات لنجيب محفوظ واحسان عبد القدوس ويوسف أرديس وآخرون، والمسلسلات لأسامة أنور عكاشة وصالح مرسي ويوسف معاطي وغيرهم.
أما الآن فإن الموضوعات التي تعالجها الدراما مُستهلكة وغير هادفة، فقد اختلف الخطاب الدرامي بحجة أن (الجمهور عاوز كده)، أي النزول إلى ذوق الجمهور في عصر التفاهة بدلاً من الارتقاء به. وبدأ الابتذال منذ انتشار المسلسلات المدبلجة والتركية وتقليدها، فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الجمهور يميل إلى المقاطع القصيرة والسكيجات مما يقلل المشاهدات التلفزيونية. كما أن عرض كل عمل دارمي جديد أصبح منحصرا بشهر رمضان، مما يؤدي إلى تزاحم المشاهدات، وهذا بدوره يؤدي أيضا بكادر العمل إلى الاستعجال في انتاجه كي يُعرض في رمضان على حساب الجودة الفنية. وتتحمل كل ذلك المؤسسات الفنية والمنتجين بل حتى الممثلين الذين يقبلون أي دور.
ونقطة الشروع للعودة بها إلى صدارة المشهد فلابد من التركيز على كتابة السيناريو الذي يكون مستمداً من قصص وروايات ذات قيمة فنية عالية، وبهذا تشترك عدة مواهب أو عدة عقول في تقديم العمل (الكاتب، السيناريست، المخرج) ناهيك عن المنتج والمصور والممثل. وفك ارتباط عرض الأعمال مع شهر رمضان، واختيار أعمال تلامس هموم المواطن العربي اليومية، وتشظي هويته، وقضاياه الكبرى في التحرر والانعتاق من القيود التي تعيق تقدمه الثقافي والاقتصادي والحضاري.
—-
كيف تخدم الدراما الثقافة؟.. خمائل ياسين/ سيناريست سودانية
إن تطرقنا في بادئ الأمر إلى تعريفات منفصلة لكل منهما فسنجد أن الدراما هي:-
نوع من الفنون التي تهدف إلى تقديم قصة أو موضوع معين من خلال الحوار، الحركة، والتمثيل
أما الثقافة هي:
مجموعة من القيم والمعتقدات، والعادات، والتقاليد التي تشكل هوية مجتمع أو مجموعة معينة وهي كذالك الإرث الفكري للمجتمع الذي يتم من خلالها فهم وتفسير الأعمال الفنية والأدبية.
فالتعريفان متداخلان بصورة ما ومتقاطعان، وبالشرح والتفسير نجد أن الدراما هي وسيلة لترجمة تلك الثقافات والتعبير عنها ونقلها.
ما أسباب تراجع الدراما؟ ومن المسؤول؟
يمكن ألا نسمي ذالك تراجع وإنما تشكيل في قوالب جديد متطورة، لأن الدراما تظهر بطريقة ما حتى إن لم نكن كما عهدنا من خلال الأعمال الدرامية التي تسمى ثوابت كالمسلسلات الطويلة والعروض المسرحية وغيرها.
اليوم قد نجد الدراما في مقطع فيديو لرجل يقدم فنا أو يسرد قصة من مكان عمله في دولة ما بلغة ما تعكس ثقافته، أو فتاة ما في دولة أخرى تقدم مشهدا تمثليا على أغنية لفنان من دولة أخرى بحركات تعبر عن منطقتها أو هويتها أو تقاليدها، وهذا كما ذكرت سابقا تعريفا للكملتين وقد تحقق بطريق جديدة،وهذا يلفتنا إلى تطور الأدوات والأساليب في العرض الذي يجبرنا على المواكبة
من المسؤول؟
بما أنه ليس تراجعا فليس هناك مسؤول ولكن يمكن تسميته تغير في تفضيلات الجمهور الذي كان يجمع على شكل محدد من إستقبال العروض الدرامية إلى جمهور متنوع ومستكشف ورقمي إن شئنا القول، أي جمهور يعتمد على العالم الرقمي الذي تحكمه وسائل التكنلوجيا الحديثة ومنصات الترفيه.
كيف نعيد إصداها للمشهد الثقافي؟
أولا: المواكبة.. نعم، إختيار الوسائل والأساليب التي يفضلها الجمهور للعرض، لذالك يجب أن تكون الجهات المعنية أكثر مرونة وملاحظة لكل التغيرات التي تشمل الاقتصادية والسياسية.
ثانيا: تصدير الدراما كتعريف ومجال من خلال الأعمال، أي مثلا كتابة أعمال تتحدث عن تطورات الدراما،أثرها، ضرورتها، وتحولاتها، وأهميتها وتقديمها بأحدث طرق العرض.
إعادة إحياءها من خلال السرد الأدبي وتخصيص كتب ومقالات تعرض من خلال المجلات والجرائد الرقمية التي أصبحت مسيطرة.
تقديم البرامج الحوارية التي أصبحت متطورة أيضا على شكل بودكاست تهتم بصورة خاصة بالتحدث عن المطلوب.
—–
النهوض بالدراما واجب وطني.. بقلم حسن الموسوي/ العراق
مما لاشك فيه ما للدراما من دور رئيسي في توعية المجتمع من خلال المسلسلات التي كانت تطرح المشاكل الاجتماعية الخطيرة ليشاهدها الملايين من خلال التلفاز .
ان تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية و محاولة تذليلها و حلها هي السمة الابرز للدراما العربية ؛ لذلك كان هناك رابط قوي مابين المشاهد و التلفاز ، لكن الدراما قد تراجعت للأسف الشديد لأسباب عديدة منها ضعف الإنتاج و مشاكل التسويق و ارتفاع أجور العاملين في هذا المجال بالإضافة إلى تناول مواضيع سطحية لا تخدم مجتمعاتنا الغارقة في التخلف .
في السابق كانت الدراما هي البوابة التي يطل من خلالها الأديب العربي ، فمعظم روايات نجيب محفوظ قد تم تحويلها إلى افلام سينمائية و مسلسلات تلفزيونية و هذا ما حقق انتشارا واسعا للكاتب ، و عندما تراجعت الدراما لم يجد الكاتب من يسوق لأعماله ، لذلك لجأ إلى معارض الكتب و التي بدورها تعاني من مشاكل فنية تتمثل بقلة الطلب على الكتاب و ارتفاع أجور المشاركة في المعارض .
و لحل هذه المشكلة على المسؤولين أن ينهضوا بالدراما من خلال الدعم الحكومي لكي تأخذ الاعمال الأدبية طريقها نحو دور السينما و شاشات التلفاز .