اية صدمة تلك التي تملكتني وأنا استلم رسالة من طالب البديري من البصرة مختصرها (مات نزار كاسب)..؟ واية ذاكرة اتسعت لتمتص كل الأيام والليالي والسنوات وتظهر وجه ذلك المجنون العاقل بقامته القصيرة وهو يصرخ بأعلى صوته (ياموت، خذ روحي وأعد لي نور!)..؟
كل الرسائل التي استلمتها تشير الى موت الفنان.. وكم كنت اتمنى ان يكون كابوساً وليس حقيقة.. لكن الحقيقة أن فارساً من فرسان كاروك قد ترجل..
اتذكرك الآن يامن كسبت موتك وحياتك رغم ضيمها حين جئت الى الفندق بعد انتهاء عرض مسرحية كاروك لمخرجها العبقري الرائع الدكتور حميد صابر عام 2001 ، كنت جالساً مثل هارون الرشيد يحفك الأصدقاء، فوقفت وقلت لي: (ايها الكبير اطلب ما شئت فاليوم يومك..؟) ضحكنا معاً وضحك معنا اصدقاؤنا وفي نشوة الفرح قلت أجبتك: (اريد سيجارة كوبي-جرود).. فوجئت انك تأتي بها لتطلب مني أن أجلس مثل ملك.. هكذا كنت يا نزار، مبدعاً في المسرح والحياة، استعجلت الموت فأبكيتنا.. واستعجلت الرحيل فأدميت قلوبنا..
أصدقاؤنا في البصرة احتفوا بك حياً ولست ميتاً، وما تناثر من ابطال كاروك في دول المنفى احتفوا بك على طريقتهم الخاصة.. لكن البصرة وقفت تتأمل ذلك الممثل البارع، فطري الإحساس والأداء، لتودعه..
نزار، هو الموت هذا الذي يذكرنا ببعضنا بعدما تسلطت علينا قوى لا قرار لها.. هو الموت الذي يقربنا من بعض بعدما ابعدنا الغرباء عن موطن الفرح الكبير.. هو الموت الذي يجعلنا نشعر بوجودنا بعدما رحل عنا كثيرون.. عام الموت هذا هو عام الحزن، فبعد استاذي وصديقي واخي الروائي الكبير كاظم الأحمدي قطف الموت زهرة زميلتي وصديقتي واختي الشاعرة الاعلامية ساجدة العبادي.. لا اريد ان اذكر كم من الأهل غابوا هذا العام لكني اشير الى من هم أهل روحي، فنان هنا، وروائي هناك وشاعرة..
(يا موت هل كنت تريد الموت لنور ام كنت تود تقبيلها فهويت!) هوذا يهوي الموت عليك يا كاسب الموت، هو ذا ينحني امامك اجلالاً يا من وقفت امام صلاح القصب لتقول لا استطيع ان اصافح جبلاً من الابداع.. وها أنت اليوم تصافح الموت لترحل عنا..
نزار، كاروك تنتظرك، وملابس العيد والجدار الذي حمل باخوسياتك ولواذعك ينتظرونك فهل من عودة..؟
(الى روح نزار كاسب أحد ابطال مسرحية كاروك)