لطالما أزعجني تراكم الوقائع والأحداث في ذاكرتي، وامتلاء دماغي بقضايا بعضها أتفه من أن تُحفظ، وبعضها أقل أهمية من أن تشغل حيزا من الفكر، أو تحدث ازدحاما في الطريق، وكان تفكيري مع وجودها؛ يبدو مزدحما جدا إلى درجة الاكتظاظ المزعج وكانت باقي المعلومات تتعثر في طريقها، ولا تصل إلى بغيتها إلا بصعوبة بالغة.
ولكني وجدت مؤخرا أن تقسيم الدماغ إلى حُجرٍ متعددة يعيد ترتيب الأوضاع بشكل سليم، فقسمت عقلي إلى قاعات صغيرة وكبيرة، وأطلقت عليها أسماء تتواءم مع المحفوظات التي تدخل إليها، وخصصت لتلك التراكمات التي كانت تزعجني حجرة أطلقت عليها اسم “ومن يهتم لذلك”، ومن دون كل الحجر الأخرى لم اجعل لها بابا أو شباكا اطل منهما على محتوياتها مثل باقي الحجر، وإنما جعلت لها كوة ضيقة في أعلاها، أحذف من خلالها كل ما لا يعنيني، ولا يجلب اهتمامي، وبذلك عاد الترتيب إلى فكري وبدأت الحجرات الأخرى تستقبل المعلومات دون أن يربكها زحام الطريق.
يا ترى كم يحتاج العراق من إخلاص وصدق وإيمان وصراحة وطيبة وروح وطنية وجهد لكي ننجح في قسيمه إلى حجرات، ونخصص من بينها أكثرها سعة وإحكاما لنلقي بها وفي عالم نسيانها كل التراكمات المزعجة التي تكدست في طريقنا منذ 2003 ولغاية هذا التاريخ فأوصلتنا إلى ما نحن عليه؟
ومن سيتولى مهمة وضع تلك التراكمات في مكانها، لكي لا تعرقل المسيرة، وتفتح الطرق لاستقبال الأفكار البناءة التي تسهم في تنمية الوعي الجمعي الذي فقدناه دون أن نتأسف عليه؟
مقالات ذات الصلة
14/10/2024